انتقادات كبيرة.. ما حقيقة بناء طالبان مستوطنة للمهاجرين في بنجشير؟
حركة طالبان تسعى إلى نقل 50 ألف مهاجر إلى مقاطعة بنجشير
تخطط حركة طالبان لبناء مستوطنة للمهاجرين على أرض خاصة في مديرية عنابة بولاية بنجشير شمال العاصمة كابول، وفق ما تنقل صحيفة "8 صبح" الفارسية، عن مصادر محلية.
وفي هذه الأثناء، ينتقد عدد من سكان بنجشير ونشطاء المجتمع المدني طالبان، ويقولون إنها "مثل أمير عبد الرحمن خان (أمير افغانستان من 1880 إلى 1901) وأمان الله خان (ملك أفغانستان الذي عاش في الفترة بين 1892 - 1960)، تسعى إلى تقسيم وتغيير النسيج الاجتماعي في هذه الولاية".
كما أكدوا أن "أي إجراء لاغتصاب أراضي الناس وترحيل المقيمين في بنجشير سيسبب المزيد من التوتر والارتباك".
زرع الفتنة
تذكر الصحيفة أن "المجلس العالمي للبنجشيريين" أعلن في بيان أنه "سيتم نقل 6.1 ملايين شخص تحت اسم المهاجرين إلى 22 مقاطعة في البلاد، بأمر من الملا هبة الله آخند زاده (زعيم حركة طالبان)".
ولكن في المقابل، قال مسؤولو طالبان إن "هذه المستوطنة ستُبنى بأمر من الملا آخند زاده، لسكان بنجشير العائدين من الدول والمناطق المجاورة".
وبنجشير هو إقليم كان معروفا بـ "السلام والأمن" بين الشعب الأفغاني والسياح قبل حكم طالبان، حسب زعم الصحيفة.
ولكن في العامين ونصف الماضيين، ومع وجود طالبان في هذا الإقليم، أصبحت الولاية الأكثر اضطرابا وتوترا في البلاد.
وتابعت: "في الأشهر الأولى من حكمها، بدأت طالبان في الاعتقال والتعذيب والقتل الجماعي لسكان بنجشير".
وبحسب مصادر عامة، فإن ذلك دفع جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية إلى طرد قواتها من هذا الإقليم، ولم يحدث أي صراع بين هاتين المجموعتين في بنجشير منذ أكثر من عام.
والآن، تلفت الصحيفة إلى أن "عددا من سكان ونشطاء المجتمع المدني في بنجشير يزعمون أن حركة طالبان تسعى إلى نشر الفرقة وتغيير النسيج الاجتماعي في هذه المحافظة".
وفي هذا الصدد، يقول هارون مجيدي، أحد نشطاء المجتمع المدني في بنجشير، إن "طالبان تخطط لبناء مستوطنات للمهاجرين على أراضي خاصة لأهالي قرية عنابة بهذه الولاية".
ويعتقد مجيدي أن "حركة طالبان ستستمر في القيام بالممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية".
وكما ورد، فهو يرى أن "طالبان في الواقع تزرع بذور الفتنة بين شعب أفغانستان بطريقة تجعل من إمكانية إزالتها تستغرق سنوات".
ووفقا له، فإن طالبان ستعمل على اغتصاب أراضي الناس في منطقة بيريان وتوزيعها على الأشخاص الذين يريدونهم.
اغتصاب الممتلكات
في غضون ذلك، تلفت "8 صبح" الأنظار إلى أن "إدارة الزراعة والري والثروة الحيوانية التابعة لطالبان حددت مئات الدونمات من الأراضي الزراعية والمنازل السكنية في بنجشير ووضعتها تحت مسمى أراضي (الإمارة)".
وصرح مسؤولو إدارة الزراعة التابعة لطالبان حينها أن "الغرض من تسجيل ممتلكات (الإمارة) هو منع اغتصاب الأفراد للممتلكات الحكومية وإعادتها إلى الحكومة"، مؤكدين أنهم "لن يقوموا إلا بمصادرة الأراضي التي بلا سند ملكية"، وفق ما ذكرته الصحيفة.
ومع ذلك، يقول عدد من الوجهاء المحليين في بنجشير إن "معظم الأراضي الزراعية والمنازل السكنية في الولاية هي ممتلكات موروثة وليس لديها صك أو وثائق شرعية أو عرفية".
ولذلك، يعد السكان هذا الإجراء من جانب طالبان بمثابة "اغتصاب للممتلكات الخاصة والعامة تحت اسم أراضي (الإمارة)".
وفي حديث له مع الصحيفة، يقول أحد شيوخ القبائل -بشرط عدم الكشف عن هويته- في منطقة عنابة إنه لا يملك أي أرض أو منزل في ولاية بنجشير بسند رسمي أو شرعي، و"حتى الجبال منقسمة بين شيوخ المنطقة، والحكومة لم تأخذ أيا منها".
وتابع: "الأراضي التي من المفترض أن تبنيها طالبان في مستوطنة المهاجرين وُزعت على أهالي المنطقة منذ أربع سنوات".
ويضيف شيخ القبيلة أنه "بعد توزيع هذه الأراضي، بُني حوالي 20 منزلا في هذه المنطقة، ووُضع حجر الأساس للعديد من المنازل الأخرى".
تغيير البنية الأصلية
وأدان "المجلس العالمي للبنجشيريين"، تحركات طالبان في هذا الصدد، مبينا أن الملا هبة الله آخند زاده، سيُهجر 6.1 ملايين شخص في 22 مقاطعة من أفغانستان.
وأشار المجلس في بيانه كذلك إلى أن "حركة طالبان تسعى إلى نقل 50 ألف مهاجر إلى مقاطعة بنجشير وحدها".
وكما توضح الصحيفة الأفغانية، جاء في البيان أنهم "من ناحية، يريدون الضغط على السكان الأصليين في المنطقة لترك منازلهم والهجرة، لضمان هيمنة سلطتهم العرقية".
ومن ناحية أخرى، تزعم أن طالبان "مهدت الأرضية لوجود جيش ضخم من الإرهابيين، إلى جانب قواتها المسلحة الموجودة حاليا في بنجشير".
وكما ذُكر سابقا، فإن عددا من الخبراء القانونيين أكدوا أن "هذه المجموعة، على غرار أمير عبد الرحمن خان وأمان الله خان، تسعى إلى نشر الفرقة والانقسام وتغيير التركيبة الاجتماعية في الولاية".
وفي مقابلة له مع الصحيفة، حذر فاروق عالم، وهو أستاذ جامعي سابق، من "محاولة طالبان تغيير بنية السكان الأصليين في بنجشير عن طريق نقل الأشخاص تحت اسم المهاجرين، الذين لا يُعرف من هم ومن أين أتوا".
ونوه أن "هذا العمل سيسبب صراعات عرقية، ومن الأفضل أن تتخلى طالبان عنه". ومن جانبهم، نفى مسؤولو الحركة "ادعاء تغيير التركيبة الاجتماعية" في بنجشير.
وأصدر المكتب الإعلامي لحاكم طالبان في بنجشير بيانا أفاد بأن "هذه المستوطنة ستُبنى بناء على مرسوم الملا هبة الله آخند زاده لسكان الولاية العائدين من الدول المجاورة".
ولكن بالنظر إلى الواقع، فقد ادعى "المجلس العالمي للبنجشيريين" في تقرير تحقيقي أن "حركة طالبان استولت على 285 مبنى سكنيا و13 مسجدا و12 مدرسة في بنجشير".
وبحسب هذا التقرير، فإن "حركة طالبان تنقل مقاتليها وعائلاتهم إلى هذه المنازل والمباني المدرسية والمساجد".
ووفق ما ورد عن الصحيفة، فإن "ما لا يقل عن 21 ألف مقاتل من طالبان موجودون حاليا في بنجشير، وهو ما دفع المجلس للمطالبة بمعاقبة طالبان في محكمة لاهاي الدولية".