سعد الفقيه لـ"الاستقلال": صدام ابن سلمان مع ابن زايد حقيقة والتقارب مع الصين وهم

قال المعارض السعودي، رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح سعد الفقيه، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خرج من تبعيته لرئيس الإمارات محمد بن زايد؛ بل ودخل مرحلة الصدام معه، لكنه قلق وخائف لأنه يعلم أن الأخير يستطيع أن يؤذيه بسبب علاقاته الواسعة عالميا.
وأضاف في حوار مع "الاستقلال"، إن المملكة منطقة نفوذ أميركي بامتياز، ونظامها الأمني والاقتصادي مصمم على التبعية لواشنطن، ولن تستطيع أن تناور الولايات المتحدة بعلاقات إستراتيجية مع الصين أو روسيا كما يُشاع أخيرا.
وعن التطبيع مع الاحتلال، أكد الفقيه أن إسرائيل لا تحتاج مساعدة أميركا لدفع ابن سلمان نحو التطبيع معها؛ بل الأخير هو أكثر حماسا لذلك من قادة تل أبيب أنفسهم.
وعن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية، أوضح أنه من المهم النظر بحذر إلى التقارب السعودي التركي، مضيفا أنه رغم صدق ونزاهة التوجه التركي فإن موقف ابن سلمان بطيء ولا يؤمن منه الانقلاب.
محليا، شدد المعارض السعودي على أن المملكة في عهد ابن سلمان تحولت إلى نظام بوليسي قمعي بامتياز، يطلق يد جهاز الأمن لاعتقال من يريد دون رقيب أو حسيب.
وسعد بن راشد الفقيه (66 عاما) استشاري طبيب جراح، ورئيس المكتب السياسي للجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية (حقوقية)، ومؤسس الحركة الإسلامية للإصلاح (سياسية)، وكلا الكيانين محظوران بالسعودية، ويواصل عمله من بريطانيا.
المستجدات الإقليمية
- كيف يرى سعد الفقيه التقارب التركي السعودي في ظل زيارة الرئيس (رجب طيب) أردوغان أخيرا للمملكة؟
التقارب السعودي التركي ينبغي أن ينظر له بحذر، فرغم صدق ونزاهة التوجه التركي فإن الموقف السعودي بطيء وحذر ومحدود ولا يؤمن منه الانقلاب.
كما أن تخلي ابن سلمان عن الموقف المعادي لأردوغان له عدة أسباب، من أهمها فوزه وفوز حزبه الأخير في الانتخابات، ويأسه من خروج أردوغان من زعامة تركيا.
أضف لما سبق خلافه مع (الرئيس الإماراتي محمد) ابن زايد الذي كان يحرضه على الرئيس أردوغان بشكل متواصل، وقناعته بتنامي الخطر الإيراني.
وأهمها اعتقاده أن أردوغان تخلى عن دعم رموز ما يسمى بـ"الإسلام السياسي" في العالم العربي الذي يقيمون في تركيا أو يترددون عليها.
- هل تعتقد أن زيارة أردوغان للمملكة مفيدة لابن سلمان.. وكيف؟
بمقاييسنا نحن نعم فالزيارة مفيدة لابن سلمان قطعاً، خاصة في الجانب الاقتصادي والعسكري والسمعة في العالم العربي والإسلامي.
ولكن ابن سلمان لا يفكر بنفس الطريقة وربما يهتم فقط بالتوازنات التي على مقاسه الشخصي.
- ما انعكاسات التقارب على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري بعد فوز أردوغان بالانتخابات؟
يفترض أن يستفيد الطرف السعودي عسكرياً ويستفيد الطرف التركي اقتصادياً، وأن يستفيد الطرفان سياسياً لكن هذا مبني على توقعات.
ولم تتضح تفاصيل الاتفاقيات بين المملكة وتركيا بعد، وحتى لو اتضحت لا ضمان لالتزام الطرف السعودي بها.
- كيف تقيمون محصلة التقارب السعودي الإيراني بعد بضعة أشهر وما انعكاساته على منطقة الخليج؟
قرار ابن سلمان الاقتراب من إيران كان سببه استخدامها في الضغط على الحوثي للقبول بحل دائم في اليمن، ويبدو أن هذا لم يتحقق ولن يتحقق؛ بل اكتفى الإيرانيون بالضغط على الحوثي لتمديد الهدنة.
وأما السبب الآخر للتقارب وهو حرص ابن سلمان على إقناع إيران بأن السعودية لن تكون مسؤولة عن أي ضربة تتعرض لها طهران من قبل أميركا أو إسرائيل، فهذا لا أتوقع أن تقتنع به طهران.
- كيف ترى شكل الإقليم في منطقتنا العربية بعد التقارب السعودي الإيراني وانضمام تركيا ومصر؟
لن يتغير شيء ملموس في الوضع الاقليمي ما لم تندلع حرب إقليمية مع إيران، أو يحصل تحول كبير في إسرائيل بعد الخلافات الخطيرة التي تحصل داخلها.
الخليج والتبعية
- ما إنجازات مجلس التعاون الخليجي وما إمكانية تحقق التكامل الاقتصادي المنشود؟
مجلس التعاون لم يحقق شيئا سوى توحيد المواقف لصالح السياسة الأميركية، ولم يحصل تفاهم اقتصادي أو أمني أو سياسي طوال العقود الماضية؛ بل بالعكس حصلت اضطرابات كادت أن تصل لنشوب حرب داخل المجلس.
- هل بدأ ابن سلمان يقود ابن زايد ويخرج من دائرة الخضوع له والتبعية لأبو ظبي؟
نعم خرج ابن سلمان من تبعية ابن زايد؛ بل ودخل مرحلة الصدام معه، ولكنه قلق وخائف لأنه يعلم أن رئيس الإمارات يستطيع أن يؤذيه بسبب خبرته وعلاقاته الواسعة عالمياً ومن خلال شبكاته الاستخباراتية.
- ما رأيك في توجه ابن سلمان نحو الصين وروسيا.. وما موقف واشنطن من ذلك؟
كل ما يقال عن توجه ابن سلمان نحو الصين وروسيا كلام شعاراتي ليس له من الحقيقة نصيب.
التوجه التجاري والسياحة وما شابه ذلك، فهذا قائم منذ زمن وليس لدى الولايات المتحدة الأميركية اعتراض عليه.
وأما التوجه الأمني والعسكري فهذا لم ولن تسمح به أمريكا مطلقاً؛ حيث إن السعودية منطقة نفوذ أميركي بامتياز.
وقد بُني نظامها العسكري والأمني والاقتصادي والإستراتيجي كله على التبعية لأميركا.
- هل يمكن أن يستقل ابن سلمان عن التبعية الأميركية بأي حال.. وكيف؟
هذا مستحيل أن يحدث ولن يستطيع محمد بن سلمان مهما حاول ذلك لأن المملكة منطقة نفوذ أميركية بامتياز يستحيل التفريط فيها حسبما ذكرت في إجابة السؤال السابق.
التطبيع مع إسرائيل
- ما تفسيركم للسماح بوجود فريق رياضي إسرائيلي بجوازات سفر إسرائيلية على الأراضي السعودية؟
وجود فريق رياضي إسرائيلي وعزف النشيد الإسرائيلي لأول مرة على أرض الحرمين أمر غير مقبول من غالبية الشعب السعودي، ولكن تفاهم الأمير الطائش مع إسرائيل وصل مستويات متقدمة جداً.
فقد التقى ابن سلمان مع (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو عدة مرات، والتقى مسؤولون سياسيون وأمنيون وعسكريون سعوديون بتوجيهات ابن سلمان مع نظرائهم الإسرائيليين مرارا؛ بل وسمح للإسرائيليين بدخول المملكة للسياحة والتجارة.
كما أعطيت الشركات الإسرائيلية أولوية في بعض المشاريع، وتم تحديد ما يزيد عن عشر مناطق في غرب المملكة وشمالها يزعم اليهود أن فيها آثارا لهم.
واستعان ابن سلمان بخبراء إسرائيليين لإعادة تعميرها وتحويلها إلى أماكن زيارة لليهود؛ بل وأعطاهم صلاحيات كاملة بحرية التصرف فيها
ليس ذلك فحسب؛ بل أُعطى ابن سلمان مؤسسة ثقافية إسرائيلية سلطة كاملة في مراجعة المناهج الدراسية السعودية بزعم حذف كل ما له علاقة بكراهية إسرائيل بالكتب المدرسية السعودية.
كما شدد الأمير على التزام وزارة المعارف السعودية بكل توصيات المؤسسة الإسرائيلية ورضخت لها.
- هل يمكن أن نشهد قريبا افتتاح سفارة إسرائيلية في السعودية؟
ليس هناك حرص من إسرائيل على فتح مقر للسفارة الخاصة بها خوفاً على سمعة السعودية في العالم الإسلامي.
ذلك أن إسرائيل تريد للسعودية من خلال الحرمين أن تبقى قائدة للعالم الإسلامي؛ حتى يستمر التضليل والانحراف الذي يقوده السعودي محمد العيسى رئيس رابطة العالم الإسلامي الذي زار المحرقة (معسكر أوشفيتز النازي، في بولندا) عام 2020.
- ما طبيعة الدور الأميركي في التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟
الحقيقة أن تل أبيب لا تحتاج أميركا لدفع السعودية للتطبيع؛ بل إن ابن سلمان متحمس لذلك شخصيا أكثر من إسرائيل نفسها.
وذلك لأنه يعتقد أن إسرائيل هي التي تدير أميركا وأوروبا والعالم؛ بل وقادرة على تسخير واشنطن والغرب له.
ولذلك قال بايدن في مقابلة حينما سُئل عما يتردد أن ابن سلمان يشترط للتطبيع مع اسرائيل تحسين العلاقة معه شخصياً: ليس هناك مشكلة بينهما.
- التقارب بين تل ابيب والرياض.. ما انعكاساته على صفقة القرن، واتفاقيات التطبيع في المنطقة؟
لن تحصل صفقة القرن (خطة أميركية مزعومة للسلام أطلقها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب) لأن فيها إنهاء لدور السلطة الفلسطينية المشبوه في خدمة وتأمين الاحتلال.
وإنهاء السلطة يعني عودة الانتفاضة ولذلك إسرائيل أصلا لا تريد صفقة القرن وتمسك بتلابيب سلطة محمود عباس، وأما اتفاقات إبراهام فهي ترتيبات مصطنعة لن يترتب عليها شيء دينيا.
الاقتصاد والانتهاكات
- ما مستقبل مشروع نيوم الذي وضع رؤيته ابن سلمان وانعكاساته على أوضاع المواطن السعودي؟
مشروع نيوم خيالي رفضه كل الخبراء المعتبرون في العالم، وهو قائم بالكامل على فانتازيا ابن سلمان ولم تقبل أي مؤسسة مالية في العالم تمويله.
ولذلك اضطر ابن سلمان أن يقترض من أجل بداية العمل به، ولا أتوقع أن يصل إلا إلى مستوى بناء منازل العمال والمهندسين ومرافق العمل.
- كيف هي الأوضاع الاقتصادية للمملكة في عهد ابن سلمان وهل تحسنت أحوال السعوديين؟
المقاييس الاقتصادية كلها مبنية على أرقام تعلنها الحكومة السعودية دون تدقيق من جهة مستقلة، وكلها أرقام كاذبة يستطيع المدقق إثبات كذبها من خلال تتبع مصادر الدخل والصرف والمشاريع والسياسيات عموما.
وعلى كل حال ازداد الدين العام في المملكة بعد تولي ابن سلمان من 40 مليار دولار إلى أكثر من تريليون دولار.
كما انخفض الاحتياطي من العملة الصعبة في المملكة من تريليون دولار قبل تولي ابن سلمان إلى أقل من 300 مليار دولار بعد توليه زمام الأمور.
وطبقا لحسابات أحد الخبراء فقد اختفى من أموال المملكة خلال فترة حكم سلمان وابنه أكثر من 2 تريليون ريال، وتفشت البطالة، وإزداد الفقر، وأفلست مئات الشركات وتراجع الوضع الاقتصادي للبلاد بصورة لم يسبق لها مثيل.
- كيف تتابعون قضية الاعتقالات في المملكة وآخرها اعتقال الداعية بدر المشاري؟
المملكة في عهد الأمير الطائش تحولت إلى دولة بوليسية قمعية بامتياز، والاعتقالات السياسية في السعودية بلغت عشرات الآلاف، واتخاذ قرارت الاعتقال ليس له علاقة بالجهاز القضائي ولا حتى بهيئة الادعاء العام.
فنجد أن أمن الدولة له حق اعتقال أي شخص بأدنى شبهة، وله حق إبقائه في السجن إلى أمد غير محدود، وغالبا ما يستهدف ثلاثة أنواع من الناشطين.
إما ناقد للنظام حتى لو بتغريدة خفيفة أو بإعادة تغريدة، أو داعية إسلامي مؤثر تربويا حتى لو لم يكن معارضا، أو شخص له شعبية وجمهور يخشى أن يتضخم جمهوره فيُستخدم مستقبلا من المعارضة.