غلام إيجئي.. رجل خامنئي وصاحب "عضة الصحفي" يرأس القضاء الإيراني
بتعيين "غلام حسين محسن إيجئي" رئيسا للسلطة القضائية في إيران مطلع يوليو/تموز 2021، صبغ المرشد الأعلى علي خامنئي سلطات النظام (القضائية والتشريعية والتنفيذية) بلون واحد، جميعها من التيار المحافظ، الذي يوصف بأنه "متشدد".
غلام إيجئي، لم يكن بعيدا عن السلطة القضائية، فقد كان المتحدث الرسمي باسمها، قبل أن يشغل منصب النائب الأول لرئيسها السابق إبراهيم رئيسي، الذي أصبح رئيسا لإيران بعد فوزه بالانتخابات التي أجريت في 18 يونيو/ حزيران 2021.
وزير أمني
إيجئي رجل دين وسياسي ولد عام 1956 في مدينة إيجه بمحافظة أصفهان، وسط إيران، ودرس في "حوزة الدينية"؛ إضافة إلى ذلك، فهو حاصل على درجة الماجستير في القانون الدولي الخاص.
صعد نجم إيجئي عندما كان في الثلاثين من عمره باستجواب أحد أبرز مؤسسي الحرس الثوري مهدي هاشمي، من أقارب آية الله منتظري، الذي حكم عليه بالإعدام، وكانت إحدى تهم هاشمي الكشف عن فضيحة "إيران كونترا" أو "إيران غيت"، بخصوص زيارة مندوب واشنطن، مك فارلين ومعه مسؤول إسرائيلي إلى طهران، لصحيفة "الشراع" اللبنانية في 1986.
وحسب الصفقة التي أبرمت في هذه الزيارة السرية، جرى إطلاق سراح رهائن أميركيين في لبنان، مقابل تزويد إيران بأسلحة إسرائيلية وأميركية خلال الحرب العراقية الإيرانية.
وتقلد إيجئي العديد من المناصب في المؤسستين الأمنية والقضائية لما يقرب من أربعة عقود، منذ الثورة في إيران عام 1979 ومجيء التيار الديني إلى السلطة.
ففي عام 1985 وحتى 1988، كان مسؤولا عن قسم التوظيف في وزارة المخابرات.
وخلال مجزرة عام 1988 (بحق آلاف المعارضين الإيرانيين)، كان ممثلا للسلطة القضائية في وزارة المخابرات، وخلال الفترة بين 1995 - 1997، شغل منصب المدعي الخاص لمحكمة رجال الدين في طهران.
وأصبح إيجئي مدعيا عاما لرجال الدين من 1998 إلى 2005، وبعدها وزيرا للمخابرات من 2005 إلى 2009، ثم النائب العام إلى 2014، إضافة إلى أنه نائب رئيس السلطة القضائية.
ويتهم إيجئي بـ"لعب دور إجرامي في الانتفاضات التي اندلعت بالداخل الإيراني أعوام 2009 و2017 و 2019، وعلى إثر ذلك جرى إدراجه في قائمة العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".
وفي 13 أبريل/نيسان 2011، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 32 مسؤولا إيرانيا، بمن فيهم إيجئي، وحسب هذه العقوبات منع هؤلاء من دخول دول الاتحاد لدورهم في الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق المواطنين الإيرانيين، ومن ضمن العقوبات "مصادرة جميع أصول هؤلاء المسؤولين في أوروبا".
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على إيجئي في 29 سبتمبر/أيلول 2010، لارتكابه "انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان، ولا سيما تورطه في "قمع الاحتجاجات بعد انتخابات 2009" المعروفة بالحركة الخضراء، وكذلك مصادرة أمواله في أميركا ومنع دخوله إليها.
مثير للجدل
تدور اتهامات حول إيجئي بإصدار فتوى بشأن مقتل المعارض بيروز دواني، الذي قتل خلال جرائم الاغتيالات السياسية التي تمت في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي (1997-2005)، والتي حدثت لعدد من الصحفيين والمثقفين في البلاد.
ومن ضمن الصحفيين، داريوش فروهر، ومحمد جعفر بوينده، ومحمد مختاري، والتي عرفت بـ"جرائم الاغتيال المتسلسلة"، وفيما بعد أعلنت وزارة الاستخبارات مسؤوليتها عن هذه الأحداث، وفق تقارير صحفية في 1 يونيو/تموز 2021.
أما المواقف الجدلية، فعندما شغل منصب رئيس المجمع القضائي لموظفي الحكومة، والذي ينظر غالبا عددا من القضايا المهمة، من بينها حالات الضغط على الصحافة، وخلال إحدى الاجتماعات مع هيئة الرقابة على الصحافة عام 2004، دخل في شجار مع ممثل مديري الصحافة، عيسى سحرخيز، ورمى عليه وعاء السكر، وعض أذنه وكتفه.
وخلال لقاء عقده إيجئي مع طلاب جامعة "شريف" عام 2017، شهد أصداء واسعة في وسائل الإعلام الإيرانية، كونه قام بإصدار صوت صفير من فمه خلال الاجتماع.
وقال إيجئي في 22 أغسطس/آب 2005 حين المناقشة حول أداء وزارته في مجلس شورى النظام: "أعرف بشكل أو بآخر التيارات السياسية المناهضة للنظام والثورة التي تعمل على إسقاط النظام وتعطيله (تخريبه)، وقد كنت على خلاف معهم في بعض الأحيان، وهو أيضا رصيد جيد لي للعمل في وزارة المخابرات".
خلال الانتفاضة الطلابية في 7 ديسمبر/كانون الأول 2009، هدد إيجئي المواطنين بالقول: "اعتبارا من اليوم، لن نمنح أي فترة راحة لأولئك الذين يعطلون نظام وأمن المجتمع".
وتابع: "أقول أيضا للعائلات أن تراقب أبناءها لكي لا ينخدعوا بالأجانب أو شعارات ملتبسة، وإذا جرى خداعهم فلن تشتكي العائلات وتقول ابني كان طالبا فلماذا قبض عليه؟"، وخلال مقابلة مع تلفزيون النظام الإيراني عام 2009، هدد إيجئي المتظاهرين الذين لم يتوبوا بـ"الإعدام".
رجل خامنئي
وتتهمه المعارضة الإيرانية، بأن "لديه تاريخا طويلا بالتستر على الجرائم والفساد الأخلاقي والمالي لبيت المرشد خامنئي"، مستدلة على ذلك في التستر على فضيحة سعيد طوسي، المقرئ الخاص لخامنئي فيما يتعلق بالشذوذ الجنسي واغتصاب الأطفال، التي كشفت في أكتوبر/ تشرين الأول 2016.
وفي هذه القضية، هدد إيجئي الإعلام بالقول: "على وسائل الإعلام ألا تنشر القضايا التي لم يتم صدور الحكم عليها بعد ولم يجر إدانتها قطعيا، لأن هذا العمل جريمة ويمكن مقاضاته".
وأضاف: "محاكمة طوسي يجب أن تكون غير علنية لأن المعادين للثورة يبحثون عن استغلال هذه القضايا"، حسبما أفادت وكالة "إيرنا" في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وعلقت زعيمة منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، مريم رجوي، على خلافة إيجئي لـ"رئيسي" في السلطة القضائية بالقول: "بتعيين إيجئي، أكمل خامنئي مشروع جعل سلطات نظامه بلون واحد وتأسيس (حكومة متشددة) والذي كان قد بدأه قبل عامين".
وتابعت: "وذلك من خلال إقصاء المنافسين والسيطرة الكاملة على السلطات الثلاث، يحاول خامنئي عبثا تأخير الإطاحة الحتمية بنظامه، ولكنه يزيد فقط من غضب الإيرانيين، يجب تقديم رؤساء السلطات الثلاث (رئيسي، إيجئي، قاليباف) إلى العدالة بتهمة الإبادة البشرية والجريمة ضد الإنسانية".