أمير الموسوي.. دبلوماسي إيراني بجواز عراقي تعتقله القاهرة بدعوة رسمية

"الموسوي أعلن عودته إلى بغداد بعد غيابه ليومين في مصر"
تصدر اسم الدبلوماسي الإيراني السابق، أمير الموسوي، منصات التواصل الاجتماعي في العراق وإيران، وذلك بعد اختفائه فور وصوله إلى مطار القاهرة، خصوصا بعد تأكيد السلطات الإيرانية "اختطافه" في مصر، التي دخلها بجواز سفر عراقي بدعوة من مراكز بحثية.
الموسوي الذي اختفى بمصر في 7 سبتمبر/ أيلول 2025، ورغم عدم تصريح السلطات المصرية وحتى العراقية عن الموضوع، نشر الأخير في مساء اليوم التالي منشورا على منصة "إكس" أعلن فيها عودته إلى بغداد، شاكرا رؤساء الحكومة والبرلمان والقضاء في العراق.
اختفاء غامض
تضاربت الروايات بخصوص اختفاء الموسوي (67 عاما) من مطار القاهرة، بين الحديث عن "خطف" و"اعتقال"، وذكر بعدما كشف حسابه على منصة "إكس" في 7 سبتمبر، أنه فقد في مصر وانقطعت أخباره.
وأضاف الحساب الذي كان يديره "الأدمن" أن "غياب الموسوي يثير علامات استفهام كبرى حول سلامته، ومطالبات عاجلة بكشف الحقيقة فورا"، داعيا الرئاسات العراقية (الوزراء، البرلمان، القضاء) إلى التدخل في القضية.
وفي اليوم التالي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، حميد بقائي، إن "الشخص المختفي في مصر والمعروف باسم أمير الموسوي، ليس دبلوماسيا إيرانيا، لكنه شغل في فترة سابقة منصب المستشار الثقافي للبعثة الإيرانية في الخارج، ولم يعد يمارس أي مهام دبلوماسية رسمية".
وأوضح بقائي خلال مؤتمر صحفي في 8 سبتمبر، أن "الموسوي دخل الأراضي المصرية بجواز سفر عراقي، وليس بجواز سفر إيراني، لكنه أكد أن حقوق المواطنين الإيرانيين، تتابع بعناية من خلال مكتب حماية المصالح الإيرانية في القاهرة".
وفي السياق ذاته، نقل موقع "إيشان" الإخباري العراقي، في 7 سبتمبر عن مصدر وصفه بـ"المقرب" من الموسوي أن الأخير "تلقى دعوة رسمية من مجموعة مراكز بحوث مصرية، وتم إرسال جوازيه الإيراني والعراقي، وحصل على إشعار بالموافقة الأمنية إضافة إلى منحه فيزا لدخول مصر".
وأضاف المصدر (لم يسمه) أن الموسوي "أبلغ فور وصوله إلى مطار القاهرة أنه محتجز هناك، وأن التحقيقات معه استمرت منذ الصباح وحتى وقت إرساله الرسالة الأخيرة".
وأشار إلى أن "جدول سفر موسوي تم عبر شركة (سي آي أس/ CIS) المصرية للاستشارات، فيما كان من المقرر أن يبدأ نشاطه البحثي في القاهرة مساء يوم 7 سبتمبر، من خلال سلسلة ندوات يعقدها مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية بالتعاون مع الشركة نفسها".
وذكر "إيشان" نقلا عن المصدر أن الموسوي، أبلغه فور وصوله إلى مصر بأنه يشعر بأن "الوضع غير مطمئن"، وطلب منه إبلاغ الجهات الرسمية في حال انقطع التواصل معه.
وعلى الصعيد ذاته، قالت وكالة "بغداد اليوم" في 8 سبتمبر، نقلا عن مصدر (لم تسمه): إن "الموسوي جرى اعتقاله داخل مطار القاهرة لوجود مذكرة قبض بحقه في مصر، لم يكن يعلم بها الأخير".
وبعد جدل واسع وتعدد الروايات، نشر الموسوي منشورا على “إكس” مساء 8 سبتمبر، شكر فيها الرئاسات العراقية ومن أطلق عليهم "المقاومين" والإعلاميين وغيرهم في العراق وإيران، معلنا عودته إلى بغداد، دون الإفصاح عما حصل معه، ولماذا لم يكمل زيارته إلى مصر.
دبلوماسي مطرود
أمير الموسوي المولود بمدينة النجف العراقية في 23 سبتمبر 1957، أصله إيراني، وجرى ترحيله إلى إيران في ثمانينيات القرن العشرين، مع عشرات الآلاف الذين رحلهم نظام صدام حسين، بسبب توتر العلاقة مع طهران والتي أفضت إلى حرب استمرت من 1980 إلى 1988.
استقر الموسوي مع عائلته في إيران عام 1983، ومن هناك تمّ إرساله إلى بروكسل ليصبح الممثّل الثقافي للجمهورية وبذات المنصب مثل بلده في دول عديدة.
وخلال الفترة ما بين عام 1990 إلى 1996، عمل ممثلا ثقافيا لإيران في السودان، وبعد نهاية هذه الفترة عاد إلى بلده وشغل مناصب مختلفة في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية.
ومن أهم المناصب الدبلوماسية التي شغلها الموسوي، الممثّل الثقافي لإيران في كل من بروكسل، وبعدها في السودان، إضافة مناصب مختلفة في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في طهران، ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية في إيران.
ولعل آخر ما شغله من مناصب دبلوماسية، هو منصب الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية بالجزائر حتى عام 2018، والذي غادره بعد قضائه أربع سنوات في الجزائر، وهو من أكثر الدبلوماسيين إثارة للجدل بسبب شكوك حول تورطه في نشر المذهب الشيعي بالبلاد.
وكتب الموسوي حينها على "فيسبوك" قائلا: "وداعا أحبائي الجزائريين.. بعد أربع سنوات نودع الجزائر الحبيبة وقلبنا مملوء بالحب والود والاحترام لهذا الشعب الكريم. شكرا لكم على كل لحظة طيبة قضيناها بينكم وما لقيناه من حسن تعاون من قبل الأوساط الرسمية والشعبية".
وعيّنت إيران موسوي عام 2014 ملحقا ثقافيا في سفارتها بالجزائر، ومنذ توليه منصبه أصبح أشهر دبلوماسي في الجزائر، بسبب تنقلاته الكثيرة عبر المحافظات ونشاطه الكثيف عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وفق تقرير نشرته وكالة "الأناضول" التركية في 23 سبتمبر 2018.
وتسببت هذه التحركات في اتهامه من جانب نشطاء على الإنترنت بنشر المذهب الشيعي في الجزائر، مطالبين السلطات بطرده، كما ترددت شائعات سابقا بشأن رحيله ما اضطره للظهور مرارا من أجل نفيها.
وشن المستشار السابق بوزارة الشؤون الدينية الجزائرية عدة فلاحي هجوما على الموسوي، بعد أن كان أحد أصدقائه، حيث اتهمه بأنه يشكل خطرا على أمن الجزائر بسبب تحركاته المكثفة، وفق "الأناضول".
ونشر موسوي على "فيسبوك" صورة له بعد أداء صلاة الجمعة في أحد مساجد العاصمة الجزائر، وقال إنها آخر جمعة له في الجزائر، ما دفع ناشطين إلى تداول المنشور متحدثين عن طرده، لكنه ألمح اليوم إلى أنه لا يوجد أي غضب رسمي جزائري تجاهه.

رجل مخابرات
في 27 مارس/آذار 2020، أكد الكاتب العراقي حيدر صبي، أن “الموسوي تلقى تدريبا مكثفا لدى أجهزة المخابرات الإيرانية، فالمتعارف عليه أن جميع سفارات الدول، خصوصا بالشرق الأوسط توظف رجالاتها في الملحقيات كشخصيات يكون أغلبها عبارة عن أجهزة مخابراتية تعمل تحت مظلة تلك العناوين”.
وأوضح صبي خلال مقال نشره موقع "كتابات" العراقي، أن "الموسوي تم إرساله أولا إلى بروكسل ليختبر بتجربته الأولى في العمل المخابراتي وكملحق ثقافي لدى الجمهورية الإيرانية هناك".
وتابع: "إثر نجاحه في بروكسل أحيل إلى السودان ليعمل هناك في الملحقية الثقافية في الخرطوم، واستطاع الموسوي مع خليته من تجذير الاعتقاد الشيعي لدى المتصوفة السودانيين، مستغلة إيران محاصرة (الرئيس السوداني الأسبق) عمر البشير وعزلته عن المجتمع الدولي، وتقربوا منه بحجة مد العون وتقديم المساعدات المالية للنهوض بالاقتصاد السوداني".
غير أن جل تلك الأموال، وفق صبي، "كانت مسخرة بيد الموسوي ورفاقه، لذا قاموا بعمل رائع بعد أن استطاعوا فتح المستشارية الثقافية الإيرانية وايضا المركز الثقافي بأم درمان، ومؤسسة السجاد التعليمية بأم بدة، ومدرستين بمايو في جنوب الخرطوم ومدرسة أخرى بالحاج يوسف، وهناك أيضا مركز الشيعة بالعمارات المسمى باسم جعفر الصادق".
وأكد الكاتب أن "الموسوي عمل بعدها على استقطاب حفظة القرآن لتزويدهم بالفكر الشيعي بعدما فشلت محاولة مساومة مدير مصحف إفريقيا، من أجل إجازة المصحف الإيراني، تلك الحادثة التي كشفها للصحف الشيخ محمد عبد الكريم عضو الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان".
ولفت إلى أن "إيران أنهت عمله في الخرطوم وطالبته بالعودة الفورية بعد تلقي أجهزتها المخابراتية معلومات تفيد بتتبع الملحق الثقافي الموسوي إثر نشاطه غير الطبيعي بين أوساط الفكر والسياسة والاقتصاد واتهامه بنشر المذهب الشيعي وكذلك لقاءاته بشخصيات قيل عنها معارضة للحكم".
فور وصوله إلى طهران- يضيف صبي- أسندت إلى الموسوي مناصب مختلفة في ما يسمى بـ(رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية بطهران) ثم أرسل بعدها ليكمل مشواره المخابراتي في سفارة إيران في الجزائر، ثم لتكافئه بعد ذلك أن جعلته مديرا لمركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية بطهران".
اختفاء الموسوي في مصر، أثار جدلا أيضا بين الناشطين على مواقع التواصل بسبب الكشف عن أنه يحمل جواز سفر عراقيا، رغم هجومه المتكرر على الدولة العراقية وتأكيده بأنه مواطن إيراني، متسائلين عن أعداد الإيرانيين وتحديدا من جهاز المخابرات الذين جرى تجنسيهم ومنهم جوزات عراقية يتنقلون بها من بعد عام 2003.
المصادر
- إيران تعلق على اختفاء أمير موسوي في مصر
- ” امير موسوي ” العراقي الذي جندته ايران للانتقام من بلده
- دبلوماسي إيراني متهم بنشر التشيع يغادر الجزائر
- مقرب من موسوي: أبلغني أن الوضع غير مطمئن بعد وصوله القاهرة
- تفاصيل جديدة حول اختفاء الإعلامي أمير موسوي في مطار القاهرة
- "بغداد اليوم" تكشف الرواية الكاملة.. من وصول موسوي إلى اعتقاله داخل مطار القاهرة