محمد إسلامي.. مهندس للنووي الإيراني درس بأميركا ويرفض ضغوط الغرب

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بخلفية ليست نووية، يرأس محمد إسلامي هيئة الطاقة الذرية في إيران، وأثار تصريحه الأخير جدلا بعدما أعلن أن "بلاده قادرة على صناعة قنبلة نووية، لكنها لا تعتزم فعل ذلك".

وصفت قناة "بي بي سي" البريطانية تصريحات إسلامي في الأول من أغسطس/آب 2022 بأنها "نادرة" الصدور عن كبار المسؤولين، ومن المتوقع أن تزيد التوتر والقلق بشأن برنامج إيران النووي، فقد طورت طهران نشاطاتها النووية منذ انهيار اتفاق مع قوى غربية كان يلزمها بتقييدها.

وبعدها بيوم، نقلت قناة "الميادين" التابعة لحزب الله اللبناني عن المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، أن تصريح رئيس الهيئة، محمد إسلامي، عن قدرة إيران على امتلاك قنبلة نووية "فهم بشكل خاطئ".

وأردف: "إيران لا تحتاج إلى القنبلة النووية نظرا إلى قدراتها الإستراتيجية ولن تذهب في هذا الاتجاه".

مهندس مدني

محمد إسلامي من مواليد عام 1956 في مدينة أصفهان، حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة ديترويت، بولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأميركية، عام 1979.

درس الماجستير في الهندسة المدنية بجامعة ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأميركية، عام 1981. كما حصل على البكالوريوس في إدارة الطيران العالمي المشتركة من جامعة رويال رودس، في كندا، وجامعة شريف عام 2004.

وحصل إسلامي على درجة الدكتوراه في إدارة الملاحة الجوية من جامعة "رويال رودز" الكندية.

لم تذكر وسائل الإعلام الإيرانية تفاصيل تجربة إسلامي في المجال النووي، لكن خلفيته الهندسية تتحدث عن تركيز البلاد المتجدد على بناء محطة للطاقة في وقت عانى فيه البلد من انقطاع التيار الكهربائي.

ولا تعرف عن محمد إسلامي مواقف مشددة، وهو مقرب من الإصلاحيين والتيار "المعتدل" الذي كان ينتمي إليه الرئيس السابق حسن روحاني مع أن له سوابق في الحرس الثوري.

وشغل محمد إسلامي منصب وزير الطرق وبناء المدن في حكومة الرئيس السابق حسن روحاني الثانية (2018 إلى 2021)، ومناصب أخرى خلال العقود الماضية، مثل نائب رئيس منظمة الصناعات الدفاعية الكبرى للشؤون الهندسية والمشاريع التنموية.

وكذلك شغل منصب المدير التنفيذي السابق لشركة صناعة الطائرات، ونائب رئيس منظمة صناعات الجوفضائية، ونائب وزير الدفاع للشؤون الصناعية والبحثية، فضلا عن رئاسة مؤسسة الصناعات الدفاعية للتعليم والبحوث.

خليفة صالحي

بخلاف المتوقع، عين الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في 29 أغسطس 2021 وزير الطرق السابق محمد إسلامي، مديرا جديدا لمنظمة الطاقة الذرية في البلاد، وبذلك يتولى منصبا حساسا يعول عليه النظام في إنجاح مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي.

لكن إسلامي، يختلف عن سلفه الرئيس السابق للهيئة علي أكبر صالحي، العالم الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، وكان لاعبا رئيسا خلال سنوات الدبلوماسية الدولية المكثفة التي تمخضت عن الاتفاق النووي مع القوى العالمية عام 2015.

وكان من المتوقع أن يرشحه إبراهيم رئيسي لمنصبه السابق في حكومة حسن روحاني، أي وزيرا للطرق والتنمية الحضرية، إلا أنه غير رأيه في آخر اللحظات.

ويقال إن محمد مخبر،  النائب الأول للرئيس إبراهيم رئيسي عارض ترشيح إسلامي لهذا المنصب.

كما كشفت المعلومات المتوفرة أن إسلامي لا ينتمي إلى أي حزب أو جناح سياسي في إيران، إلا أنه ملتزم بالنظام الحاكم في إيران ويوصف بأنه رجل تكنوقراط ومهني.

وخلافا لوعوده بأن الانتماءات لن تؤخذ بعين الاعتبار خلال مدة حكمه، اختار رئيسي جميع أعضاء الحكومة من التيار المتشدد، لكن مع مراعاة المحاصصة بين أجنحة هذا التيار.

وبدأ الاتفاق النووي المبرم في 2015 يتهاوى بعدما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مايو/أيار 2018 انسحاب الولايات المتحدة منه، واصفا إياه بـ"الكارثي"، إذ وقع مرسوما يقضي بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على إيران.

منذ أبريل/نيسان 2021، انطلقت المفاوضات النووية في فيينا بمشاركة غير مباشرة من الإدارة الأميركية، إلا أنها وبعد 7 جولات من المحادثات لم تتوصل لإعادة إحياء الاتفاق الموقع عام 2015. وقد توقفت في يوليو/تموز 2022 وسط أجواء عن استمرار الخلافات حول عدد من الملفات الجوهرية.

رافض للضغوط

ومن أبرز التصريحات التي صدرت عن إسلامي بخصوص الأزمة النووية الإيرانية مع الغرب ودولة الاحتلال ومصير الاتفاق النووي، مطالبته بوقف النفوذ السياسي داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقال إنها "تستند إلى تقارير استخبارات أعداء إيران".

وأوضح محمد إسلامي، خلال مقابلة مع قناة "الجزيرة" في 7 يونيو/حزيران 2022 أن تلك التقارير الاستخباراتية تدخل في سياق الحرب النفسية والمؤامرات التي تستهدف إيران، وتهدف إلى التخريب.

وتساءل عن سبب سماع الوكالة الذرية كلام دولة الاحتلال بضرورة وقف برنامج إيران النووي وتهديدها بأنها قد تفعل ذلك، مستندا إلى زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى تل أبيب في يونيو 2022.

وأيضا ما تلاها من تهديد إسرائيلي لإيران أصدره رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، مفاده بأن تل أبيب ستواصل عملها لإيقاف برنامج إيران النووي.

وفي حين شدد على أن بلاده تعاملت مع الوكالة الدولية بمنتهى الشفافية، وأن أجوبتها كانت دقيقة وواضحة، أكد أن 25 بالمئة من إجمالي عمل مفتشي الوكالة الدولية يقع في أراضي إيران في الوقت الذي تبلغ فيه حصة بلاده من الطاقة النووية العالمية 3 بالمئة فقط.

وأكد رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية أنه لا يوجد أي مكان للسلاح النووي في إستراتيجية بلاده الدفاعية، ووصف اتهامات البعض لطهران بأنها مجرد ادعاءات، مشيرا إلى أن طهران مستعدة لتنفيذ بنود الاتفاق النووي كاملة، شريطة أن تلتزم بها كل الأطراف من دون أي انتقائية.

وبخصوص قرار تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 بالمئة، أوضح أن ذلك منوط بالمسؤولين المعنيين وحاجات البلاد من الطاقة النووية، لكن الثابت بشكل واضح أن إيران لن تتخذ أي قرارات لمجرد الاستفزاز فقط، حسب قوله.

وعن مدى إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي، قال إسلامي إن بلاده مستعدة للالتزام به بشكل كامل مقابل تطبيق الأطراف الأخرى كل بنوده بشكل واضح.

وبين أن إيران ستواصل أنشطتها النووية السلمية سلميا بمعزل عن مصير الاتفاق النووي.

وفي 25 يوليو 2022، نقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء، عن محمد إسلامي، أن طهران لن تشغل كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية "المدرجة خارج إطار اتفاق الضمانات"، والتي أزالتها في يونيو، حتى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وقال إسلامي: "إذا عادت الأطراف الغربية إلى الاتفاق النووي، وتأكدنا أنهم لن يفعلوا أي حركة معادية، ستتخذ إيران حينها قرارا إزاء الكاميرات المزالة".

وأكد أنه "لا حاجة لإبقاء الكاميرات التي نصبت في المنشآت النووية الإيرانية، بناء على الاتفاق النووي، إذا تواصلت الاتهامات ضد إيران".

ونفى وجود أي أنشطة سرية في البرنامج النووي الإيراني، إذ إن تخصيب اليورانيوم "لا يجري من دون تنسيق مع الوكالة الدولية".

وفي 8 يونيو 2022، قالت إيران إنها أوقفت العمل بكاميرتين على الأقل تابعتين للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة أنشطتها النووية، بعد طرح دول غربية مشروع قرار يدينها أمام مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة.