مشكلات اقتصادية خطيرة.. لماذا قد تواجه مصر خطر عدم الاستقرار قريبا؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

تواجه مصر في المرحلة الحالية عددا غير قليل من المشكلات على المستوى الاقتصادي، كما أنها باتت لا تتمتع بالمصداقية على المستوى النقدي فيما يكشف تحليل بيانات الاقتصاد الكلي أنها تخاطر بالكثير.

ولهذه الأسباب، قال معهد تحليل العلاقات الدولية الإيطالي إن البلاد تواجه خطر عدم استقرار كبير في السنوات المقبلة والذي يمكن أن يتفاقم في ظل المشكلات "الأخيرة" التي برزت في الشرق.

وذلك في إشارة إلى تأثيرات العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة واستمرار حالة عدم الاستقرار الدائم الذي تعيشه ليبيا منذ أكثر من عشر سنوات.

تضخم مرتفع

يشرح المعهد الإيطالي أن الارتفاع الصاروخي لمعدل التضخم يتصدر قائمة المشكلات الاقتصادية الكلية التي تعاني منها البلاد.

وقال إن الارتفاع غير المتحكم فيه في هذا المعدل الشهري السنوي منذ عام 2022، يسبب مشكلات للأسر والشركات.

ويفسر أن مدخرات ودخول الأسر المصرية تتآكل عموما بشكل كبير، في حين لم تعد الشركات قادرة على تخطيط نشاطها الاقتصادي على النحو الأمثل في ظل ارتفاع كبير في الأسعار شهريا.

وتدفع هذه المشكلة الفاعلين الاقتصاديين إلى "التخلي" عن العملة المحلية (الجنيه) التي تفقد قيمتها بشكل أساسي بسرعة كبيرة مما يتسبب في انعدام الثقة وارتفاع كبير في مستوى التضخم.

وبمجرد امتلاك شخص ما للعملة الوطنية، يتخلص منها من خلال إنفاقها وشراء شيء يحافظ على قيمته بمرور الوقت، وفق المعهد.

ويتابع: "يخلق ذلك حلقة مفرغة تولد اختلالات في الاقتصاد الوطني وتتعمق أكثر ما لم تتدخل جهة خارجية ذات مصداقية وحازمة في محاربة هذه الظاهرة التضخمية الخارجة عن السيطرة".

في هذا الصدد، أشار المعهد إلى رد فعل البنك المركزي المصري في معالجة هذه المشكلة برفع أسعار الفائدة بدءا من عام 2022.

وفي أغسطس/آب 2023، قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.25 بالمئة، و20.25 بالمئة و19.75 بالمئة، على الترتيب.  

مشكلات كبيرة

إلا أن هذا الإجراء الضروري لتقليص تضخم الاقتصاد المصري يتسبب في مشكلات كبيرة مثل التمويلات والتي تعد الأكثر تكلفة.

وبين المعهد الإيطالي أن مشكلة التمويلات تؤدي لأسباب واضحة إلى خلق توترات اجتماعية واقتصادية للأسر والشركات.

تجدر الإشارة إلى أن أسعار الفائدة الحقيقية تظل سلبية على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة الاسمية.

وبذلك يفتقر التشديد النقدي الذي ينفذه البنك المركزي المصري على الرغم من ثباته وتكراره مع مرور الوقت، إلى تأثير حقيقي يجعله ذا مصداقية وفعالية، وفق استنتاج المعهد الإيطالي.

ويذكر بأنه وفقا لأحدث البيانات، يبلغ سعر الفائدة الحقيقي أي صافي التضخم نسبة -15 بالمئة في ظل معدل تضخم يساوي 35 بالمئة وأسعار فائدة اسمية بقيمة 20 بالمئة.

لذلك، يعتقد المعهد أن البنك المركزي يحاول تجنب الضغط المفرط على الاقتصاد الوطني وإبراز التزامه بمكافحة التضخم من خلال الزيادة المستمرة في أسعار الفائدة.

إلا أنه يرى أن رفع نسب الفائدة الحالية غير كافٍ للتحكم في مشكلة ارتفاع التضخم. 

وبالتالي، يشير إلى احتمال كبير أن تضطر المؤسسة المالية إلى رفعها أكثر وربما الوصول إلى نسبة فائدة حقيقية إيجابية ما قد يتسبب في آثار سلبية عديدة للمشغلين الاقتصاديين.

خدمة الدين

أشار المعهد الإيطالي إلى أن ارتفاع تكلفة خدمة الديون يثقل كاهل خزائن الدولة التي تعاني بالفعل بسبب التوترات التي تؤثر على جيران البلد.

وتتمثل بعض آثار هذه التوترات، خاصة التطورات الأخيرة في قطاع غزة، بانخفاض تدفق السياح الأجانب.

وفيما يتعلق بوضعية مؤشرات الاقتصاد الكلي المصرية، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الشهيرة تصنيف مصر في أكتوبر/تشرين الأول من "بي 3" (B 3) إلى "سي إيه إيه1" (Caa1) وأرجعت هذا إلى تدهور قدرة البلد على تحمل الديون.

في أعقاب ذلك، انخفضت السندات السيادية المصرية بالدولار بنحو 3 سنتات على أثر تخفيض التصنيف الائتماني للبلاد إلى منطقة عالية المخاطر.

 يشرح المعهد الإيطالي بأن الوصول إلى هذا الوضع كان نتيجة سلسلة من خصائص النظام الاقتصادي المصري التي تتأثر بالتوترات الدولية الأقرب جغرافيا للقاهرة.

 وهو ما يخلق وضعا معقدا وصعب الإدارة، خاصة فيما يتعلق بالعوامل الخارجية التي يصعب على أي دولة إدارتها خاصة في ظل هذه الظروف.

بالإضافة إلى المشكلات التي جرى تحليلها، تجدر الإشارة إلى أن الدين العام المصري يصل ببطء إلى مستويات أعلى بشكل متزايد.

وبين المعهد أن التوقعات المستقبلية تشير إلى إمكانية تسجيل انخفاض مستمر في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

ولكن الحسابات السابقة، بالإضافة إلى التطور السريع وغير المتوقع للإطار الدولي الذي يصبح أكثر تعقيدا يوما بعد يوم، تجعل من الصعب توقع انخفاض كبير في مثل هذه المنطقة "الساخنة".

السيناريوهات المحتملة

تعتمد السيناريوهات المحتملة التي رسمها المعهد الإيطالي على وقوع أحداث معينة أو عدم حدوثها على المدى القصير.

 وألمح إلى أنه من الصعب التنبؤ بوقوع هذه السيناريوهات بالنظر إلى السرعة التي تحدث بها التطورات الجيوسياسية الأخيرة حاليا.

ولهذا السبب، تعتمد السيناريوهات على ما سيحدث خارج ميدان تحرك السياسة المصرية بالإشارة خاصة إلى ما يسميها بالحرب الإسرائيلية الفلسطينية.

السيناريو الأول غير المرجح إلى حد كبير في اعتقاد المعهد هو أن يصبح الوضع الدولي "ساخنا" أكثر مما يغذي مناخ عدم اليقين الذي يواجهه الاقتصاد المصري.

وبذلك تسوء مؤشرات الاقتصاد الكلي شهرا بعد آخر إلى درجة بلوغ مرحلة عدم القدرة المالية على تحمل الدين العام.

وهو ما من شأنه أن يتسبب في تداعيات محتملة على الاقتصاد المصري والعالمي.

ويتوقع في السيناريو الثاني غير المحتمل أن تستعيد مصر من خلال السياسة النقدية التي تتبناها، مستوى مقبول من التضخم وأن تزيد عائداتها الضريبية بفضل تهدئة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في إشارة إلى المعركة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

لكنه يرجح احتمال أن تعاني البلاد في سيناريو "ج"، من التوترات الدولية وتسعى من خلال سياساتها إلى تحقيق استقرار اقتصادها الوطني حتى لو ظلت بعيدة عن تحقيق نمو واستقرار اقتصاديين يسمحان لها بزيادة قدرتها التنافسية وتحقيق الرفاهية لمواطنيها.