هيرو مصطفى.. لاجئة عراقية بخلفية مخابراتية اختارتها أميركا لقيادة سفارة مصر

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

"امرأة كردية، مهاجرة عراقية، بطلة أميركية"، كل هذه الألقاب تطلقها وسائل الإعلام على الدبلوماسية، هيرو مصطفى جارج، التي يعتزم رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، تسميتها "سفيرة فوق العادة" لبلاده لدى مصر.

ويأتي تسمية جارج خلفا للسفير دانيال روبنستين الذي يتولى مهام القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة منذ أغسطس/ آب 2022.

دبلوماسية مخضرمة

في 30 مارس/ آذار 2023، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس بايدن يعتزم ترشيح الدبلوماسية "هيرو مصطفى جارج" لمنصب سفيرة فوق العادة لدى جمهورية مصر العربية.

وأوضح البيت الأبيض في بيان أن "جارج" شغلت منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى بلغاريا من 2019 إلى 2023، ونائبة رئيس البعثة في لشبونة بالبرتغال، ومستشارة سياسية في سفارة واشنطن في نيودلهي بالهند.

وأضاف أن السفيرة الجديدة سبق لها أن عملت في مكتب نائب الرئيس في القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا.

وتشمل مهامها الأخرى في واشنطن، بحسب البيان، منصب نائب مدير مكتب أفغانستان، ومستشار الشرق الأوسط في مكتب وكيل الوزارة للشؤون السياسية، ومدير شؤون إيران، والشؤون الإسرائيلية الفلسطينية.

كما كانت منسقة مدنية أميركية رئيسة في الموصل بالعراق، ومسؤولة قنصلية في بيروت بلبنان، ومسؤولة سياسية في أثينا باليونان.

وحصلت هيرو على جائزة "ماتيلدا دبليو سينكلير" لإنجازها المتفوق في اللغات الأجنبية، إذ تتحدث 9 لغات إلى جانب لغتها الأم الكردية، وهي: العربية والإنجليزية والروسية والهندية والفارسية واليونانية والإسبانية والبرتغالية والتركية.

وعند توليها منصب السفيرة الأميركية في بلغاريا، كتبت هيرو على الموقع الرسمي للسفارة في بلغاريا بيانا، في عام 2019، معبرة عن فخرها بكونها أول أميركية من أصل كردي يتم ترشيحها كسفيرة.

وعملت هيرو في إدارة منظمة غير حكومية للدراسات الكردية في الولايات المتحدة بعد تخرجها مباشرة، ثم تنقلت بين عدة دول عربية وآسيوية وأوروبية لمتابعة مسيرتها المهنية.

وكانت أولى رحلاتها البوسنة والهرسك للإشراف على الانتخابات المحلية هناك، ثم الإمارات، حيث شغلت منصب رئيس تحرير مركز "الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية" في أبو ظبي.

لاجئة عراقية

ولدت هيرو مطلع عام 1973 في أربيل بإقليم كردستان شمالي العراق، وأمضت عامين من طفولتها في مخيم للاجئين بإيران قبل أن تصل مع أسرتها التي طلبت اللجوء السياسي في الولايات المتحدة عام 1976، لأن والدها ناشط سياسي معارض لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وبعد استقرار عائلتها في الولايات المتحدة، درست هيرو في المراحل التعليمية الأولى في ولاية داكوتا الشمالية، وحصلت على شهادتها الجامعية الأولى من جامعة جورج تاون في عام 1995.

ودرست هيرو الأمن القومي ودراسات الشرق الأوسط، ثم حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من كلية "وودرو ويلسون" للشؤون العامة والدولية في جامعة برينستن.

وبعد عملها في مركز الدراسات الإماراتي، انضمت هيرو للعمل في وزارة الخارجية الأميركية عام 1999، فعملت كمسؤولة سياسية عن حقوق الإنسان ومشكلات الاتجار بالبشر في أثينا، ثم مستشارة في القنصلية الأميركية في بيروت.

ثم شغلت منصب كبير المستشارين لنائب الرئيس السابق جو بايدن، وقدمت الاستشارات بشأن القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط وجنوب آسيا ووسطها، من مارس/ آذار 2009 حتى 2011.

وعملت مساعدة خاصة لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، وفي العراق، عملت منسقة بين السلطات العراقية وسلطة التحالف المؤقتة لمحافظة نينوى بشمال العراق.

وشغلت منصب مديرة شؤون العراق وأفغانستان بين عامي 2004 و2005 أثناء عملها في مجلس الأمن القومي الأميركي.

ومن عام 2005 إلى 2006، تسلمت منصب مدير الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية والأردن في المجلس.

وكانت هيرو المستشارة السياسية لوفد الحكومة الأميركية خلال المفاوضات الخاصة بالملف النووي الإيراني.

وقالت جارج ذات مرة لمجموعة من الطلاب بحسب ما نشر مؤسسة "كارنيجي" عام 2021: "كونك لاجئا مهاجرا، فأنت تبدأ بلا شيء. لكن هذه التجربة علمتني أن أضع أهدافا كبيرة، ثم أحققها، ثم أهدفا إلى مستوى أعلى".

وقالت في مقابلة مع "مؤسسة أميركا من أجل بلغاريا"، إن "قصة عائلتي هي مثال على الحلم الأميركي. لقد جاهدت لتحقيق أقصى استفادة من الفرص المتاحة لي، والولايات المتحدة هي الدولة التي تكافئ العمل الجاد. أنا أحب أميركا حقا". 

وأضافت هيرو: "أعتقد أن الدول الأخرى تستفيد من الشراكة مع الولايات المتحدة ، وهذا الإيمان يدعم كل العمل الذي أقوم به كدبلوماسي"، حسبما نقل موقع "كارنيجي" عام 2021.

وتزوجت هيرو من شخص ذي أصول هندية يدعى، رافنييش جارج، ولديهما طفلتان، الكبرى تدعى أريانا، وتبلغ من العمر 9 أعوام، والصغرى أشنا، البالغة 7 أعوام، بحسب موقع السفارة الأميركية في بلغاريا.

وكانت قصة عائلة هيرو مصطفى المهاجرة إلى الولايات المتحدة، هي موضوع الفيلم الوثائقي "البطلة الأميركية" American Herro، بحسب بيان البيت الأبيض.

وكرمتها مؤسسة "كارنيغي"، في عام 2021، كواحدة من أهم المهاجرين في الولايات المتحدة، كما حصلت على جائزة وزارة الخارجية لحقوق الإنسان وتحقيق الديمقراطية، فضلا عن جائزة الشرف العليا وجائزة الشرف التقديرية عن مجمل مسيرتها المهنية.

امرأة مخابرات

لم يظهر للدبلوماسية الأميركية أي مواقف حيال القضايا في مصر والمنطقة العربية، وثورات الربيع العربي، والثورات المضادة، لاسيما الانقلاب العسكري الذي قاده رئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز 2013.

لكن عددا من الناشطين المصريين رأوا في تعيين امرأة أصولها من دولة عربية سبق أن غيّرت الولايات المتحدة النظام فيها، وذات خلفية مخابراتية، ربما يحمل دلالات تشير إلى بدء تحرك الإدارة الأميركية ضد بقاء السيسي في حكم مصر.

وقال الصحفي المصري، عبد الحميد قطب، إن تعيين بايدن سفيرة من بلد عربي لوالدين مسلمين لمنصب سفير فوق العادة في مصر، ربما يحمل رسالة لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.

وأوضح قطب خلال تغريدة على "تويتر" في 31 مارس، 2023 أن والد السفيرة الجديدة كان معارضا لصدام حسين وهذا في حد ذاته رسالة أميركية واضحة للسيسي، والتي ربما تشير إلى أن مصيرك مثل الرئيس العراقي الراحل، على حد وصفه.

من جهته، قال الأكاديمي المصري حسام يوسف المقيم في الولايات المتحدة، إن هيرو امرأة مخابرات من الدرجة الأولى تتكلم 6 لغات وعملت في الأمن القومي الأميركي في ملفات أفغانستان وإسرائيل والعراق".

ورأى يوسف خلال تغريدة على "تويتر" في 31 مارس، إن "تعيينها يحمل معاني كثيرة ويوضح الاتجاه الذى تسير فيه إدارة بايدن تجاه الملف المصري في المرحلة القادمة ويذكرني بالسفيرة الأميركية آن باترسون التي كانت عاصرت فترة ثورة 25 يناير 2011".

في المقابل، غرّد الناشط الموالي لنظام السيسي، جون المصري، المقيم في هولندا عبر "تويتر" في 31 مارس 2023 قائلا: إن "بايدن بدأ التحرك لنزع حكم السيسي من خلال تعيين سفيرة أميركية لمصر عراقية الأصل".

وأضاف: امرأة مخابرات من الدرجة الأولى. تتكلم 6 لغات عملت فى الأمن القومي الأميركي في ملفات أفغانستان وإسرائيل والعراق، تخصص تخريب".