أول الواصلين.. كيف دعمت قطر ومنظماتها منكوبي الزلزال بسوريا؟

12

طباعة

مشاركة

لعب الهلال الأحمر القطري ومنظمة قطر الخيرية ومتطوعون قطريون وعرب قدموا من الدوحة، دورا إغاثيا وإنسانيا عاجلا في مناطق شمال غربي سوريا عقب قوع الزلزال فجر 6 فبراير/شباط 2023.

وأسهم الدعم القطري الإنساني في تخفيف جزء من معاناة المنكوبين من الزلزال بمناطق المعارضة السورية في شمال البلاد.

ولا سيما أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تركت المنطقة وحيدة تواجه الكارثة دون أي تدخل في الأيام الأولى لها.

وخلال ورشة شارك فيها الائتلاف الوطني السوري المعارض والحكومة المؤقتة، بمدينة إسطنبول التركية، بتاريخ 24 فبراير 2023، شكر "رائد الصالح" رئيس منظمة الدفاع المدني المعارضة الملقبة بـ"الخوذ البيضاء"، الدول والجهات والمنظمات التي أسهمت في الاستجابة للزلزال.

وخص الصالح بالشكر دولة قطر التي قال أمام الحاضرين إنها "كانت أول دولة استجابت للكارثة وقدمت الدعم"، وفق ما نقل "تلفزيون سوريا" المعارض.

وكتب مغردا في 19 فبراير: "كل الخيارات لمساعدة المنكوبين شمال غربي سوريا كانت متاحة في الساعات الأولى من الزلزال، في ظل وجود سند قانوني يمنحها صلاحية تنفيذ عمليات عبر الحدود دون احتياجها لأي تفويض من الدول أو من مجلس الأمن، لكنها أصرت على الانتظار للحصول على موافقة نظام (بشار) الأسد دون مبرر".

والخوذ البيضاء"، منظمة إنسانية يبلغ عدد أفرادها 3 آلاف متطوع معظمهم من الرجال، وبينهم أيضا نساء. والتقى هؤلاء وبدأوا عملهم عام 2013 للاستجابة للقصف الجوي والبري على المدن والبلدات السورية من قبل نظام الأسد.

وأكدت الحكومة السورية المؤقتة في الورشة المذكورة آنفا، أن 33 شاحنة من قطر، إضافة إلى فريق طبي دخلت إلى مناطق شمال غربي سوريا كاستجابة لكارثة الزلزال المدمر.

جسر أميري

وفي 6 فبراير 2023، ضرب زلزالان جنوبي تركيا وشمالي سوريا، بلغت قوة الأول 7.7 درجات والثاني 7.6 درجات، فضلا عن مئات الهزات الارتدادية العنيفة. وخلّفا آلاف القتلى والجرحى في البلدين.

وشردت الزلازل نحو مليون شخص، شمال غربي سوريا الخارج عن سيطرة نظام الأسد، من أصل 5 ملايين إنسان، كانوا يعانون أصلا من نقص المساعدات والخدمات قبل وقوعها.

وبمجرد وقوع الزلزال، سارعت الدوحة لتقديم التعازي وفتح قناة تواصل مباشر على أعلى مستوى مع تركيا، وتدشين جسر جوي لمساعدة الشعبين التركي والسوري، حيث انطلقت في اليوم الأول أولى رحلات الجسر الجوي الأميري.

وكشف مدير قطاع الإغاثة والتنمية الدولية بالهلال الأحمر القطري محمد صلاح، عن المساهمات التي قدمتها الجمعية للمتضررين من الزلزال في الشمال السوري.

وأوضح لوكالة الأناضول التركية في 23 فبراير، أن الجمعية قدمت مساعدات غذائية عاجلة للمتضررين النازحين في سوريا وبالتعاون مع الهلال التركي، على عدد من مخيمات الإيواء منذ اليوم الثاني للزلزال.

وأكد أنهم بادروا أولا إلى "إقامة المخيمات واعتماد ميزانية خاصة لهذا الأمر، وبالتعاون مع صندوق قطر للتنمية أنشأنا مبدئيا 500 خيمة في سوريا وسيجرى إنشاء مركز إيواء خاص بالهلال القطري بالشراكة مع نظيريه الكويتي والتركي".

وتابع في تصريحات: "اعتمدنا بناء 300 وحدة سكنية في الداخل السوري كمرحلة أولى لإيواء الأسر المتضررة من الزلزال وسيتم البدء في هذا المشروع".

وأشار صلاح إلى أن الفرق القطرية التي جرى إرسالها إلى الداخل السوري كانت أول مجموعة طبية ميدانية تصل إلى شمال البلاد لمباشرة إغاثة منكوبي الزلزال.

ووصف الوضع في الشمال السوري بأنه "مأساوي"، ومضى يقول: إن التدخل سواء من الأمم المتحدة أو المنظمات الإنسانية لم يكن بالشكل المطلوب.

وأشار إلى أن "المنظمات العاملة في الميدان كان عددها قليل جدا مقارنة بحجم الكارثة والاحتياج الكبير في الداخل السوري".

كما أعلنت المنظمات الإغاثية والخيرية القطرية عن إطلاق حملات عاجلة لجمع التبرعات ودعم المنكوبين في كل من تركيا وسوريا وإمدادهم بالمساعدات والمستلزمات اللازمة.

وأعلن صندوق قطر للتنمية الحكومي، تقديمه دعما لعمليات الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" المستمرة، لإنقاذ وإغاثة ضحايا الزلزال في سوريا.

حملة "عون وسند"

وبدورها، دشنت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية في قطر (حكومية)، في 11 فبراير حملة "عون وسند" الإغاثية العاجلة للمتضررين من الزلزال بسوريا وتركيا، بالشراكة مع جمعية قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري.

وبلغ حجم التبرعات للحملة (غير محددة المدة) 168 مليون ريال قطري (46 مليون دولار) في يومها الأول عبر تلفزيون قطر الرسمي.

وشارك في التبرعات عدد من مؤسسات الدولة والبنوك والشركات الخاصة والعامة وأشخاص محسنون، كما تبرع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال الحملة بـ50 مليون ريال قطري (14 مليون دولار).

وهدفت الحملة لتأمين مبالغ عاجلة، لشراء فوري لما يلزم من احتياجات تغطي مجالات الإغاثة العاجلة، من الصحة والإيواء والأمن الغذائي والمواد غير الغذائية الأخرى.

وتمكن الهلال الأحمر القطري من إجراء نحو 261 عملا جراحيا في الشمال السوري، ضمن جهود الاستجابة للزلزال كونه أول وفد طبي عربي ودولي يدخل المنطقة عقب الكارثة، وفق ما أكدت مديرية صحة إدلب في بيان لها 20 فبراير.

وأشارت المديرية إلى أن العمل الجراحي تنوع بين الكبير والمتوسط والصغير، من ضمنها 98 عملية نوعية، كما بلغ عدد الاستشارات الطبية التي قدمها الفريق الطبي القطري أكثر من 700.

وقدم هؤلاء شرحا عن الإصابات التي عاينوها في المشافي وما تحتاجه من رعاية طبية نوعية ومتخصصة، وأكدوا على ضرورة دعم وتقوية القطاع الصحي في المنطقة والذي يعاني من صعوبات كبيرة أبرزها نقص التمويل.

وضمت الدفعة الأولى من فريق الاستجابة الطبية والتي أرسلها الهلال الأحمر القطري إلى الشمال السوري الخارج عن سيطرة نظام الأسد، 13 طبيبا، من مختلف الاختصاصات الجراحية، إضافة لطاقم تمريض ومتطوعين في الهلال الأحمر القطري.

كما يقدم أحمد أيمن، الطبيب النفسي المختص بالأمراض النفسية والعلاجات السيكولوجية، من أعضاء الوفد الطبي القطري، نصائح لمساعدة الأطفال  في الشمال السوري على تجاوز الآثار النفسية للزلزال.

ويركز الهلال الأحمر القطري على توفير الاحتياجات الضرورية في هذه المرحلة، وبالأخص المواد الغذائية وغير الغذائية، مثل الخيم، والبطانيات، والعوازل البلاستيكية، وحزم النظافة الشخصية، وتمكن في الدفعة الأولى من المساعدات الإغاثية العاجلة للشمال السوري من توزيع 4800 سلة غذائية لفائدة الأسر الأكثر تضررا.

مشاريع عاجلة

كما دخلت قافلة مساعدات إنسانية مقدمة من دولة قطر، عبر معبر باب الهوى شمال إدلب على الحدود التركية، لمساعدة المتضررين من الزلزال شمال غربي سوريا بتاريخ 16 فبراير، وشملت شاحنات عدة مواد غذائية ومستلزمات طبية وأغطية، وعدت الأكبر منذ حصول الكارثة في المنطقة.

وأكد مدير البرامج في الهلال الأحمر القطري هاشم درويش في تصريحات تلفزيونية، أنهم يسعون من خلال اجتماعات مستمرة مع الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وجميع الشركاء في شمال غربي سوريا، لتوزيع المساعدات بشكل عادل على جميع المنكوبين.

وبين أن الهلال الأحمر أرسل فرقا طبية من خلال الجسر الجوي الأميري لإجراء عمليات جراحية نوعية في الشمال السوري للمتضررين من الزلزال.

وأشار درويش من مدينة إدلب، إلى وجود نقص كبير في المعدات، مؤكدا على أنه سيجرى إرسال معدات طبية بهدف ترميم الفجوات في النظام الصحي في شمال غربي سوريا.

كما أعلن الهلال الأحمر القطري عن مشروع لبناء 300 وحدة سكنية نموذجية لمتضرري زلزال الشمال السوري، بمساحة 60 مترا مربعا.

وبحسب ما نشر على موقعه فإن كل وحدة تتكون من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام بكلفة 2750 دولارا للوحدة الواحدة مع الخدمات والمرافق الأساسية. وفتح الهلال الأحمر القطري باب التبرع على موقعه لمساعدة المنكوبين في الشمال السوري.

أما منظمة قطر الخيرية فقد استجابت بدورها من الأيام الأولى للزلزال وتوجهت إلى الشمال السوري رفقة إعلاميين وصناع محتوى عرب وجهت لهم دعوة للوجود مع فريقها في قلب الحدث لنقل الصورة الحقيقية للمنكوبين.

ومنظمة قطر الخيرية واحدة من أكبر الهيئات الخيرية غير الحكومية الرائدة في الخليج تأسست عام 1992، من أجل تطوير المجتمع القطري والمجتمعات المعوزة.

وأطلقت قطر الخيرية حملة إغاثية عاجلة بعنوان "أغيثوا متضرري الزلزال- تركيا وسوريا"، ووزعت مباشرة 27 ألف وجبة غذائية ساخنة على المتضررين مناصفة ما بين البلدين.

وذكرت المنظمة، في بيان لها، أن قافلة تابعة لها تحركت من الدوحة نحو المناطق المتضررة تحتوي على 4 شاحنات، تتضمن مستلزمات طبية وإسعافات أولية وملابس وتمورا ومواد غذائية.

وأضاف البيان، أنها تعد خطة بقيمة 21.9 مليون ريال (6 ملايين دولار) تشمل استجابة عاجلة بقيمة 7.3 ملايين ريال (2 مليون دولار)، ومشاريع إنعاش مبكر وإعادة الإعمار بقيمة 14.6 مليون ريال (3 ملايين و800 ألف دولار).

كما شحنت قطر الخيرية عبر الجسر الجوي الذي سيرته دولة قطر، 13 طنا من المواد الغذائية، وقرابة 4 آلاف بطانية.

وحصلت قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري على تراخيص مشاريع إغاثية جديدة في الشمال السوري عقب وقوع الزلزال، كمشروع لمنطقة سكنية متكاملة للنازحين المتضررين.

وبحسب ماجد بن محمد الأنصاري مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، فإن المستفيدين من إمدادات الجمعيات الخيرية القطرية في الداخل السوري زاد عن مليون و300 ألف شخص.

وقررت قطر في ضوء الاحتياجات العاجلة في تركيا وسوريا، شحن مقصورات وبيوت نقالة للبلدين استخدمت لإقامة المشجعين خلال كأس العالم فيفا قطر 2022، لتوفير دعم فوري لإيواء ناجين خسروا منازلهم، حسبما صرح مسؤول قطري عالي المستوى لوكالة الأنباء الفرنسية بعد ساعات من الهزة الأرضية المدمرة.