كيف يستغل النظام الإيراني العدوان على غزة لخدمة سياساته الداخلية؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

يحاول النظام الإيراني استغلال العدوان الإسرائيلي على غزة لهندسة انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء القادمة، وفق ما يرى موقع أميركي.

وقال موقع "يوراسيا ريفيو": "قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها عام 2024، نفّذ النظام الإيراني الموجة الأولى من الاستبعادات، حيث أزال العديد من الأعضاء الحاليين في البرلمان".

تحطيم الأوهام

وأوضح في مقال للكاتب مهين هوري، الذي وصفه بأنه يكتب لصالح "منظمة مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة أن "هذه الخطوة حطمت وهم من يسمون بالإصلاحيين داخل النظام".

ولفت إلى أن الإصلاحيين كانوا يأملون في العودة إلى الساحة السياسية بعد الإطاحة بهم من المجلس في عام 2021.

وتابع الكاتب: "لقد اعتقدوا (الإصلاحيون) أن المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي، سيمنحهم على الأقل دورا ثانويا، كخطوة لاستعراض نفوذه".

وأوضح أنه "ومع ذلك، أمر خامنئي باستبعادهم، ليس من قِبل مجلس صيانة الدستور، ولكن من قِبل المجلس التنفيذي للانتخابات التابع لوزارة الداخلية".

وأشار إلى أن طهران اتخذت هذه الخطوة "بحيث تكون مهمة إزالة الباقي أسهل وأكثر سلاسة بالنسبة لمجلس صيانة الدستور".

ومجلس صيانة الدستور يعد الهيئة المخولة بالتأكد من أن البرلمان وقراراته تتماشى مع أيديولوجية النظام وسياساته الشاملة، بحسب الكاتب.

وفي عام 2016، استبعد "مجلس صيانة الدستور" 80 بالمئة من المرشحين الذين تقدموا للترشح لانتخابات "مجلس خبراء القيادة" في ذلك العام.

وكان ضمن الذين رفض المجلس ترشحهم الإصلاحي حسن حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية  آية الله الخميني.

ووفق "هوري"، فإن "خامنئي يستغل الحرب في غزة (التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) لتعزيز مشروعه الخاص، المتمثل في تقليص السلطة لتكون داخل دائرة ضيقة من الموالين له، والذي بدأه بتعيين إبراهيم رئيسي رئيسا".

منابر إيران

ويرى الكاتب أن "هذه السياسة يمكن رؤيتها بوضوح في خُطَب الجمعة، حيث يذرف ممثلو خامنئي دموع التماسيح على ضحايا غزة، بينما يعبرون في الوقت نفسه عن ارتياحهم لوجود هذه الحرب المستمرة".

وأضاف أنهم "في الوقت نفسه، انخرطوا في نوبات غضب فيما يتعلق بالحرب في غزة، وشنوا هجمات وإهانات ضد زعماء الدول التي لم تنحز إلى تكتيكات خامنئي الخادعة".

وتابع الكاتب أنهم يفعلون ذلك "لخلق جو من الإثارة في انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء".

وفي أغسطس/آب 2023، بدأت إيران دورة انتخابية جديدة تكتمل في مارس/آذار 2024، باختبار برلمان ومجلس خبراء جديدين.

ووفقا لاستطلاع أجرته وكالة الأنباء الحكومية الرسمية في 25 يوليو/تموز 2023، فإن 68 بالمئة من الإيرانيين يشعرون بعدم الرضا عن أداء البرلمان.

وأشار الكاتب إلى أن خطيب الجمعة أحمد خاتمي، الذي وصفه بأنه أحد الذين يعكسون آراء خامنئي، انتقد الحكومات العربية، متسائلا: "لماذا لجأتم إلى الصمت القاتل؟ لماذا لا تطالبون على الأقل بوقف القصف (على غزة)؟"

وألمح "هوري" إلى ما وصفها بالانتخابات الصورية التي يعقدها النظام الإيراني، مشيرا إلى أن "خاتمي" قال في خطبته إن "إستراتيجية العدو في كل جولة انتخابية أن تكون باهتة… لكنكم يا حزب الله (يقصد المصلّين) حاضرون بشكل كامل على الساحة لتنظيم الانتخابات بشكل رائع".

وفي خطاب ألقاه في 4 يونيو/حزيران 2023، رأى خامنئي أن الانتخابات مهمة جدا، محذرا من أن "أعداء" إيران يحاولون خلق حالة "يأس" وجو من التشاؤم لدى المواطنين تجاه التصويت.

ويهتم النظام الإيراني بنسبة المشاركة في الانتخابات، إذ يقدمها على أنها دليل دعم للجمهورية الإسلامية.

ويقول خبراء إن ما يجعل الانتخابات القادمة لها رمزية قوية هي أنها ستكون الأولى منذ موجة الاحتجاجات الهائلة التي أشعل فتيلها مقتل مهسا أميني في سبتمبر/أيلول 2022.

هجوم على المعارضة

ومن جانبه، اتّبع علي رضا عرفي، إمام صلاة الجمعة في مدينة "قم"، نمطا مماثلا، إذ أعرب عن سعادته بالمعركة الدائرة بين غزة والاحتلال الإسرائيلي، وفق وصف الكاتب.

وقال عرفي: "إن هذه المرحلة الجديدة بما فيها من تشكيل جبهة جديدة داخل فلسطين ومحور المقاومة هي إنجازات عظيمة تستحق كل هذه المتاعب والصعوبات من الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية".

وطرح خطيب الجمعة موضوع الانتخابات وشدد على أن "المنطقة تشهد وضعا حساسا"، وأن "زيادة المشاركة في (العملية الديمقراطية) واجب إسلامي ووطني وثوري وعقائدي وأخلاقي علينا جميعا".

وأضاف: "دعونا نشارك وندعُ للمشاركة في الانتخابات، حتى إن صوتا واحدا، أو حتى زيادة بنسبة 1 بالمئة في الأصوات، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على التقدم المأمول للبلاد، وعلى الخطاب المشرق للثورة الإسلامية في المنطقة وإيران وحول العالم".

وأشارت شخصيات أخرى، مثل محمد مختاري، إمام الجمعة في مدينة "بيرجند"، إلى المرشحين المستبعدين على أنهم "مجموعة من المرتزقة الأجانب".

وقال: "مازلنا ضعفاء في الانتخابات. أولا، يجب أن نصل إلى نقطة لا تتوقف فيها حركة الثورة كل أربع أو ثماني سنوات، ولا تجتذب فيها مجموعة من المرتزقة الأجانب أصوات الناخبين، ومن ثم يمكننا تمكين جبهة المقاومة وإنقاذ الشرق الأوسط والأمة الإسلامية".

ووفق الكاتب، فإن "المقاومة الإيرانية تعتقد أن الهدف الرئيس لإثارة الحرب التي ينفذها خامنئي في المنطقة هو منع الانتفاضة الحتمية للشعب الإيراني".

لكنه في الوقت نفسه "يريد استخدام الصراع في غزة لتحقيق أهداف أخرى، أحدها هندسة انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء، خاصة أن القضية الخطيرة المتمثلة في خلافة خامنئي أصبحت على المحك أيضا".

والجدير بالذكر أن مجلس الخبراء مكلف -بموجب الدستور- بتعيين المرشد الأعلى التالي عند وفاة خامنئي، كما أن من صلاحياته إقالة المرشد إذا أصبح غير قادرا على أداء واجباته.

ويُنتخب مجلس الخبراء -الذي يضم ثمانية وثمانين عضوا- لمدة 8 سنوات، ما جعل البعض يعتقد أن المعينين في دورته القادمة  هم من سيختارون رسميا خليفة خامنئي، الذي يبلغ من السن 84 عاما.

الكلمات المفتاحية