منطقة حاسمة في المستقبل.. ما أسباب اهتمام إيران بالوجود في إفريقيا؟

الشركات الصينية ساهمت في مشاريع حقول النفط في إفريقيا

الشركات الصينية ساهمت في مشاريع حقول النفط في إفريقيا

8 months ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" الضوء على الأهمية الكبيرة للقارة الإفريقية في الفترة القادمة من السياسة الدولية، مشيرة إلى الموارد الاقتصادية الضخمة، وكذلك البشرية والجيوسياسية.

وفي هذا السياق، دعت الوكالة الرسمية إلى ضرورة التخطيط لزيادة الوجود الإيراني في إفريقيا. وعرجت على المواقف المتشابهة أو المشتركة التي تجمع بين إيران والقارة السمراء.

وتوضح أن "وجهات النظر حول القارة الإفريقية اتخذت شكلا أكثر خصوصية خلال السنوات الأخيرة، حيث أدى النمو التكنولوجي المتزايد في العالم وزيادة عدد الدول النامية إلى التدخل الاقتصادي والسياسي للعديد من الدول في إفريقيا".

أسباب الاهتمام

وبمعنى آخر، تقول الوكالة إن "الحكومات تحاول بطريقة أو بأخرى فتح طريقها إلى قارة الفرص لتكون قادرة على الاستفادة الكاملة من الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية لهذه المنطقة".

وأردفت: "واليوم، وصلت قارة إفريقيا إلى مرحلة بلغ فيها متوسط ​​حجم التجارة مع العالم تريليون دولار؛ 50 بالمئة منها تشمل صادرات القارة إلى الدول الأخرى و50 بالمئة تشمل الواردات".

ولكن بشكل أكثر خصوصية، تسلط الوكالة الضوء على الجمهورية الإيرانية، التي أسست جزءا من سياستها الخارجية على دعم الجماعات المضطهدة والمقاومة، وفقا لوصفها.

وتلفت هنا إلى أن "عددا مهما من الدول والمؤسسات هي التي تقف ضد الاستبداد والاستعمار في هذه القارة".

وإلى جانب هذه النظرة، تشير الوكالة الإيرانية إلى أن القارة الإفريقية تضم تاريخا عريقا شهد منذ فترة طويلة ظواهر مختلفة.

علاوة على ذلك، ترى أن "القارة السمراء تحولت اليوم إلى فناء خلفي للقوى الشرقية والغربية، رغم استقلال الدول الإفريقية نظريا منذ سنوات طويلة وقطع يد الاستعمار الكلاسيكي".

وإلى جانب القضايا السياسية التي تقاربت فيها القارة مع إيران، تنظر "إرنا" إلى إفريقيا بوصفها المنطقة التي ستصبح عاملا حاسما في المستقبل السياسي للأرض، على الرغم من سنوات الاستعمار من قبل الدول الغربية.

جدير بالذكر أن مساحات التقارب بين إيران وإفريقيا تتمثل في دعم الاتحاد الإفريقي لفلسطين والبرنامج النووي الإيراني في السنوات الماضية، حسبما ذكرته الوكالة الإيرانية.

وأردفت: "في المقابل، دعمت إيران طرد المستعمرين الغربيين من القارة الإفريقية، حتى إنها وقفت مع تصرفات النيجر والغابون وبوركينا فاسو لطرد فرنسا من غرب إفريقيا عام 2023".

وبالنظر من زاوية أخرى، توضح الوكالة أن "المحافل الدولية تمنح العديد من التسهيلات للحكومات التي تدخل الدول الإفريقية النائية لحل مشاكلها المختلفة". 

وبهذا الشأن، تقول الوكالة إن "الأعمال الإنسانية -ظاهريا- التي تقوم بها بعض الدول، لها تأثير سلبي خطير على البيئة الاجتماعية العامة لشعوب العالم". 

ومن هنا، تدعي أن "الجمهورية الإسلامية يمكن أن تحقق نجاحا ثقافيا واجتماعيا في القارة الإفريقية".

اقتصاد القارة 

تزامنا مع بدء ظهور فيروس كورونا في العالم عام 2019، واجه الاتجاه الصعودي للاقتصاد الإفريقي العديد من المشكلات، وفق ما ذكرته الوكالة الإيرانية.

ومن ناحية أخرى، تقول إن "الحرب بين روسيا وأوكرانيا تسببت في حدوث مشكلات في الإمدادات الغذائية للدول الإفريقية وجعلتها تواجه أزمة".

وأكملت: "واليوم، رغم انتهاء وباء كورونا، إلا أن اقتصاد القارة ما زال يعاني من ارتفاع تكاليف الاقتراض والتضخم، وهو ما يحول دون تحقيق نمو اقتصادي مرتفع". 

ومن وجهة نظر "إرنا" الإيرانية، فإن "أبرز المعالم الاقتصادية لهذه القارة تتمثل في الثروة السكانية والتكلفة المنخفضة لاستخراج النفط والغاز ومصادر الطاقة المتجددة". 

من ناحية أخرى، أصدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أخيرا تقريرا بعنوان: "تقرير التنمية الاقتصادية لإفريقيا 2023".

وأشار فيه إلى أن "إفريقيا غنية بالموارد الأولية ولديها سوق استهلاكية آخذة في التوسع، مما يمكنها من أن تصبح وجهة تصنيعية مهمة للصناعات القائمة على التكنولوجيا. بالإضافة إلى أنها قد تصبح حلقة وصل رئيسة في سلسلة التوريد العالمية".


 

وفي الوقت نفسه، يرى التقرير أن "الاقتصادات الإفريقية يمكنها أن تستفيد من الموارد المادية الهائلة والأسواق الاستهلاكية المتنامية التي يتطلبها قطاع التكنولوجيا الفائقة". 

ووفقا له، "يُعد تعزيز سلاسل التوريد في مجال الطاقة والصناعة في إفريقيا هو المفتاح لنمو المنطقة".

وأضاف: "التكامل الأعمق في سلاسل التوريد العالمية سيؤدي أيضا إلى تنويع الاقتصادات الإفريقية وزيادة مرونتها في مواجهة الصدمات المستقبلية والمساهمة في النمو العالمي".

وبخلاف ما ذُكر سابقا، قد يكون من المهم النظر إلى تقرير البيت الأبيض والحكومة الصينية عن القارة الإفريقية.

ويذكر التقرير الأميركي أن "منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ستعزز عام 2025 زخمها التصاعدي، الذي خرج عن مساره فجأة بسبب الآثار الاجتماعية والاقتصادية المدمرة لكورونا".

وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، ستظل معدلات النمو السكاني والتوسع الحضري في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من بين أعلى المعدلات في العالم، وهو ما سيخلق فرصا تجارية وديمقراطية للسكان.

ومع ذلك، تلفت الوكالة إلى أن "العديد من الاتجاهات، التي تؤثر حاليا على بعض أجزاء المنطقة، من المرجح أن تستمر أو تشتد؛ بما في ذلك أسعار السلع غير المستقرة ووقف التكامل الاقتصادي الإقليمي وسوء تقديم الخدمات والفساد المحلي".

معارك النفوذ

وفي الوقت نفسه، تذهب إلى أن "الضغط المتزايد الناجم عن الأحداث المناخية القاسية وزيادة انعدام الأمن بسبب الإرهاب والتمرد والعنف الطائفي يؤثر على النمو السكاني في إفريقيا".

وتتابع قائلة إن "إمدادات الموارد الطبيعية والنفوذ السياسي والاقتصادي الجماعي المحتمل يؤدي كذلك إلى زيادة مشاركة القارة وأهميتها في النظام الدولي".

ورغم ذلك، في التعليمات الخاصة التي أرسلها إلى المؤسسات الصينية المقيمة في إفريقيا عام 2019، أشار الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى سبب التعاون بين الصين والقارة.

وصرح بأن "هدف الصين هو جلب سوق كبيرة من خلال دمج القدرة الإنتاجية لها ولإفريقيا".

وبهذا الشأن، توضح الوكالة أن "الصين تمتلك رأس المال والقدرة الإنتاجية والتكنولوجيا، وهو ما يلبي احتياجات إفريقيا". وفي المقابل، فإن القارة السوداء غنية بالموارد مثل النفط الخام والمنغنيز والنحاس وغيرها. 

وفي هذا السياق، تبرز الوكالة أن "هذه الموارد استُغلت من قبل الدول الغربية منذ فترة طويلة بأسعار منخفضة. ولكن الصين، على عكس ذلك، يمكنها أن تتاجر بسعر معقول أكثر".

جدير بالذكر هنا أن الشركات الصينية أسهمت في مشاريع حقول النفط في إفريقيا بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن الصينيون عن زيادة بنسبة 36 بالمئة في حجم التبادلات التجارية مع القارة في عام 2023.

كما أنهم قدموا إفريقيا كشريك ثان لهم ووعدوا بتوسيع مشاركتهم في خطة "الحزام والطريق". وفي رأي الوكالة، من النقاط المهمة للغاية "زيادة حصة الدول الإفريقية في البريكس (تكتل اقتصادي سياسي عالمي)".

إذ يُعد وجود جنوب إفريقيا من جهة، وإضافة مصر وإثيوبيا من جهة أخرى، علامة على استثمار الصين وروسيا في الدول الإفريقية للمستقبل.

في النهاية، تقول وكالة "إرنا" إن "سياسات جمهورية إيران الإسلامية في إفريقيا تتأثر إلى حد كبير بوجود الدول الأخرى التي تتنافس في القارة".

ولفتت إلى أن الحكومة الإيرانية الحالية تولي اهتماما مرتفعا نسبيا للقارة السمراء. فبعد أن كان حجم التبادل التجاري بينهما في أدنى مستوياته في الحكومة السابقة، ارتفع الوجود الاقتصادي الإيراني بشكل ملحوظ في عهد الحكومة الحالية. 

ورغم ذلك، تعتقد الوكالة أن "إيران لا تزال بحاجة إلى خريطة طريق اقتصادية وسياسية مفصلة في القارة الإفريقية، حتى تتمكن من الدخول إلى القارة بعيون مفتوحة والتغلب على عقبات المنافسين الآخرين وتحقيق كفاءة عالية في هذه المنطقة".

وبهذا الشأن، ترى أن "إنشاء مراكز بحثية وتخصيص بعض المشاريع العلمية لإفريقيا، يمكن أن يكون خطوة مهمة للغاية في هذا الصدد".