تضخم وحروب وأزمة عقارات.. كيف تبدو خريطة المخاطر لعام 2024؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

حديث لا يتوقف عن المخاطر المتوقعة لعام 2024، حيث من المفترض أن تستمر أزمة العقارات الصينية، وبالمثل، ستبقى معضلة التضخم ثابتة.

يأتي ذلك في وقت استقر الاقتصاد العالمي على ديناميكية عرّفها صندوق النقد الدولي على أنها "عرضة للصدمات".

تحديات جديدة

وقالت صحيفة "الباييس" الإسبانية إن "العالم استهلّ العقد الحالي بوباء عالمي (كورونا)، أدى إلى تجميد النشاط الاقتصادي تقريبا بالكامل".

وفي وقت لاحق، تبع هذه الأزمة العالمية ازدحام كبير في التوزيع أشعل شرارة التضخم، ثم جاء الغزو الروسي لأوكرانيا لتتسع دائرة الكارثة، مثل النار في الهشيم.

من المتوقع أن يحقق الاقتصاد تعافيا خلال هذه السنة، لكن مناطق مثل منطقة اليورو ستشهد نوعا من الضعف وستكون هشاشة اقتصادها ديناميكية سائدة.

كما أن خريطة المخاطر تنمو، ولم تعد التوترات الجيوسياسية تأتي من موسكو وبكين فحسب، بل أيضا من إسرائيل والبحر الأحمر خاصة أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة شنتا غارات جوية على عدة مدن يسيطر عليها "الحوثيون" في اليمن.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تضر زيادات أسعار الفائدة بالاقتصاد أكثر من اللازم.

كما لا يزال سوق العقارات في الصين يشكل تهديدا للاستقرار الاقتصادي.

عموما، هذه هي خريطة المخاطر الرئيسة لسنة 2024، بحسب "الباييس".

وقالت الصحيفة إن المؤسسات الدولية ترى أن المخاطر الناجمة عن الأزمات السياسية تكاد تكون بمثابة نوع من "الوضع الطبيعي الجديد".

وفي سنة 2022، ضربت الحرب الأوكرانية أسواق السلع والطاقة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وفي الوقت الراهن، يطرح العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة "تحديا جديدا".

توترات جيوسياسية

وبعد هذا الوضع الجديد، تركزت المخاوف الرئيسة على خطر ارتفاع آخر في أسعار النفط.

ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن زيادة أسعار النفط الخام بنسبة 10 بالمئة تؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 0.2 بالمئة وزيادة التضخم بما يتراوح بين اثنين وأربعة أعشار، وهي توقعات لم تتجسد على أرض الواقع إلى حد الآن.

وتتمحور المخاوف الأخرى حول انتشار الاضطرابات الجديدة في التجارة، التي ركدت عمليا في العام 2023.

ونوهت الصحيفة إلى أن كل الاهتمام يتوجّه حاليا نحو البحر الأحمر، الذي يمر عبره 12 بالمئة من التجارة العالمية.

وبعد العمليات التي قادها "الحوثيون" من اليمن، قررت غالبية شركات الشحن تغيير مساراتها وتحويل سفنها التجارية نحو رأس الرجاء الصالح، في جنوب إفريقيا، لتجنب عمليات القرصنة وهجمات الطائرات دون طيار بقيادة الحوثيين.

ويعني هذا القرار إضافة ما بين 10 و14 يوما من السفر، وبالتالي، ستكون هناك تأخيرات وزيادات في تسليم السلع والمواد الخام مثل الغاز أو النفط، التي كانت في الماضي تعبر البحر الأحمر وتدخل البحر الأبيض المتوسط ​​عبر قناة السويس.

وأشارت الصحيفة إلى أن سنة 2024 ستشهد أيضا نشاطا انتخابيا مكثفا.

وهناك فرص لعودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الأمر الذي قد يغير مسار الاقتصاد.

بالإضافة إلى ذلك، من المقرر إجراء انتخابات في المملكة المتحدة والهند والبرلمان الأوروبي، حيث سيتم اختبار قوة الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة مرة أخرى.

وفي السياق، قال كبير مسؤولي الاستثمار في ساكسو بنك، ستين جاكوبسن، إن "الصراعات الجيوسياسية في تنامٍ متواصل، واختفت الإنتاجية في الصناعة والثقافة والسياسة، ونحن منغمسون في هراء لا معنى له في عالم يحتاج بشدة إلى حلول للمياه الصالحة للشرب، والحماية من الفيضانات، وتغير المناخ، والأمن السيبراني، والتعليم، والبنية التحتية".

أسعار الفائدة

وأوردت الصحيفة أن البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم عمدوا إلى رفع أسعار الفائدة بشكل مفاجئ ومن الصفر عمليا.

ومنذ ذلك الحين، اتخذت السلطات النقدية أقصى قدر من الحذر، شأنها شأن ما يسمى بنظام الظل المصرفي (المقرضون غير المصرفيين، مثل صناديق التقاعد، وشركات التأمين، وحتى صناديق التحوط).

ورغم ذلك، لم يتمكنوا من تجنب فترات عدم الاستقرار، مثل تلك التي وضعت السلطات الأميركية في حالة من التوتر في ربيع 2023، حيث هزت الخدمات المصرفية الإقليمية، بقيادة بنك وادي السليكون، رقعة الشطرنج المالية العالمية.

وتعليقا على ذلك، قال الرئيس السابق للبنك المركزي الألماني، أكسل فيبر، إن "ما رأيناه كان علامات ضعف مبكرة، وأعتقد أنه ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد، أكثر مما جرى العمل به".

من جانب آخر، يعتقد المحللون أن البنوك المركزية قادرة على عرقلة ما يسمى الهبوط الناعم، الذي يعني رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم المرتفع.

ويؤمنون بهذه النظرية خاصة في أوروبا، في حال لم تكن عملية انخفاض التضخم مصحوبة بسياسة نقدية متماسكة.

كما سيصلون إلى نفس النتيجة إذا لم يتم تخفيض الأسعار لتكييفها مع الواقع الجديد.

في الوقت الحالي، أعطى البنك المركزي الأوروبي فقط إشارات على أنه "لن يستمر في رفع أسعار المال، لكنه لا يريد أن يتحدث عن الانخفاضات".

التضخم والصين

ونقلت الصحيفة أن الخبراء يتوقعون أن يستمر التضخم في التراجع، ويفترضون أن تستمر أسعار الطاقة في الانخفاض، في حين تتجه أسعار المواد الغذائية نحو الاعتدال، ومع ذلك، فإن الحرب ضد ارتفاع الأسعار لا يمكن أن تنتهي.

كما أدى تغير المناخ إلى معايشة ظواهر مناخية متطرفة، على غرار الجفاف، وفي الواقع، يهدد ذلك بجعل الارتفاع في أسعار المواد الغذائية أمرا ثابتا، وهو الحال بالنسبة لأسعار زيت الزيتون التي وصلت إلى أعلى مستوياتها بسبب ضعف المحاصيل.

وفي الوقت نفسه، يمكن للتوترات الجيوسياسية أن تؤدي مرة أخرى إلى تضخيم مشاكل الطاقة، رغم أن تطبيع أسعار النفط والكهرباء كان أحد النقاط الإيجابية لسنة 2023.

وأوضحت الصحيفة أن "العملاق الآسيوي (الصين) لم تعد الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم -فقد تجاوزتها الهند في أبريل/ نيسان 2023- ولكنها لا تزال تشكل المحرك للنمو العالمي رغم الصعوبات المتزايدة".

ويشعر المحللون بالقلق بشكل خاص بشأن قطاع العقارات، الذي يمكن أن تظل تقييماته متضخمة.

ومن هنا ظهرت مشاكل بعض وكالاتها العقارية مثل إيفرغراند أو كانتري غاردن.

وبالإضافة إلى ذلك، أعلن بنك الظل تشونغتشي أخيرا عن إفلاسه مع وجود فجوة قدرها 33 ألف مليون يورو، الأمر الذي أطلق أجراس الإنذار مرة أخرى.

عموما، يعد تدخل بكين لتجنب الأزمة كافيا في الوقت الحالي، وسيكون معدل النمو لسنة 2023 في حدود حوالي خمسة بالمئة.

لكن الصين ونهاية معجزتها الاقتصادية أصبحتا عنصرا ثابتا في قوائم البجعات السوداء (نظرية تشير لصعوبة التنبؤ بالأحداث المفاجئة) المحتملة التي يمكن أن تغير وتيرة الكوكب.

وختمت "الباييس" بالقول: "لا أحد يستطيع أن يجيب بالضبط متى سيحدث أو قوة تأثيره، ولعل تلك هي إحدى الحجج التي يمكن أن تطمئن السلطات الصينية دخولها في مرحلة من الاضطراب المعلن منذ سنوات، لكنه أمر لم يتجسّد على أرض الواقع لحد اللحظة".