هيثم طاهر.. انفصالي غادر المشهد اليمني وأعادته أبوظبي لهيكلة الجيش
بشكل مفاجئ، عاد اللواء الركن هيثم قاسم طاهر، إلى واجهة الأحداث في اليمن، في سياق الترتيبات التي يجريها مجلس القيادة الرئاسي الجديد، والمساعي الرامية لتوحيد قوات الجيش والأمن في اليمن.
وأعلن مجلس القيادة الرئاسي، خلال اجتماعه برئاسة رشاد العليمي، في 30 مايو/أيار 2022، تشكيل لجنة أمنية وعسكرية عليا مشتركة، لتحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن بموجب المادة رقم 5 لإعلان نقل السلطة في اليمن.
ونقلت هذه السلطة من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مجلس قيادة رئاسي مكون من 7 أعضاء برئاسة العليمي.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، تتكون اللجنة من 59 عضوا برئاسة وزير الدفاع الأسبق اللواء الركن هيثم طاهر، واللواء الركن طاهر علي العقيلي نائبا، والعميد ركن حسين الهيال عضوا مقررا.
ويعد اللواء الركن هيثم قاسم طاهر، من أقدم الضباط المخضرمين الذين ذاع صيتهم في اليمن وغادروا المشهد لفترة طويلة، ومن أبرز قادة الجيش اليمني قبل الوحدة وبعدها.
تاريخ عسكري
فهو من أبناء مديرية ردفان التابعة لمحافظة لحج جنوب اليمن، التي ينتمي لها الكثير من قادة وضباط الجيش اليمني، ومنهم غالبية مناضلي ثورة 14 أكتوبر، التي انطلقت من جبال ردفان ضد الاحتلال البريطاني عام 1963.
ولد في أجواء اجتماعية تحفز على الالتحاق بقطاع الجيش، وتمكن من شق طريقه في هذا المجال والحصول على التأهيل الذي أوصله إلى تقلد منصب عسكري كقائد لسلاح الدبابات.
كما انضم إلى عضوية اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، في انتخابات المؤتمر العام الثالث في أكتوبر/تشرين الأول 1985، في جنوب اليمن.
برز اسمه منذ الثمانينيات وتربع على رأس قيادة سلاح الدبابات، ليصل إلى رئاسة هيئة الأركان، ومن ثم نائبا لوزير الدفاع في دولة الجنوب قبل الوحدة.
كان قائدا لسلاح الدروع في معركة 13 يناير/كانون الثاني 1986، الدامية بمدينة عدن التي اندلعت بين فصيلين من الحزب الاشتراكي في جنوب اليمن، وحصدت أرواح أكثر من 13 ألفا من أبناء المحافظات الجنوبية.
ولعب دورا حاسما في ترجيح الكفة لصالح الطرف المعادي للرئيس في ذلك الوقت علي ناصر محمد ومن معه.
إلى جانب مهامه العسكرية كرئيس لأركان الجيش، انتخب عضوا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني أعلى سلطة في البلاد في ذلك الحين.
وشارك في جولات الحوار السياسي بين شمال اليمن وجنوبه من أجل تحقيق الوحدة بين الشطرين.
وبعد إعلان دولة الوحدة بين الشمال والجنوب عام 1990، توافق الحلفاء على اختيار هيثم قاسم طاهر وزيرا للدفاع في أول حكومة موحدة بموافقة الطرفين.
وفي حرب الانفصال عام 1994، انحاز للطرف الذي أعلن الانفصال فصدر قرار جمهوري بعزله من منصبه وحكم عليه بالإعدام.
ثم أصدر الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح قرارا، بالعفو العام عن تلك القيادات، في 21 مايو/أيار 2003، في ذكرى الاحتفال بأحد أعياد الوحدة.
كان آخر المغادرين لمدينة عدن قبل وصول قوات الشرعية، التي كان يقودها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي والذي عين آنذاك، وزيرا للدفاع بدلا من هيثم قاسم طاهر بعد إعلانه الانضمام للانفصاليين.
تطور خطير
وأثار قرار تعيين هيثم قاسم طاهر، توجسات وردود أفعال غاضبة لدى كتاب وناشطين يمنيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، واصفين القرار بالكارثي.
وحذروا من مرحلة جديدة تكون فيها الغلبة للمليشيات التي قد تضم القوات الوطنية إليها لاحقا.
وقال الصحفي اليمني محمد العمراني، إن تعيين طاهر، تطور خطير وخيانة عظمى ولا بد من إطلاق صرخة تحذير وصيحة نذير.
وأضاف في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك"، "هذا الجنرال هو وزير الدفاع اليمني الأسبق الذي اختار الوقوف إلى صفوف الانفصاليين خلال حرب صيف 1994".
وأردف أنه "توارى عن الأنظار لأكثر من عقدين من الزمن حتى أعادته الإمارات إلى الضوء أخيرا بعد أن نسيه الناس وكلفته بمهام عسكرية في الجنوب لصالحها وبما يحقق أهدافها وينفذ أجندتها ومخططاتها".
وأضاف العمراني، "الآن هيثم قاسم طاهر تشيد به الصحف الإماراتية وتسوق له وتؤكد على أنه القائد العسكري المحنك وغيرها، وهذا بدوره يؤكد أن هذه الهيكلة القادمة هي لصالح الإمارات وأدواتها في الجنوب".
ويرى أن "من سابع المستحيلات أن تعمل هذه اللجنة برئاسة هيثم قاسم طاهر على إدماج التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات بالجنوب في الجيش الوطني اليمني، وإنما الدمج في المليشيا المسلحة التابعة (لأبو ظبي) في الجنوب".
وبدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبدالناصر المودع، أن "تعيين هيثم قاسم، لما يسمى اللجنة العسكرية وقبله رئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، هي تعيينات جاهزة ومعدة من إحدى دول الوصاية، وكلاهما يعمل موظفا لديها وربما يحملان جنسيتها.
وأضاف المودع في تغريدة على تويتر: "هذا يؤكد أن وظيفة مجلس القيادة التوقيع والختم للأوامر الصادرة من دول الوصاية. يوما بعد آخر يفقد هذا المجلس صفته التمثيلية لليمن".
تعيين هيثم قاسم، لما يسمى اللجنة العسكرية وقبله الغيثي، هي تعيينات جاهزة ومعدة من احد دول الوصاية والتي يعملان موظفان لديها وربما يحملان جنسيتها، وهذا يؤكد أن وظيفة مجلس القيادة وضع التوقيع والختم للاوامر الصادرة من دول الوصاية. يوما بعد اخر يفقد هذا المجلس صفته التمثيلية لليمن
— عبدالناصر المودع (@Almuwadea) May 30, 2022
أداة خارجية
من جانبه قال رئيس تحرير موقع المشهد الجنوبي، صالح اليافعي، إن " هيثم قاسم يحمل الجنسية الإماراتية وعودته كانت لأجل خدمة أسياده الإماراتيين وليس من أجل الجنوب أو اليمن، كما يظن البعض".
وأضاف على حسابه بموقع "تويتر": "هيثم قاسم وفي إحدى المحاضرات بالمعسكر الذي يقوده في المخا خاطب الجنود قائلاً: أنا هنا جندي إماراتي وأنصحكم تنظروا لمصلحتكم ولا تصدقوا من يكذب عليكم باسم الوطن والوطنية".
هيثم قاسم وفي احد المحاضرات بالمعسكر الذي يقوده في المخا مخاطباً الجنود قائلا :
— صالح منصر اليافعي (@saleh_binali) May 30, 2022
أنا هنا جندي اماراتي
وانصحكم تنظروا لمصلحتكم ولا تصدقوا من يكذب عليكم بإسم الوطن والوطنية، مضيفاً قد كنت وزير دفاع وخرجت بالنهاية ما املك قيمة باكت سيجارة لما الإمارات عزتني !!!
وكان هيثم قاسم قد أقام في الإمارات لما يزيد عن عشرين عاما وحصل على الجنسية الإماراتية.
وفي 2015، أقنعته أبو ظبي بالعودة إلى اليمن، وتولي مهام عسكرية، بالرغم من رفضه لهذا الأمر، وفق مراقبين.
ومنذ بداية الحرب اليمنية التي اندلعت عام 2015، بين الحكومة الشرعية مسنودة بالتحالف بقيادة السعودية وبين الحوثيين المدعومين من إيران، أسس وحدات عسكرية بدعم من أبو ظبي.
وكان الهدف منها وقتها مواجهة سيطرة قوات الحوثيين على عدن ولحج، وقاد تلك القوات حتى أصبح من أبرز قادتها الميدانيين.
وبعد فترة غياب طويلة ظهر طاهر، لأول مرة في مدينة المكلا، جنوب شرقي اليمن في أعقاب تحريرها من قبضة تنظيم القاعدة في عملية للتحالف السعودي الإماراتي عام 2016، وأدى دورا استشاريا لصالح الأخير.
كما كلفته الإمارات بقيادة قوات موالية لها في باب المندب ومناطق الساحل الغربي من اليمن وأيضا بقيادة عملية "الرمح الذهبي" لتطهير السواحل الغربية ومحافظة تعز من الحوثيين.
كما أشرف على عمليات تجنيد واسعة في قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج، مستفيداً من خبرته التي اكتسبها خلال توليه عدة مناصب قيادية وتواجده لفترات طويلة في القاعدة العسكرية التي كانت الأضخم في اليمن.
واستمر ظهور اللواء طاهر، بشكل محدود، في تلك الفترة من خلال صور غير رسمية في ظل احتفاظه بطبيعته القديمة في الابتعاد عن الأضواء والعمل بصمت، حتى عين رئيسا للجنة العسكرية والأمنية العليا.