نعيم العبودي.. مليشياوي موال لإيران يتولى التعليم الجامعي في العراق

"مليشياوي، طائفي، بلبل العصائب" كل هذه الألقاب تطلق على نعيم العبودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي منحها البرلمان الثقة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعد عام كامل على الانتخابات التشريعية.

تولي العبودي حقيبة التعليم العالي أثار جدلا واسعا في الأوساط الشعبية والأكاديمية العراقية، لكونه قبل ذلك قياديا ومتحدثا باسم مليشيا "عصائب أهل الحق" الشيعية الموالية لإيران، التي يرأسها قيس الخزعلي والمدرجة على لوائح الإرهاب الأميركية.

نائب سابق

فور توليه المنصب غرد العبودي على "تويتر" قائلا: " تشرفت اليوم بمسؤولية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق. مع شكري لكل من وثق  بحملي هذه الأمانة، أسأل الله أن أكون عند حسن ظن الجميع، وعيني على تلك الكوادر العظيمة من الأساتذة الكبار خبراء العمل الأكاديمي، لنكون معا في هذه الرحلة التي تحتاج إلى كل كفاءات الوطن".

نعيم عبد ياسر العبودي المولود في مدينة ذي قار العراقية عام 1978، حاصل على البكالوريوس من جامعة الكوفة، وعلى درجة الماجستير في حقوق الإنسان، والدكتوراه في اللغة العربية من الجامعة الإسلامية التابعة للمجلس الأعلى الشيعي في لبنان.

وكانت وزارة التعليم العراقية ألغت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 الاعتراف بالجامعة الإسلامية في لبنان لكثرة الشهادات المزورة الصادرة منها للعراقيين ولا سيما المسؤولين منهم، والتي قدرت وقتها بنحو 5 آلاف شهادة أغلبها تتعلق بالدراسات العليا (الماجستير، والدكتوراه).

وتناولت أطروحة الدكتوراه الخاصة بالعبودي موضوعا عن المرجع الإيراني المعروف محمد حسين بن عبد الرحيم بن محمد سعيد الغروي النائيني المتوفى عام 1936، كان عنوانها: "البحث اللغوي عند الأصوليين، الشيخ النائيني أنموذجا". 

رغم تسميته وزيرا للتعليم العالي لأول مرة في العراق، فإن العبودي لم يشغل أي منصب في مؤسسات الوزارة نهائيا أو يمارس العمل الأكاديمي، وذلك من خلال التدريس في إحدى الجامعات والمعاهد العراقية، وبالتالي فهو لا يحمل أي لقب علمي.

ومع أن تخصصه لغة عربية حسب شهادات دراساته العليا، فإن ناشطين تداولوا مقطعا مصورا لمقابلة تلفزيونية (لا يعرف تاريخها) على إحدى القنوات العراقية مع المفكر والسياسي العراقي غالب الشابندر، يعيب على العبودي عدم إجادته للفصحى، ويصحح له لفظ إحدى العبارات.

العبودي وصل إلى قبة البرلمان نائبا في الدورة الرابعة (2018 - 2021) عن كتلة "صادقون" التابعة لـ "عصائب أهل الحق"، والتي شغل خلالها منصب رئيس لجنة الاتصالات والإعلام النيابية، كما أنه أصبح عضوا في البرلمان العربي طيلة مدة عضويته البرلمانية.

مليشياوي طائفي

ومع تسميته وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، استذكر ناشطون عراقيون تصريحاته التي وصفوها بـ"الطائفية"، إذ كتب الناشط عبد الله البياتي على "تويتر" قائلا "أقدم لكم المرشح لوزارة التعليم نعيم العبودي والذي يحمل نفسا طائفيا بحتا.. الفاتحة على روح وزارة التعليم العالي".

وأرفق البياتي تغريدة سابقة للعبودي كتبها عقب صدامات جرت بين التيار الصدري وفصائل الحشد الشعبي (شيعيان) داخل المنطقة الخضراء ببغداد في 29 أغسطس/آب 2022، بالقول: " في الأمس خيم الحزن على عراقنا، وكان يوما فرحت به آل زياد وآل مروان ولولا حكمة الغيورين لخسرنا الوطن".

وفي الأول من أكتوبر 2022 حصر العبودي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بالشيعة، بالقول: "من يتأمل في الظروف المحيطة بأمتنا يكتشف أن الشيعة اليوم هم واجهة الصد الدفاعي في وجه الصهاينـة، فدولتهم الشيعية في الشرق، ومجاهدوهم هم بقية السيف والكرامة في الأمة".

وأردف: "فليتخل البعض عن حالة التحسس من الشيعة لأن وحدة الأمة على كلمة سواء هي أنجع دواء".

وقبل ذلك غرد في 13 سبتمبر/ أيلول 2020، بالقول: "لم يعرف التاريخ أن مواقف العلماء الشيعة خرجت عن التكليف الشرعي وانحازت إلى الموقف الطائفي.. في ثورة العشرين أفتى علماء الشيعة بالجهاد ووقفوا مع العثمانيين السنة، واليوم علماء الشيعة يقفون مع القضية الفلسطينية، ويحرمون التطبيع وفلسطين معظم أهلها سنة!".

ولا يخفي العبودي تأييده لمليشيا الحوثي اليمنية، فقد صرح في 7 سبتمبر 2007، قائلا: "رغم أننا نقف مع مظلوميتهم، ونرفض ما يجري من تدخلات سعودية بهذا الشأن، لكننا لن نتدخل بالشأن الداخلي باليمن أو غيره، ونحن مع أن تكون هناك علاقات رسمية واضحة تحترم سيادة الدول وقراراتها"، وفق موقع "الجزيرة نت".

وفي محاولة لتبرير العلاقة مع النظام السوري برئاسة بشار الأسد وإيران، قال المتحدث باسم عصائب أهل الحق "هناك اختلاف بين من وقف مع بلدنا بحربه ضد (تنظيم الدولة) ومن يساعد على إيواء الإرهابيين الذين كبدوا العراق ودولا أخرى خسائر جسيمة"، على حد تعبيره.

ورفض العبودي التعليق على مشاركة تشكيلات عراقية في النزاع السوري، علما بأنها تمثل أجنحة عسكرية لبعض الأحزاب الحاكمة والمتنفذة في العراق ومن بينها "عصائب أهل الحق"، حسبما ذكر الموقع.

"بلبل العصائب"

تعبر تصريحات العبودي عن المليشيا التي ينتمي إليها؛ كونه الناطق الرسمي باسمها ورئيس كتلتها البرلمانية السابق، حتى أطلق عليه الإعلام العراقي وصفه بتسميته "بلبل العصائب".

فهو يغرد ويعلق على كل شاردة وواردة في مختلف القضايا المحلية والإقليمية والدولية، وأصبح اللقب فيما بعد مدعاة للتندر عليه في البرامج الكوميدية المحلية.

وغرد الإعلامي العراقي عثمان المختار على "تويتر" في 26 أكتوبر 2022 عقب ترشيحه، قائلا: "وزير التعليم: نعيم العبودي قيادي مليشيا العصائب صاحبة أعلى سجل جرائم طائفية ونهب بالعراق".

وفي عام 2006 تأسست مليشيا "عصائب أهل الحق"، التي يبلغ قوامها نحو 10 آلاف مقاتل، برعاية الحرس الثوري الإيراني، وذلك بشقهم عن التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، فقد كان زعيمها قيس الخزعلي قياديا بارزا في مليشيا "جيش المهدي" التابعة للأخير.

وبرزت المليشيا خلال قتالها إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة السورية بحجة الدفاع عن المراقد "المقدسة".

كما ظهرت بقوة في المعارك ضد تنظيم "الدولة" في العراق عام 2014 إلى 2017، والتي بدأت منذ بدايتها تسترعي الانتباه الدولي بسبب جرائمها الطائفية الوحشية.

وفي إحاطة نظمت في أكتوبر 2014 بعد أشهر قليلة من سيطرة تنظيم الدولة على الموصل، اتهمت منظمة العفو الدولية "عصائب أهل الحق" بخطف وقتل عشرات المدنيين السنة، وذلك في رد انتقامي مزعوم على الهجمات التي نفذها التنظيم.

وقالت المنظمة آنذاك إنه "جرى اكتشاف عشرات الجثث مجهولة الهوية في مختلف أنحاء البلاد، وكانت قد قيدت أيدي الضحايا مع تعرضهم لإطلاق نار في الرأس، ما يشير إلى نمط من عمليات القتل المتعمدة الشبيهة بالإعدام".

ونفذت المليشيا أيضا عدة عمليات خطف، لا سيما بين عامي 2015 و2017، وقتلت بعض الأسرى، حتى بعد دفع عائلات هؤلاء فدى بقيمة 80 ألف دولار وأكثر لضمان إطلاق سراحهم.

ومنذ تلك الفترة أقدمت "عصائب أهل الحق" على اغتيال ناشطين ومسؤولين، إضافة إلى مهاجمة الحكومة العراقية وأهداف مدنية ودولية بالصواريخ.

يذكر أن "المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب" هو من بين الجماعات الحقوقية التي دانت أفعال المليشيات المدعومة من إيران كـ"عصائب أهل الحق"، ووثق قتلها لمدنيين عزل في تقرير صدر في 6 يونيو/حزيران 2020.

وعلى الصعيد ذاته أدرجت وزارة الخزانة الأميركية المليشيا الموالية لإيران على لائحة الإرهاب في ديسمبر/كانون الأول 2019.

وأدرجت أيضا، قيس الخزعلي وشقيقه ليث على اللائحة على خلفية تورطهما في "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان"، واصفة إياهما بـ"وكيلين عنيفين" لإيران، وأنهما تلقيا التمويل وحصلا على التدريب من فيلق القدس التابع للحرس الثوري.