ألينا رومانوسكي.. سفيرة أميركية بالعراق تعادي إيران وتنتقد إسرائيل

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

"تعادي إيران، وتضمر لها إسرائيل العداء"، تلك هي السفيرة الجديدة للولايات المتحدة الأميركية في العراق، ألينا رومانوسكي، والتي من المقرر أن تتسلم مهامها بداية مايو/أيار 2022، وذلك بعد إنهائها نحو عامين من العمل سفيرة لبلادها في الكويت.

وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، ترشيح السفيرة الحالية لدى الكويت، رومانوسكي (67 عاما)، "سفيرة مفوضة فوق العادة إلى العراق"، بحسب بيان للبيت الأبيض.

بداية تحذيرية

وفي أولى تصريحات السفيرة الجديدة لدى بغداد، أطلقت رومانوسكي، رسالة تحذيرية قبل ذهابها إلى العراق، من إمكانية عودة ظهور "تنظيم الدولة" مرة أخرى في البلاد، وذلك خلال خطاب وجهته للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في 5 مارس/آذار 2022.

وقالت رومانوسكي إن "من أولويات عملها بعد توليها المنصب، تعزيز الاستقلال والمواطنة في العراق"، لافتة إلى أن "بغداد ستظل أولوية في السياسة الخارجية لواشنطن، وحجر زاوية للاستقرار الإقليمي".

وأكدت أن "أحد العناصر المهمة في واجباتها سيتمثل في العمل مع الحكومة الجديدة في العراق"، مبينة أن "الولايات المتحدة تواصل العمل مع شركائنا العراقيين فيما يسعون إلى تعزيز مؤسساتهم الديمقراطية، والحكم الفعال وسيادة القانون".

وتابعت: "سيكون على رأس أولوياتنا في التعامل مع حكومة بغداد الجديدة، تعزيز استقلال العراق"، مشددة على أن "واشنطن ما زالت قلقة من عودة ظهور تنظيم الدولة في العراق وهي تعتزم الاستمرار في العمل مع قوات الأمن العراقية بشأن هذه القضية".

وأكدت السفيرة الأميركية أنها "مقتنعة في ظل انتقال الولايات المتحدة إلى مهمة تقديم المشورة والمساعدة والتمكين، بمواصلة العمل مع قوات الأمن العراقية في قتالهم ضد تنظيم الدولة الإجرامي".

تبغضها إسرائيل

رومانوسكي، من مواليد عام 1955، قضت العقد الأول من حياتها المهنية في العمل لصالح وكالة المخابرات الأميركية "سي آي إيه"، ثم شقت طريقها نحو العمل الدبلوماسي، وهي تجيد الفرنسية والعربية والعبرية.

وتفصح سيرتها عن كونها خبيرة في شؤون الشرق الأوسط بعد 40 عاما قضتها في الخدمة بمؤسسات أميركية حكومية مختلفة، حيث التحقت رومانوسكي بالعمل في وزارة الخارجية عام 2003 لتساهم في تأسيس مكتب "مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية"، كما تولت مهام متعددة في وزارة الدفاع.

تنتمي رومانوسكي إلى عائلة متعددة الثقافات، جاء والدها من بولندا إلى الولايات المتحدة، فيما تنحدر والدتها من كندا، ويبدو أن أصول والدة السفيرة، وعملها في تدريس الفرنسية، لعبا دورا في إتقان رومانوسكي للغة التي ينطق بها أكثر من 13 بالمئة من الشعب الكندي.

درست رومانسكي وتولت مهام رسمية لصالح بلادها في تل أبيب، لكنها تفضل تقديم نفسها بوصفها الحائزة على شهادة الماجستير من قسم إدارة الأعمال في جامعة شيكاغو.

للسفيرة الجديدة، موقف "أقل حماسا" من حراك تطبيع الدول العربية مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ تعتقد أن ذلك ينبغي أن لا يكون بديلا عن السلام بين إسرائيل وفلسطين، كما طالبت غير مرة تل أبيب ببذل جهود أكبر للسلام.

علاوة على ذلك، يرى كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية"، السفيرة رومانوسكي، مثالا لـ"السياسيين الذين واجهوا عراقيل بسبب مواقفهم غير الصريحة في دعم إسرائيل".

الكتاب الذي ألفه أستاذا العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، جون ميرشايمر، والعلاقات الدولية في جامعة هارفارد، ستيفن والت، ونشراه عام 2007، يشير إلى حرمان رومانوسكي عام 2001 من منصب مسؤولة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي خلفا لبروس ريدل، بسبب شكوك ساورت مسؤولي البنتاغون في أنها "لا تدعم الدولة اليهودية بشكل كافٍ".

معادية لإيران

في رسالتها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بعد ترشيحها لإدارة سفارة الكويت، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعربت رومانوسكي بشكل واضح عن أولوياتها وطريقة تفكيرها.

وقالت إنه "لابد من زيادة الضغط على إيران واحتواء أنشطتها الخبيثة عبر وكلائها في جميع أنحاء المنطقة (..) خاصة بعد التصعيد الخطير للهجمات على البنية التحتية النفطية في السعودية، إلى جانب زعزعة أمن المنطقة الذي تتسبب به طهران عبر دعم الحوثيين في اليمن ونظام بشار الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان".

وكررت رومانوسكي موقفها المعادي لسياسة إيران بالمنطقة خلال مقابلة لها مع برنامج "ديوان الملأ" الكويتي في 17 أغسطس/ آب 2020، بالقول "نرى أن إيران تمثل خطرا كبيرا على المنطقة، وأنها متورطة بأعمال خبيثة في هذه المنطقة طيلة 40 عاما، وكنا نعمل مع شركائنا ومن ضمنهم الكويتيون ضد أنشطة إيران الخبيثة".

وتابعت: "أخيرا، انخرط الإيرانيون في محاولات إبطاء وعزل التجارة البحرية في مضيق هرمز والذي يعد ممرا مائيا دوليا يسمح بمرور خمس نفط العالم عبره، هاجموا منشآت نفطية سعودية وعراقية، إنهم يشكلون تهديدا".

وتنتمي السفيرة الجديدة في العراق إلى الاتجاه الأميركي الذي يؤمن بضرورة حشد جهود جميع المتضررين من السياسات الإيرانية، ودفعهم للعمل المشترك، لذا، فقد تعاملت مع الأزمة الخليجية بين دول الرباعي وقطر (2017-2021)، بوصفها "خلافات لا تفيد إلا النظام في إيران".

وعلى غير عادة غالبية المسؤولين الأميركيين، أوردت رومانوسكي، في رسالتها القصيرة أمام مجلس الشيوخ، اعتراضات صريحة ضد "مستويات حقوق الإنسان في إقليم كردستان العراق"، الذي قالت إنه "يمثل نموذجا للتسامح والتعايش السلمي، لكنه يشهد أيضا تراجعا مقلقا في ملف حرية التعبير. 

خليفة غلاسبي

رومانوسكي تعتبر أول امرأة تشغل منصب سفيرة في العراق بعد آخر سيدة مثلت واشنطن في بغداد، وهي السفيرة أبريل غلاسبي، والتي يحتفظ كثير من العراقيين بذكريات "غير جيدة" عنها، والتي تتهمها أوساط مقربة من النظام السابق، بتحريض صدام حسين على غزو الكويت عام 1990، أو إيهامه بأن ذلك "مسموح".

أما رومانوسكي التي تستعد لشغل مقعد غلاسبي، فستكون أمام تحديات جمة، من بينها مراجعة سياسة السفراء السابقين مثل دوغلاس سيليمان وماثيو تولر، اللذين يواجهان مع إدارتيهما اتهامات بالتغاضي عن تجفيف منابع تمويل "الجماعات المسلحة" في العراق.

وأيضا عدم الجدية في بناء شراكة واضحة مع بغداد تُنتج استثمارات يلمسها العراقيون في مدنهم المصنفة على قائمة الأسوأ للعيش، لا سيما في مجالات إنتاج الكهرباء، وافتتاح وكالات للشركات الأميركية العالمية، وقطاعات الزراعة والري والصناعة.

وفي الغالب، لن تتمتع السفيرة الجديدة في العراق بالرفاهية والاسترخاء اللذين كانت تحظى بهما في الكويت، لأن الهجمات التي تطلقها المليشيات المدعومة من إيران لم تنقطع عن "محيط" سفارة واشنطن، والذي سيكون المقر المفترض لإقامة رومانوسكي.

وأطلقت السفيرة في رسالتها إلى مجلس الشيوخ وعودا بعبارات عمومية حول ضرورة الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد في العراق، لكنها كانت أكثر وضوحا من سلفها، تولر، حين تحدثت عن سعيها إلى دعوة العراق لشراء المزيد من الأرز والقمح الأميركيين.

حديث رومانوسكي عن الرز يعيد إلى الأذهان تسريبات عن حوار دار بين السفير تولر، ورئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي في شتاء عام 2019، طلب فيه الأول من الثاني زيادة استيراد بغداد من الأرز الأميركي، في وقت كانت قوات أمنية عراقية تقمع المتظاهرين السلميين، وأدى إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة 27 ألفا آخرين.