توبي كيدمان لـ"الاستقلال": مرسي سيخلده التاريخ وهذا مصير السيسي
في الذكرى الأولى لرحيل محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، تستعد أسرته للإعلان عن تأسيس مؤسسة للديمقراطية تحمل اسمه في العاصمة البريطانية لندن.
وتتعاون الأسرة مع عدد من الرموز السياسية والإعلامية وبإشراف المستشار القانوني للعائلة المحامي البريطاني توبي كيدمان، للإعلان عن مؤسسة الرئيس مرسي للديمقراطية، في محاولة لتخليد ذكرى الراحل واستكمالا لمسيرته في الدفاع عن قيم العدالة.
عاش مرسي حياته مدافعا عن الديمقراطية والعدالة، وقضى نحبه في 17 يونيو/ حزيران 2019، إثر نوبة قلبية مفاجئة داخل محبسه، بعد صمود دام لأكثر من ست سنوات.
"الاستقلال" حاورت المحامي البريطاني توبي كيدمان للتعرف أكثر على كواليس تدشين مؤسسة الرئيس مرسي للديمقراطية.
وكيدمان هو أيضا عضو رئيسي في المحكمة الجنائية الدولية، وخبير في القانون الدولي بمجال جرائم الحرب وحقوق الإنسان والإرهاب وتسليم المجرمين، وهو عضو الفريق القانوني المعني بضحايا مذبحة سربرنيتسا بالبوسنة والهرسك، الذين نجحوا في إدانة مجرمي الحرب أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
- ما هي مؤسسة الرئيس محمد مرسي للديمقراطية؟
في الحقيقة هذه المؤسسة هي إحدى أمنيات عبدالله محمد مرسي نجل الرئيس الراحل والذي أخبرني بها قبل وفاته في 4 سبتمبر/أيلول 2019 (عن عمر ناهز 26 عاما إثر أزمة قلبية مفاجئة).
أراد عبدالله شيئين هامين بخصوص والده: الأول يتعلق بالقيام بتحقيق دولي في جريمة قتل الرئيس محمد مرسي وهو ما تحركنا فيه بالفعل وسأتحدث عنه بالتفصيل، والأمر الثاني الذي أراده عبد الله قبل وفاته وأخبرني به، كان رغبة العائلة في تخليد اسم الرئيس مرسي عن طريق تدشين هذه المؤسسة.
- هل ناقش عبد الله هذه الفكرة معك قبل وفاته؟
من خلال العائلة نعم، تمت مناقشة تلك الفكرة بين أسرة الرئيس وبين عبد الله ثم أبلغني قرارهم بالمضي قدما نحو تدشين مؤسسة باسم الرئيس الراحل تدافع عن القيم التي عاش محمد مرسي من أجلها ودفع حياته ثمنا لتمسكه بها.
كانت بيني وبين عبد الله الكثير من النقاشات والاتصالات والرسائل المتبادلة بعد جريمة قتل الرئيس، وكان من بينها رسالة مهمة تحدث فيها عن خوفه على حياته وأن مصير عائلته في خطر وأن النظام اعتقل شقيقه أسامة لا لشيء إلا أنه نجل الرئيس ثم طالبني بالبدء مباشرة في مخاطبة الأمم المتحدة من أجل فتح تحقيق دولي بخصوص الطريقة التي قتل بها مرسي.
وأشار إلى رغبته ورغبة الأسرة في تخليد ذكرى والده عن طريق إنشاء مؤسسة مرسي للديمقراطية للدفاع عن قيم العدالة التي كافح الرئيس مرسي من أجلها.
رسالة عبد الله حملت في نهايتها قلقا شديدا على حياته الشخصية حيث قال لي: "إن تم قتلي أو اعتقالي فليعلم العالم أجمع أن سبب ذلك هو بحثي عن الحقيقة ومحاولتي استكمال الطريق الذي بدأه والدي".
- بصفتك محامي أسرة الرئيس الراحل، وواحد من أعضاء المؤسسة، ما هو الهدف من ورائها؟ هل هو فقط تخليد ذكرى الراحل أم أن هناك أهدافا أخرى؟
دعني أقول بوضوح: محمد مرسي كان رمزا مهما لثورات الربيع العربي، ولا أحد يمكنه إنكار حقيقة أنه هو أول رئيس مدني انتخب بطريقة ديمقراطية في التاريخ المصري.
مهما قال الناس عن فترة حكمه ومهما اختلفوا حول طريقة إدارته للبلاد، الرجل جاء بطريقة ديمقراطية ورحل عن السلطة بانقلاب عسكري دموي.
ولكن الحقيقة أن هذه المؤسسة ليست حكرا فقط على مؤيدي الرئيس الراحل أو محبيه ومن تعاطفوا معه وإنما هي استكمال للقيم الديمقراطية التي ناضل من أجلها مرسي.
العالم يمر بأوقات صعبة، هناك استهداف للديمقراطية وقمع للحريات في كل مكان، هذه فترة عصيبة يتوجب علينا فيها أن ندافع عن حرية الناس في التظاهر السلمي ضد الحكومات سواء في مصر أو الولايات المتحدة أو أي مكان في العالم.
- هل تعني أنها مؤسسة تحمل اسم الرئيس الراحل فقط ولكنها مفتوحة للجميع دون حواجز تتعلق بالدين أو الجنسية أو الانتماء السياسي؟
بالتأكيد هي كذلك، مؤسسة محمد مرسي للديمقراطية هي كيان سيعمل بشكل رسمي داخل المملكة المتحدة، جمعية غير ربحية مفتوحة لجميع المؤمنين بالديمقراطية حول العالم دون قيد أو شرط.
سنسعى فيها لاستكمال رحلة الدفاع عن حق الرئيس مرسي في معرفة الطريقة التي قتل بها ثم النجاح في محاسبة من تورط في هذه الجريمة، ومن ناحية أخرى سنسعى إلى نشر قيم الديمقراطية والدفاع عنها في كل مكان .
- من هي الهيئة العليا لهذه المؤسسة؟
أنا المستشار القانوني لهذه المؤسسة ومحامي العائلة في نفس الوقت ولكن هناك من أفراد عائلة الرئيس مرسي نجله الأكبر أحمد وابنته الشيماء وهناك أيضا من الرموز السياسية المصرية الدكتورة مها عزام رئيسة المجلس الثوري المصري، إلى جانب رموز صحفية وإعلامية مصرية مقربة من أسرة الرئيس منهم الإعلامي المصري محمد جمال هلال.
- ربما يتم اتهامك أنت والقائمون على المؤسسة من قبل الإعلام المصري بأنكم تنتمون للإخوان المسلمين، هل المؤسسة تابعة للجماعة؟
لا، هي مؤسسة ليس لها أي علاقة بجماعة الإخوان المسلمين، أنا لست عضوا في الجماعة ولا أمثلها، أنا فقط محامي عائلة الرئيس مرسي، ونفذت وصية عبد الله وعائلته في إطلاق هذه المؤسسة في بريطانيا.
- ما هي المسارات التي ستعمل فيها هذه المؤسسة لتحقيق أهدافها؟
في البيان الذي أصدرته المؤسسة اليوم تحدثنا فيه عن أهدافنا وكيف يتم تحقيقها، باختصار نحن سنعمل على استمرار ما بدأناه فور مقتل الرئيس في استكمال التحقيق الأممي الذي طالبت به المحققة الأممية أجنيس كالامارد.
سنعمل بكل قوة على إظهار الأدلة التي تشير إلى تورط النظام المصري في مقتل الرئيس مرسي ومنح كالامارد الفرصة لزيارة السجون المصرية والوقوف على حقيقة الظروف الصعبة التي أدت لمقتل مرسي بهذه الطريقة.
- ولكن رواية النظام المصري تنفي كل الادعاءات التي تقولونها بشان ملابسات وفاة الرئيس مرسي، كيف يمكنكم إثبات تورطه في هذه الجريمة؟
هناك نظريتان تثبت ببساطة تورط النظام في قتله: الأولى هي أن النظام قتله بطريقة ما وبشكل مباشر ولكنه يخشى من إعلانها ولا يسمح لأحد بالتحقيق في ملابساتها حتى لا تتحمل السلطات المسؤولية الجنائية عن ذلك، والدليل أن النظام لم يسمح لنا برؤية أدلة الطب الشرعي أو تقرير الوفاة.
النظرية الثانية أنه مات نتيجة مضاعفات طبية ولكن هذا أيضا يثبت تورط النظام في مقتله لأننا خاطبنا النظام أكثر من مرة حول سوء حالته الصحية، فقدان البصر وتعرضه لإغماءات متكررة ولم يبال أحد.
القانون الدولي واضح في هذه النقطة، لو أن سلطة ما اعتقلت شخصا ذا ظروف صحية سيئة ولم توفر له العلاج اللازم ومات فإن السلطة تتحمل مباشرة المسؤولية الجنائية عن قتله.
- بهذه الادلة والنظريات التي ذكرتها كيف تستطيع ملاحقة من تورطوا في قتل الرئيس مرسي من رموز النظام الحالي؟
أولا يجب الضغط لاستكمال التحقيق الأممي بخصوص ملابسات مقتله، ولا بد من الإعلان من قبل فريق التحقيق الأممي عن أي أدلة توصلوا إليها لأنه كما تعلم لا يمكننا أخذ قضية موت الرئيس مرسي إلى المحكمة الجنائية الدولية والتي ليس لها الصلاحية في النظر في قضية كهذه داخل مصر.
نحن نعلم أن هناك أملا ضعيفا للغاية في محاكمات عادلة لأي من قيادات الجيش المصري أو رموز النظام الحالي أمام القضاء المصري ولكننا نعلم أن الأمور يمكن أن تتغير في لحظة ويسقط هذا النظام ولا يستمر عبد الفتاح السيسي في إدارة البلاد. عندها أقول لك: إن جهودنا تلك تقودهم للمحاكمة داخل مصر.
- هل يعني ذلك أنكم لن تستطيعوا محاكمة أي من رموز النظام الحالي إلا في حالة سقوطه؟
بالتأكيد لا، فما أقوله ليس نهاية الطريق، هناك مسار آخر قوي وفعال وهو رفع قضايا ضد هؤلاء داخل بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وهذا ما نراه مثلا في الحالة السورية، هناك محكمة ألمانية وإسبانية تحاكم رموزا من النظام السوري بتهم مشابهة.
نحن ننتظر الأمم المتحدة لاستكمال هذا التحقيق وفي الوقت ذاته سننظر ماذا يمكننا أن نفعل مع هؤلاء أمام المحاكم الأوروبية الأخرى.
- ما هي خطوتكم القادمة بعد إعلان مؤسسة الرئيس محمد مرسي للديمقراطية؟
سنعلن للعالم تدشين وانطلاق عمل هذه المنظمة من العاصمة البريطانية لندن في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، ثم سنتابع سير الأمور مع العائلة وسلامتهم والتأكد من عدم استهداف النظام لهم مرة أخرى، وبعد فترة من هدوء التعامل مع انتشار وباء كورونا، ربما نعقد مؤتمرا صحفيا كبيرا في أحد الأماكن ونعلن فيه عن برامجنا للمرحلة المقبلة.