الاحتلال يشهر سلاح التجويع ضد غزة.. وناشطون: إهانة للزعماء العرب قبل قمتهم بالقاهرة

"غزة أثبتت مرارا أنها ليست لُقمة سائغة وأن إرادتها أقوى من كل هذه المؤامرات"
في خطوة أثارت غضب الشعوب العربية والإسلامية، أوقف رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار وتنصله من المضي قدما نحو المرحلة الثانية التي تفضي إلى هدوء مستدام بالقطاع.
وفي بيان تنصله من المرحلة الثانية، تحدث مكتب نتنياهو عن خطة جديدة نسبها للمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تتعلق بهدنة مؤقتة جديدة في غزة، خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، (12-20 أبريل/نيسان) مقابل إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، أحياء وأمواتا (62 أسيرا)، في اليوم الأول منها.
وزعم أن هذه الخطة التي لم يعلنها ويتكوف بعد، جاءت نظرا لأن “الظروف الحالية لا تسمح بالتوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب، مما يستدعي مزيدا من الوقت لإجراء مفاوضات بشأن هدنة طويلة الأمد”.
من جانبها، تمسكت حركة حماس هذا الانقلاب على الاتفاق الأصلي الموقع في يناير/ كانون الثاني 2025، وطالبت بتطبيق المرحلة الثانية. فيما لم يصدر تعليق من الوسطاء على الفور بهذا الشأن.
بدورهم، رحب وزراء ونواب إسرائيليون بانقلاب نتنياهو، إذ كتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، أن "الوقت الآن مناسب لفتح أبواب الجحيم، وقطع الكهرباء والمياه، والعودة إلى الحرب".
فيما رأى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، القرار "خطوة في الاتجاه الصحيح"، داعيا لاستمرار الحصار، وفتح "أبواب الجحيم" على غزة "بأسرع وقت وبأقسى طريقة" حتى تحقيق ما وصفه بـ"النصر الكامل".
وكالعادة، اكتفت دول عربية عدة بإدانة إيقاف نتنياهو المساعدات الإنسانية إلى غزة، دون أي مساعٍ حقيقية لفتح المعابر وإمداد الشعب الفلسطيني في القطاع بالماء والغذاء.
وجاء قرار نتنياهو، في وقت يترقب فيه العالم نتائج القمة العربية الطارئة المرتقب عقدها بالقاهرة في 4 مارس/ آذار، والتي أعلن عنها في أعقاب ترويج الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن.
واستنكر ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #نتنياهو، #غزة #المساعدات_الإنسانية، وغيرها، استباق نتنياهو القمة العربية بشن حرب تجويع ضد غزة، مستهجنين الخنوع العربي.
وطالبوا الدول العربية بموقف رادع لنتنياهو، فيما رفض آخرون تعليق الآمال على الأنظمة التي اتهموها بالتواطؤ مع الاحتلال وخذلان الفلسطينيين، مؤكدين أن مخرجات القمة المرتقبة ستكون "صفرية" ومرضية لترامب وللاحتلال وضاغطة على المقاومة.
سعار النازية الصهيونية
واستنكارا لقرارات نتنياهو وما تبعها من تصريحات سموتريتش وبن غفير، كتب الناشط أدهم أبو سلمية، إن "جنون وسعار النازية الصهيونية يشتعل".
وأشار إلى قول نائب رئيس الكنيست نيسيم فاتوري: "يجب تنفيذ غارات جوية فورا على مخازن المواد الغذائية التي دخلت إلى غزة"، لافتا إلى أن وسموتريتش وبن غفير يريدان فتح الجحيم وقطع الماء والكهرباء المقطوعة أصلاً وتدمير وحرق غزة.
واستهجن أبو سلمية، أن "كل هذا الإرهاب والنازية لا يُثير أي طرف في العالم الظالم، كل هذه التصريحات لا تقابل بأي رد من الوسطاء".
من جانبه، عرض الطبيب يحيى غنيم تصريح بن غفير، متسائلا: “بعد غلق المعابر المؤدية إلى غزة، ومنع دخول الشاحنات، والمناداة بقطع المياه والكهرباء؛ هل هذه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؟”
وواصل تساؤلاته: “أم أنها أمور أخلاقية رائعة في عرف الحضارة الغربية؟ وهل تمت هذه الخطوة بعد استشارة الإدارة الترامبية أم من وراء ظهرها؟! ”
بدورها، رأت الإعلامية مايا رحال، أن قرار نتنياهو دليل على أنه يريد العودة لدك غزة وغير مكترث للأسرى لدى حماس وسيطبق عليهم قانون هانيبال.
وبروتوكول هانيبال هو إجراء يستخدمه جيش الاحتلال لمنع أسر جنوده من قبل المقاومة الفلسطينية، ويعني بإيجاز أن "عملية الاختطاف يجب أن تتوقف بكل الوسائل، حتى لو كان ذلك على حساب ضرب قواتنا وإلحاق الأذى بها".
فيما قال عبدالله أمزين، إن ما يحدث في غزة هو استمرار لمسلسل الطغيان والخذلان، حيث يتلاعب العدو بالاتفاقيات ويتلقى الدعم المطلق من الغرب، بينما تقف الأنظمة العربية عاجزة أو متواطئة.
وأضاف أن تجويع غزة وحرمانها من المساعدات ليس إلا وجها آخر للحرب المستمرة عليها، وهي محاولة يائسة لكسر إرادة الصمود والمقاومة، لكن غزة أثبتت مرارا أنها ليست لُقمة سائغة، وأن إرادتها أقوى من كل هذه المؤامرات.
وحث أمزين على تكثّيف الدعاء لغزة وعمل ما يمكن لدعمهم، سواء بنشر قضيتهم، أو بالضغط السياسي والإعلامي، أو بالمساعدة المادية والمعنوية.
ووصف المغرد فراس، اتخاذ العدو الإسرائيلي قرارا بمنع المساعدات عن غزة إضافة إلى منع البناء تجويع أهلها ومدعوما مع صاحب الريفييرا ترامب بدلا من الانتقال إلى المرحلة الثانية يريد تمديد الأولى لتحرير أسراه ومواصلة الحرب، بأنه "غلو وظلم كبير لن ينتهي إلا بتحريرها وتحرير فلسطين كلها".
من جهته، أوضح الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، أن المقاومة في غزة تدرك أن تسليم أسرى الاحتلال مقابل أسرى فلسطينيين فقط يعني أنه لن يكون هناك إعمار لغزة ولا وقف للحرب، ويعني نجاح مشروع التهجير الطوعي.
وقال: إن التهجير الطوعي يعني اضطرار الناس للخروج الاختياري من غزة بعد أن يسأموا من إمكانية إعادة الإعمار، مشيرا إلى أن هذا ما تحدث عنه الاحتلال بمنتهى البجاحة وأعلن عن استعداده تجهيز ميناء ومطار إسرائيليين لهذا الغرض.
وأكد أبو رزق، أن لذلك تتمسك المقاومة بفكرة المرحلة الثانية والثالثة، والتي تقتضي الإفراج عن أسرى إسرائيليين مقابل إنهاء الحرب وإدخال مواد الإعمار، فالمراوحة في المرحلة الأولى لا تعني انتحارا سياسيا فقط، بل ضربا في أهم ركيزة من ركائز البقاء.
ضوء أخضر أميركي
فيما أكد الصحفي محمد جمال عرفة، أن معاودة الاحتلال حرب تجويع أهالي غزة في ثاني أيام شهر رمضان بقرار مجلس حرب نتنياهو ليس قرار إسرائيل وحدها ولكنه قرار أميركي أيضا اتخذه ترامب.
وأضاف أن التجويع سيكون أيضا بموافقة حكام العرب والمسلمين جميعا لو صمتوا ولم يتدخلوا ولو بإلقاء الأغذية من الطائرات جوا خاصة أنهم هم من توسطوا وتحدثوا عن التزام إسرائيل وضمانات وغيرها.
وأوضح عرفة أن التجويع هدفه الضغط على حماس كي تقبل خطة أميركية بالأساس هي استمرار وقف الحرب في رمضان مقابل إطلاق نصف أسرى الاحتلال لدي حماس في أول الشهر ثم بقيتهم آخر الشهر ثم يعاود نتنياهو فرض شروطه وقصف غزة.
وعد الاقتراح الأميركي انقلابا على اتفاق غزة الذي رعته أميركا نفسها، وتجويع شعب للمرة الثانية أمام العالم وبدون أي تقدير لشيء يسمى القانون الدولي والإنسانية أصبح أمرا عاديا في هذا الزمان فهم يهددون حتى قضاة المحكمة الجنائية الدولية؛ لأنهم يتهمون إسرائيل بأنها مجرمة حرب.
وأكدت نور أحمد، أن أميركا وصلت لمرحلة غير مسبوقة من الجرأة على اتخاذ أحقر المواقف الإجرامية وممارسة السفالة، مشيرة إلى أن أميركا أحد الضامنين للاتفاق مع غزة تعلن للعالم أنها تساوم على حياة البشر وتجويعهم في رمضان.
وأشار إلى أن نتنياهو أعلن بضوء أخضر من أميركا منع دخول المساعدات والتنصل من بنود الاتفاق.
وقال الباحث محمد إلهامي: "من لم ينسَ غزة، ومازال يتابع أخبارها، فسيعلم أن هذا المساء قد حمل أنباءً سيئة!.. لقد تنصل نتنياهو من الاتفاق، بضوء أخضر أميركي بالطبع، وبعجز من الوسيطيْن: المصري والقطري ووضع خيار أن تنزل المقاومة على رأيه في تمديد المرحلة الأولى، أو بقطع إدخال المساعدات!".
وأوضح أن ذلك يعني أن غزة ستدخل في مرحلة جديدة من الجوع والأزمة، وربما عاد القصف من جديد بذريعة أن الاتفاق قد انهار.
وأضاف إلهامي: "أزمةٌ تحتاج أن تكثفوا دعاءكم لإخوانكم في غزة: قيادة وشعبا، أن يوفقهم الله لخير السبل، وأن يخالف بين قلوب أعدائهم، وأن يهيئ لهم من هذا الطغيان العالمي، وهذه الخيانة العربية، فرجا ومخرجا!".
من جانبه، قال الكاتب رفيق عبدالسلام، إن العرب الآن أمام الحقيقة العارية، وهي أن إسرائيل بغطاء أميركي كامل مصرة على نقض الاتفاقات والذهاب باتجاه تجويع الفلسطينيين مجددا في غزة؛ تمهيدا لترحيلهم بقوة السلاح، ومن ثم إعادة رسم الحدود والخرائط في مصر وسوريا ولبنان والأردن وما هو أبعد من ذلك.
ووجه تساؤلا للعرب: "ماذا هم فاعلون؟ هل سيكونون في مستوى الخطر الوجودي المحدق بهم في قمتهم القادمة أم سيبيعون نظرية "السلام العادل والشامل" ثم يعودون لقصورهم سالمين هانئين؟"
صفعة للقمة العربية
بدروه، رأى الناشط مراد علي، أن توقيت قرار نتنياهو بمنع دخول الطعام والدواء إلى غزة، قبيل انعقاد القمة العربية في القاهرة لا يبدو عشوائيا، بل يحمل دلالاتٍ عميقة.
وأكد أن الهدف من القرار زيادة الضغط على أهالي غزة وعلى حركة المقاومة، خاصة في ظل التسريبات المتواترة التي تشير إلى أن القمة العربية قد تعتمد "الخطة المصرية" لإعمار غزة، والتي تشترط انسحاب حركة حماس وتسليم أسلحتها.
وتساءل علي: “هل يُمكن أن يكون قرار منع المساعدات الإنسانية محاولة إسرائيلية لتهيئة الأجواء لقبول هذه الخطة، أو دفعا للقادة العرب نحو تبنيها؟”
وقال: إن القرار جزء من إستراتيجية إسرائيلية لفرض واقع جديد على الأرض، يُجبر المقاومة على التراجع، ويُسهّل على القمة العربية تبني مواقف تتوافق مع الرؤية الإسرائيلية.
وعد علي القرار استخفافا صارخا بالقمة العربية وبزعمائها؛ حيث يبدو نتنياهو واثقا من أن القادة العرب لن يتخذوا إجراءاتٍ فعلية لمواجهة سياسة التجويع الممنهجة التي تُمارس ضد أهل غزة.
وأضاف أن القرار رسالة سياسية واضحة مفادها أن إسرائيل لا تأبه بردود الفعل العربية والعالمية، وأنها مستمرةٌ في سياستها القمعية دون خشيةٍ من عقابٍ أو محاسبة، مشيرا إلى أن القرار اختبار حقيقيّ للقمة العربية ولزعمائها.
وتساءل علي: “هل ستكون القمة عند مستوى التحدي، وتتخذ مواقفَ حازمةً تُجبر إسرائيل على التراجع عن سياساتها اللاإنسانية؟ أم أنها ستسير في الاتجاه الذي تريده إسرائيل، وتتبنى خططا تُضعف المقاومة وتُسهّل تحقيق الأهداف الإسرائيلية؟”
وأشار محمد بيومي إلى أن نتنياهو أصدر بالأمس "قرارا بتجويع الشعب الفلسطيني في غزة ووقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة"، لافتا إلى "تزامن هذا القرار المخالف للإنسانية التي صدعونا بمبادئها عبر كل الأبواق مع انعقاد القمة العربية الطارئة بالقاهرة".
وقال: "بدلا من التحدث عن خطة مصر لإعمار غزة بدون تهجير.. نتحدث عن كيفية دخول المساعدات الإنسانية.. يا لها من أزمات وكوارث تحدث لنا أمة الإسلام ليس من قلة عدد لكن من ضعف ووهن.. والقادم للأسف أصعب على أمتنا الإسلامية".
فيما هاجم محمود إبراهيم القمة العربية المرتقبة، مذكرا بأن القمم العربية منذ نشأة الجامعة العربية لم يتخذوا أي قرار في صالح الدول العربية ولا الشعوب العربية خاصة فلسطين والشعب الفلسطيني.
وأكد أنه إذا لم يحضر القمة ممثلون عن المقاومة الفلسطينية وعن غزة فليس لها أي قيمة (فهم أصحاب القضية وأصحاب الأمر والنهي في غزة وكامل فلسطين على الحقيقة).
وأشار إبراهيم إلى أن القمة المقبلة عقدت خصيصاً لإرضاء ترامب وإسرائيل، فلا يرجي منها أي خير، مؤكدا أن الزعماء العرب هم الوحيدون الذين يحملون خطة ترامب الخيالية والوهمية لتهجير الفلسطينيين على محمل الجد، لذلك لا بد أن يرضوه حتى يتنازل عنها.
وأضاف أن قرار القمة تم اتخاذه بالفعل في اجتماع الرياض الماضي، والباقي تحصيل حاصل وشو إعلامي (طبعا القرار بالتأكيد ضد المقاومة الفلسطينية والشعب الغزاوي عشان لا تتفاجأوا).
وأكد إبراهيم أن الجامعة العربية وجميع الحكام العرب ليس لهم أدني تأثير على طرفي الصراع (المقاومة الفلسطينية - والاحتلال الإسرائيلي).
ووجه حاتم الطائي، نداء إلى القمة العربية، قائلا: "مجرم الحرب نتنياهو يمنع إدخال الطعام والماء عن شعبنا في غزة.. فهل من مغيث".