"قارتان أوروبيتان".. هل تتحول انتخابات البرلمان الأوروبي إلى ساحة معركة؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

باتت الظروف مهيأة لكي تصبح الانتخابات الأوروبية في عام 2024 حدثا سياسيا كبيرا، ومواجهة بين قارتين أوروبيتين.

ويعود ذلك بحسب موقع أتلانتيكو الفرنسي إلى "الانقسام الكبير الذي من الممكن أن يبرز خلال هذا الانتخابات"، محللا دوافعه وانعكاساته.

لاعب سياسي

وتساءل الموقع "ماذا لو لم تكن انتخابات يونيو/حزيران 2024 الأوروبية مثل أي انتخابات أخرى؟"

كما يتساءل "ماذا لو أصبحت الانتخابات الأوروبية المقبلة ساحة المعركة الرئيسة للمسائل السياسية والاجتماعية الكبرى، التي تقسم العالم الغربي؟"

بالنظر إلى الوقت الحالي، أي قبل ستة أشهر من الانتخابات، يذكر الموقع أن "بعض المراقبين يشيرون إلى أن ساحتها ستكون مختلفة عما سبق". 

وسردا لأسباب ذلك، يوضح أنه "في المقام الأول، تحولت بعض السياسات التي تُمارس على المستوى الأوروبي إلى قضايا انتخابية رئيسة بالنسبة لعشرات الملايين من المواطنين الأوروبيين العاديين". 

ولفت إلى أنه "من المعروف منذ فترة طويلة أن الأنشطة التشريعية والسياسية للاتحاد لها تأثير مباشر على الحياة اليومية للأوروبيين". 

لكن الجديد الآن -من وجهة نظر الموقع- هو أن "المواطنين العاديين بدأوا يدركون ذلك أكثر فأكثر". 

فبعد ولاية ميزها محاربة وباء كوفيد-19، والحرب الروسية في أوكرانيا وآثارها الجانبية، فضلا عن الأسلوب الرئاسي والموجود باستمرار للمفوضة الأوروبية فون دير لاين، بدأت أوروبا تصبح جزءا من المشهد السياسي.

ويرى الموقع أنها "حتى لو تحملت في الماضي دور الضحية في بعض الأحيان، فإن الاندفاع المتهور نحو الفيدرالية وتصاعد التحول الأيديولوجي للاتحاد يجعلان أوروبا لاعبا سياسيا". وهنا يتساءل: "هل سيكون هذا التحول لصالحها أم يضرها؟"

موضوعات ساخنة

ويضرب العديد من الأمثلة بشأن الموضوعات الساخنة التي قد تُثار في الحملة الانتخابية في الرأي العام الأوروبي.

أولا، يشير إلى أن "الهجرة غير الشرعية والعجز المزمن للاتحاد الأوروبي عن السيطرة عليها" أدى إلى تغيير حكومات في العديد من البلدان، مثل السويد وفنلندا وإيطاليا.

ولفت إلى أن قضية الهجرة غير النظامية "مايزال موضوعا حاسما ومؤثرا في العديد من البلدان الأخرى".

ويوضح الموقع أن "إقناع البلدان ذات المصالح المتباينة أو حتى المتعارضة (باتفاق الهجرة الجديد) ليس سهلا، والأسهل للغاية هو إلقاء اللوم على بروكسل في كل الإخفاقات". 

وفي 20 ديسمبر/كانون الأول، توصل الاتحاد الأوروبي، إلى اتفاق حول قواعد جديدة تهدف إلى تقاسم تكاليف واستضافة المهاجرين بشكل أكثر توازنا، وكذلك الحد من أعداد الوافدين، وهو ما أثار العديد من الخلافات.

ومع ذلك، يقول الموقع الفرنسي: "إن سمعة الاتحاد الأوروبي (المؤيدة للهجرة) ماتزال ملتصقة بها. وسواء كانت على حق أو خطأ، فإن بروكسل هي المسؤولة عن التحولات الحالية، وسيكون لذلك تأثير لا مفر منه على نتيجة الانتخابات". 

أما المثال الثاني -بحسب الموقع، فهو الصفقة الأوروبية الخضراء وعشرات النصوص التشريعية الناتجة عنها، والتي صُوت عليها جميعا من قبل أغلبية كبيرة من البرلمانيين الأوروبيين.

جدير بالذكر أن الصفقة الأوروبية الخضراء، التي جرت الموافقة عليها عام 2020، هي مجموعة من المبادرات السياسية التي تولتها المفوضية الأوروبية تحت هدف شامل، يتمثل في جعل الاتحاد الأوروبي محايدا مناخيا بحلول عام 2050.

وهنا يلفت الموقع إلى أن "النزعة التدخلية الناتجة عن هذه الصفقة تسببت في إثارة غضب الصناعة الأوروبية والعديد من المواطنين، الذين لن يترددوا في تحميل بروكسل المسؤولية الرئيسة عن هذه الإخفاقات". 

رأي عام مهمش

ومع تلك الأمثلة التي ذكرها الموقع الفرنسي، هناك كذلك "العديد من المظاهر الأخرى التي تشير إلى مستقبل اتحاد يزداد استقطابا وتسييسا وتدخلا".

ومن وجهة نظره، تكمن المشكلة هنا في أن "هذه المناقشات الواقعية للغاية على المستوى الوطني تتم بتوافق الآراء في اتحاد يدعمه ائتلاف غير متجانس، ولكنه في نفس الوقت مهيمن إلى حد مزعج".

ويشير الموقع إلى أن هذا التحالف في البرلمان الأوروبي يبدأ من اليمين والوسط إلى اليسار المتطرف، مرورا بالليبراليين والاشتراكيين والخضر".

ولفت إلى أن قاعدة هؤلاء المشتركة هي أن تكون أوروبا "فيدرالية متقدمة"، بغض النظر عن الفروقات الدقيقة بينهم.

وكما يقول، فإن روح هذا الائتلاف تتسلل أيضا إلى عمل المفوضية والمجلس، وتعطي في كثير من الأحيان انطباعا للمواطنين بأن "أوروبا تسير في اتجاه واحد متجاهلة جزءا كبيرا من الرأي العام، والذي عادة ما يُهمش في أوروبا، بينما يصبح أكثر صخبا على الصعيدين الوطني والقومي".

وأضاف: "علاوة على ذلك، فإن هذا الحشد من الساخطين المطالبين بالسيادة الوطنية القومية يتجاوز إلى حد كبير الانقسام بين اليسار واليمين، وبالتالي يمكن أن يهدد التحالف الحالي، إذا قرر الناخبون ذلك".

في ختام التقرير، يؤكد "أتلانتيكو" أن الظروف قد تكون مهيأة لجعل الانتخابات الأوروبية لعام 2024 بمثابة لقاء سياسي كبير وساحة معركة بين اتحادين أوروبيين.

الاتحاد الأوروبي الأول -في رأيها- مهيمن ومحاصر، والآخر مهمل، لكنه يتمتع بالدعم، ومدعوم برغبة قوية في التأثير على المشهد القاري والتعبير عن نفسه في القضايا الحيوية التي تُناقش حاليا في بروكسل.

وفي هذه النقطة، يتساءل الموقع: "هل سيكون هذا الهجوم حاسما؟" ووفقا لاستطلاعات الرأي، من غير المرجح أن تكون "الاندفاعية السيادية" الحالية كافية لتغيير الأوضاع والإطاحة بالائتلاف الحالي. 

ولكن في حال حدوث ذلك، يوضح أن "المجلس الأوروبي سيهيمن عليه أغلبية الحكومات المؤيدة للاتحاد الحالي". 

وبالتالي، سينعكس هذا الإجماع أيضا في تشكيل المفوضية الأوروبية الجديدة، والتي ستتأثر كذلك بالجمود الفيدرالي في المؤسسات العامة، وفقا للموقع.

ويجيب "أتلانتيكو" بالإعراب عن خوفه من أن "يكون الانقسام  والمواقف العنيدة هما روح العصر".

وفي ظل هذه الظروف، بغض النظر عن النتيجة النهائية، يؤكد الموقع أن "الانتخابات المقبلة ستكون بمثابة خطوة إضافية نحو الانقسام السياسي الذي يتزايد بشكل مرعب في الغرب".