محمد كاظم آل صادق.. "خليفة سليماني" يقود دبلوماسية إيران في العراق

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

"خليفة سليماني، ظل قاآني، ورجل الكواليس"، كل هذه الألقاب تطلق على سفير إيران الجديد لدى العراق، محمد كاظم آل صادق، الذي باشر مهامه في الأول من مايو/أيار 2022، خلفا للسفير السابق، أريج مسجدي، الذي شغل المنصب منذ يناير/كانون الثاني 2017.

وفي 11 أبريل/نيسان 2022، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، عن تعيين "آل صادق" سفيرا جديدا في بغداد، والذي كان موجودا في العراق منذ سنوات، وعين قبل عامين نائبا أول للسفير السابق.

عراقي المولد

محمد كاظم آل صادق الذي يقدر عمره بنحو 65 عاما، ولد في مدينة النجف العراقية، حيث ينحدر من عائلة دينية ويتحدث اللغة العربية، ويجيد اللهجة العراقية كونه عاش في بلاد الرافدين لسنوات عديدة، فهو الأخ الأصغر لرجل الدين الشيعي والشاعر، محمد رضا آل صادق.

آل صادق كان عضوا في رابطة الكتاب العراقيين، ثم هاجر إلى إيران حينما كان عمره 38 عاما، ورغم ذلك فإنه معروف في بغداد أكثر من طهران، حسبما ذكرت تقارير صحفية في 20 أبريل 2022.

كان مستشارا وقريبا جدا من قائد "فيلق القدس" السابق الجنرال قاسم سليماني، الذي اغتيل في غارة أميركية في بغداد يناير/كانون الثاني 2020.

ونقل تقرير في 11 أبريل 2022 عن نائب في البرلمان العراقي (لم يكشف اسمه) عن تحالف الفتح، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، أن "السفير الإيراني الجديد كان يعد من الشخصيات المقربة جدا من قاسم سليماني".

وأضاف برلماني تحالف "الفتح" أن آل صادق "يتمتع بعلاقات واسعة مع مختلف القوى السياسية في العراق، وكان يحضر غالبية الاجتماعات التي تجري بين القيادات الإيرانية والشخصيات العراقية بخصوص الأزمات السياسية، وحتى الأمنية منها".

ويعرف عن السفير الجديد ظهوره القليل في وسائل الإعلام، لكن انتشرت له صور مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي، بالزي العربي، وأخرى وهو يقدم الطعام في إحدى المناسبات الدينية الشيعية في العراق إلى الوفود الزائرة للمراقد المقدسة لدى الشيعة في مدينة النجف.

رجل الظل

وتفيد المعلومات التي تداولتها مواقع محلية عراقية بأن السفير الجديد "أحد قادة فيلق القدس" القدماء، وكان آل صادق يعمل بمثابة مستشار سياسي للسفراء الإيرانيين الذين تعاقبوا على منصب السفير منذ العام 2003.

وأشارت إلى أنه ركز نشاطه بالعمل من خلف الكواليس، رغم عواصف الأحداث والتحولات العراقية على صعيد العلاقات الثنائية، حيث ظل بمثابة "رجل الظل" للسفير الموكل بتمثيل بلاده في العاصمة العراقية.

وغرد مراسل "بي بي سي" فارسي، كيان شريفي، في 11 أبريل قائلا إن "السفير الجديد في العراق آل صادق هو مستشار للسفير المنتهية ولايته إيرج مسجدي، وهو قائد سابق في الحرس الثوري الإيراني ويخضع لعقوبات أميركية منذ أكتوبر 2020".

وذكرت وكالة "شفق نيوز" العراقية في 11 أبريل 2022، أن "قرار الخارجية الإيرانية اختيار محمد آل صادق صدر منذ ثلاثة شهور، وهو ما يعني أنه جاء بعد الانتخابات البرلمانية العراقية (10 أكتوبر 2021) التي أفضت إلى تراجع نفوذ غالبية القوى المحسوبة بولائها لطهران".

وأوضحت أن "آل صادق رفض في البداية قرار تعيينه في المنصب، لكن الأوامر الآتية من طهران فرضت عليه تعديل موقفه والقبول بالمهمة الدبلوماسية التي تعد من أكثر الأدوار الدبلوماسية حساسية وأهمية على الصعيد الخارجي في وزارة الخارجية الإيرانية".

شخصية متشددة

آل صادق يعد من أقرب الشخصيات الإيرانية إلى جماعات المعارضة العراقية، وخاصة رجل الدين الشيعي محمد باقر الحكيم الذي أسس "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق" بالتعاون مع الإيرانيين، قبل أن يقتل بتفجير دموي عام 2003.

وبالنظر إلى الفترة الطويلة التي أمضاها آل صادق، يعمل خلف الكواليس في الملف العراقي، فإن "شفق نيوز" رجحت أن "يستخدم هذه العلاقات القديمة، في إعادة بلورة المصالح الإيرانية في مرحلة الانسداد السياسي القائم في العراق، بعد مضي أكثر من ستة أشهر على ظهور نتائج الانتخابات، دون أن تنجح القوى المختلفة في تشكيل حكومة جديدة".

وأشار تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" نشر في 20 أبريل 2022 إلى أن "الهدف من تعيين إيران لمحمد كاظم آل صادق، هو المزيد من التنظيم لجهود مكتب المرشد (علي خامنئي)، ما يعني أن الرجل تسلم رسميا الملف العراقي".

ونقل التقرير عن شخصية عراقية (لم يسمها) مقربة من السفير الإيراني منذ 15 عاما أضاءت جوانب من آل صادق، قائلا إنه "معتاد على أن يكون فعالا في الكواليس، يتصرف بغموض وارتياب، ولا يتمتع بمهارات دبلوماسية، وأن من يجالسه يشعر بالضيق من طريقة كلامه، وآرائه المتشددة".

وبحسب التقرير، فإن آل صادق سيحاول على المستوى السياسي، منع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من تشكيل حكومة تقصي قوى الإطار التنسيقي الشيعي، حيث تربطه علاقة ودية مع زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، وزعيم منظمة بدر، هادي العامري.

ويبدو أن المهمة الأساسية للسفير الجديد ستتركز على إبقاء النفوذ الإيراني قويا ومتعاظما في الحكومة المركزية ببغداد، فضلا عن بقاء المسرح العراقي فعالا في ضمان الإمدادات المالية واللوجستية والعسكرية بين مناطق النفوذ الأخرى، في دمشق وبيروت، وفقا لـ"الشرق الأوسط".

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع من "الإطار التنسيقي الشيعي"، قوله إن "تعيين آل صادق سيقدم أنموذجا إداريا مختلفا لتنفيذ السياسة الإيرانية، وقد يؤثر هذا كثيرا على مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة".

وقال الباحث بالشأن الإيراني، فراس إلياس، خلال تصريح له في 12 أبريل 2022، إن "آل صادق عمل مستشارا لقائد (فيلق القدس الإيراني) إسماعيل قاآني، ويعرف بأنه ظل قاآني في سفارة طهران ببغداد، وأحد أبرز معتنقي ومريدي رؤية قاسم سليماني في ترسيخ مركزية الحرس الثوري داخل العراق".

‏وأضاف الباحث العراقي أن "طرح اسم آل صادق بأروقة مكتب المرشد بعد إخفاق السفير السابق مسجدي بضبط الأوضاع داخل العراق عقب اغتيال سليماني، وتصاعد الخلاف بين مسجدي وقاآني حول العديد من الملفات، وأهمها العلاقات مع قادة الفصائل المسلحة".