سلطنة عُمان تتجه لفرض ضريبة على الدخل.. هل تحذو باقي دول الخليج حذوها؟
توقعت الصحيفة أن تتبع دول الخليج الأخرى نفس السياسة العمانية
تبحث سلطنة عُمان عن بدائل جادة وملموسة لتقليل الاعتماد على عائدات قطاع إنتاج النفط، وهو ما ظهر أخيرا في مشروع قانون بشأن فرض ضريبة على الدخل.
وأقر مجلس الشورى في عُمان خلال يوليو/تموز 2024 مشروع القانون الذي قدم لأول مرة عام 2022، وأحاله إلى مجلس الدولة.
ضريبة جديدة
وتحدثت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" الإيطالية عن تفاصيل المشروع الذي يقترح فرض ضريبة على أصحاب الدخل المرتفع، بنسبة تتراوح ما بين 5 و9 بالمئة سيتم تطبيقها على المواطنين والأجانب في البلاد بشكل مختلف.
ومن المتوقع أن يخضع المقيمون لضريبة الدخل في حال تجاوز دخلهم السنوي 100 ألف دولار، أما المواطنون فسيتم إخضاعهم للضريبة في حال تجاوز دخلهم الصافي مليون دولار.
وتوقعت الصحيفة أن تتبع دول الخليج الأخرى نفس السياسة العمانية وتقر ضريبة مشابهة.
وبينت أن "فكرة فرض ضريبة على الدخل، والتي من شأنها أن تمثل وضعا فريدا بالنسبة لمنطقة الخليج، تتناسب بشكل مثالي مع هذا السياق"، أي تنويع مصادر الإيرادات.
وفي يوليو، أفادت وكالة أنباء العالم العربي أن السلطنة حققت فائضا في الميزانية بقيمة 147 مليون ريال (1 دولار = 0,38 عُماني)، بنهاية أبريل/نيسان 2024.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن الإيرادات العامة للدولة سجلت 3.744 مليارات ريال بانخفاض 15 بالمئة على أساس سنوي في الفترة المذكورة.
فيما تراجع الإنفاق العام أيضا 7 بالمئة على أساس سنوي إلى 3.6 مليارات ريال تقريبا.
وأضافت الوكالة أن إجمالي دعم منظومة الحماية الاجتماعية والمنتجات النفطية وقطاع الكهرباء بلغ حتى نهاية أبريل حوالي 365 مليون ريال، فيما يبلغ التحويل لبند مخصص سداد الديون 133 مليون ريال.
وفي أبريل، توقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن تعود سلطنة عُمان إلى تسجيل عجز في الميزانية مع ارتفاع الدين الحكومي بشكل هامشي حال تراجع خام برنت إلى 70 دولارا للبرميل في 2025 و65 دولارا للبرميل في الأعوام التالية بحسب تقديراتها.
“رؤية 2040”
ترى الصحيفة الإيطالية أن "خطة الحكومة العُمانية في التوجه نحو إقرار ضريبة على الدخل واضحة وهي استخدام الإيرادات الجديدة لخفض المديونية العامة للدولة إلى نحو 35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي".
وكذلك "الإعداد لتقليل مستمر لاعتماد على عائدات النفط والاقتراب من المعايير الدولية في هذا الصدد".
وتسعى السلطنة من خلال رؤية 2040، التي تُعرف بأنها المرجع الوطني للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي بين الفترة من 2021 إلى 2040 إلى تحقيق جملة من الأهداف.
يذكر منها تحسين تصنيف البلاد ضمن مؤشر الابتكار العالمي لتصبح من أفضل 20 دولة.
وتحسين تصنيفها ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية - الكفاءة الحكومية، لتصبح من أفضل 10 دول.
وكذلك زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 90 بالمئة، فضلا عن رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 5 بالمئة.
وأيضا رفع نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 90 بالمئة، إلى جانب أهداف أخرى تعمل الدولة الخليجية على تحقيقها بحلول عام 2040.
ومن شأن إقرار ضريبة الدخل، بحسب الصحيفة الإيطالية، أن "يحسن صورة البلاد لدى المؤسسات الدولية، ويوفر في الوقت نفسه أداة مهمة لدعم الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية ومشاريع القطاع العام".
فتح الطريق
وبينت الصحيفة الإيطالية أن رغبة دول الخليج في إقرار خيارات لتنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على عائدات النفط تنبع من قناعة أن المجتمع الدولي يتجه نحو مصادر مختلفة للطاقة.
وفي هذا الإطار، يندرج قرار دول الإمارات والسعودية والبحرين وعمان فرض ضريبة على القيمة المضافة وكذلك ضرائب على أرباح الشركات.
وتتراوح النسب المطبقة بشأن ضريبة القيمة المضافة على مختلف السلع والخدمات بين 5 و15 بالمئة.
وقد اعتمدت السعودية هذا الإجراء الأخير لمواجهة الآثار الناجمة عن جائحة كوفيد 19، فيما فرضت الكويت وقطر ضريبة على الشركات.
وبحسب الصحيفة، تكشف هذه البيانات أنه "بات من المتوقع تسجيل مزيد من التطور لصالح الرفع من الضرائب وزيادة أشكالها".
إلا أنها استبعدت أن يؤدي هذا النهج إلى تطبيق عام لضريبة الدخل في المنطقة.
ووصفت خطوة عُمان بأنها "أمر مختلف، ستلعب فيه رغبة دول ذات وزن معين مثل السعودية والإمارات دورا مهما في التخلي عن نظام ضريبي مواتٍ للغاية لفائدة حماية متطلب آخر، أي بناء بديل حقيقي وملموس" لعائدات النفط.
في هذا السياق، ذكرت تأكيد بعض حكومات دول الخليج مثل الإمارات والسعودية، أنها لا تنوي فرض ضريبة على دخل الأفراد.
وقالت إن تصريح وزﻳﺮ الدوﻟﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎرة الخارجية في الإمارات ثاني بن أحمد الزيودي، عام 2022 لمجلة "بلومبيرغ" الأميركية واضح للغاية في هذا الصدد.
وأوضح الزيودي أن "الأمر ليس مطروحاً حالياً على الإطلاق"، مؤكدا بذلك أن الإمارات لا تعتزم فرض هذا الشكل من الضرائب في الوقت الحالي.
وتحدث في تلك المناسبة عن الضريبة الجديدة على أرباح الشركات المعلن عنها منذ سنتين، مؤكدا أنهم تلقوا فرضها على نحو إيجابي بشكل عام.
بدوره أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس” 2024 عدم وجود نية لفرض ضريبة دخل على الأفراد في السعودية.
وصرح لنفس المجلة: "موقفنا واضح، فلدينا ضريبة القيمة المضافة، وضريبة دخل على الشركات والمستثمرين الأجانب، والزكاة محليا، ولا نية للتغيير".
ورغم هذا النفي، لا تستبعد الصحيفة وقوع تغيير في قادم السنوات لاسيما بعد ملاحظة آثار تطبيق هذه الضريبة في دولة خليجية هي عُمان.