بعيدا عن الإعلام.. هكذا تحاول إدارة بايدن حل "خلافتها" مع حكومة نتنياهو
بعد نحو شهرين من عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من عدوان على قطاع غزة المُحاصَر، بدأت تخرج للعلن خلافات بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي المحتل.
وفي هذا السياق، أشار موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي إلى أن زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل، والتي اختتمت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، كان الهدف منها "تسوية الخلافات" بين الطرفين.
وكانت هذه هي الزيارة الثالثة التي يجريها بلينكن إلى المنطقة منذ بدء الحرب بالهجوم المفاجئ الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ضد المستوطنات المحاذية للقطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
نقاط خلاف
وخلال زيارته، صرح بلينكن أن الهدنة الإنسانية هي "عملية مثمرة"، مشيرا إلى أن "وجودها مهم ونأمل أن تستمر".
ووفق موقع "ذا ميديا لاين"، فإن "حوالي 145 شخصا لا يزالون محتجزين لدى حماس والمنظمات الأخرى في غزة، بعضهم يحمل الجنسية الأميركية، الأمر الذي يزيد من الضغوط التي تمارسها إدارة جو بايدن لتمديد الهدنات الإنسانية".
علاوة على ذلك، فإن "الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على قطر، التي تلعب دورا في الوساطة في هذه الحرب".
وألمح الموقع إلى ما قاله بلينكن أثناء زيارته من أنه "يريد مناقشة مستقبل قطاع غزة مع الحكومة الإسرائيلية، رغم تجنب الأخيرة تعاطي هذه المسألة في المرحلة الجارية".
وقال بلينكن إن "الولايات المتحدة تدعم بقوة إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، ومحاولة ضمان عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر، وفي الوقت نفسه، أتطلع إلى محادثات مفصلة حول مستقبل غزة".
وحسب "ذا ميديا لاين"، فإن "إسرائيل رفضت مناقشة مستقبل قطاع غزة، حيث قال مسؤولون إنهم يركزون حاليا على المجهود الحربي".
واستدرك قائلا: "لكن إذا نجحت إسرائيل في إزاحة حماس من السلطة، فلن يكون بإمكانها تجنب التعامل مع الأمر".
وقال الموقع إن "هناك عدة نقاط خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن هذه الحرب وعواقبها، وقد أُعلن عنها في الأيام الأخيرة".
ويرى البروفيسور إيتان جلبوع، الخبير في الشؤون الأميركية في جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية أن "هذه الأمور يجب تسويتها خلف الأبواب المغلقة".
وأضاف أن "مناقشة الخلافات علنا أمر سيئ، إذ إنها إشارة لحماس بأن هناك خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، الأمر الذي يعزز موقفها في رفض أي عرض تتلقاه".
وأشار الموقع الأميركي إلى أن "إسرائيل تلقت دعما غير مسبوق من الولايات المتحدة ورئيسها بايدن، منذ بداية الحرب".
وتابع: " زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالذخيرة، وجددت مخزونها من صواريخ الدفاع الجوي، وحشدت القوات والطائرات قرب المنطقة".
فشل سياسي
وتشير التقارير أيضا إلى "استخدام طائرات عسكرية أميركية بدون طيار فوق غزة؛ لمساعدة إسرائيل في تحديد مكان الرهائن".
وفي أكتوبر 2023، وافق مجلس النواب الأميركي على حزمة مساعدات عسكرية ضخمة لإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار، إضافة إلى المساعدات التي تُقدّم لها سنويا.
وألمح الموقع إلى أن "تأمين إطلاق سراح المحتجزين هو أولوية قصوى لكل من إسرائيل والولايات المتحدة".
وأضاف أن "الولايات المتحدة تركز على تأمين أكبر عدد ممكن من الرهائن، حتى لو كان ذلك سيؤثر على المجهود الحربي".
وقال عضو الكنيست الإسرائيلي، موشيه روث: "في الولايات المتحدة، تعد صورة إعادة المحتجزين إلى الوطن بمثابة انتصار له رصيد سياسي كبير، والأمر مهم كذلك في إسرائيل".
واستدرك: "لكن الاختلاف الآن بين الولايات المتحدة وإسرائيل يدور حول ما يتعين علينا أن نفعله الآن، فبالنسبة لبلينكن فإن قيمة الهدنة أكبر مما هي عليه بالنسبة لإسرائيل".
وقال روث: "بمرور الوقت، سترتفع الأصوات في الولايات المتحدة التي تطالب إسرائيل بوقف القتال".
من جانبه، يعتقد البروفيسور جلبوع أن "حماس تحتجز الرهائن الأميركيين كجزء من إستراتيجيتها؛ لأنها تعتقد أنهم يشكلون رصيدا أكبر".
وأوضح الباحث أنه "طالما أن هناك محتجزين أميركيين، فإن ذلك فشل لسياسة بايدن الخارجية في عيون الشعب الأميركي".
وأردف أنه: "إذا لم تؤد الضغوط الأميركية على قطر إلى إطلاق سراحهم، فإن ذلك سيعزز التوجه الإسرائيلي في استمرار الحرب".
ووفق "ذا ميديا لاين"، فإنه "رغم موافقة الولايات المتحدة على استمرار حرب إسرائيل على حماس حتى القضاء عليها، إلا أن البيت الأبيض طلب من إسرائيل تجنب المزيد من تهجير الفلسطينيين الموجودين في قطاع غزة"، حسب ادعائه.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 1.8 مليون من سكان غزة قد نزحوا منذ بدء العدوان على القطاع.
مستقبل الحرب
وأوضح جلبوع أن "الولايات المتحدة توافق على استمرار الحرب، ولكن ضمن قيود معينة، حيث تؤكد على إسرائيل تقليل الخسائر في أرواح المدنيين إلى الحد الأدنى؛ لأنهم يرون أن إسرائيل (إن لم تفعل ذلك) فستفقد شرعية عمليتها العسكرية".
ووفق الموقع الأميركي، فمن المرجح أن تظهر خلافات بين الحليفين.
وقال روث: "سيكون مستقبل الحرب هو النقطة المحورية لاختلافات الآراء، وستسير إسرائيل على خط رفيع، في حين يسعى جيشها إلى الحصول على مساحة أكبر للتحرك في جنوب غزة".
وتابع: "لكن وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين سيتطلب من إسرائيل استخدام كل قدراتها السياسية لتأمين الدعم الأميركي".
وأضاف روث أن "أي سيناريو يتضمن عددا كبيرا من الضحايا المدنيين سيختبر قدرة إسرائيل على إقناع الولايات المتحدة".
وأردف الموقع أنه "رغم أن بلينكن ومسؤولين آخرين أعربوا عن رغبتهم في أن تلعب السلطة الفلسطينية دورا مهما في غزة ما بعد حماس، إلا أن وجهة نظر إسرائيل مختلفة".
وقال روث: "لا يبدو أن السلطة الفلسطينية قادرة على السيطرة على غزة أو لديها رغبة في ذلك"، ويرى أن "هذا الأمر ليس مجرد تفاصيل ثانوية بالنسبة لإسرائيل، فسلطة رام الله لا تقدم نفسها ككيان يريد التعايش إلى جانب إسرائيل، والولايات المتحدة تدرك ذلك".
وبالنسبة للعديد من الإسرائيليين، بما في ذلك كبار الشخصيات في الحكومة، فإن "المناقشة سابقة لأوانها، رغم كونها ضرورية"، وفق الموقع.
ويعتقد جلبوع أنه "يجب تفكيك حماس قبل عقد مثل هذا النقاش"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة مهووسة بنهاية الحروب، لكن إسرائيل ستكون أكثر ذكاء في وضع شروطها لليوم التالي لغزة بما يخدم أهدافها".
وأوضح الموقع أنه "نظرا لعلاقتهما القوية ودعم الولايات المتحدة الثابت لإسرائيل خلال هذه الأزمة، فمن المرجح أن يسوّي الطرفان أي خلافات بينهما".
ولخّص جلبوع رؤيته، قائلا: "لن نشهد صداما كبيرا، وإسرائيل ستفعل كل ما في وسعها للحد من هذه الخلافات، لأن الدعم الأميركي أمر بالغ الأهمية في كل جانب من جوانب الحرب".