"تحايل على العقوبات".. ما تأثير القيود الغربية على إنفاق روسيا العسكري؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور سنتين على فرض القيود على الصادرات إلى السوق الروسية، بدا أن الأمر لم يكن عائقا أمام تنامي الإنفاق العسكري الروسي.

وتنفق موسكو أكثر من 850 مليون يورو شهريا على المواد الحربية، فيما سمحت دول مثل الصين والإمارات للكرملين بالتحايل على العقوبات المفروضة عليها. 

رصد البيانات

وقالت صحيفة "الباييس" الإسبانية، إن "موسكو تنفق كما هائلا من الأموال لشراء المعدات الحربية".

بالمقابل، يكرس الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، جهوده خلال جولته الأوروبية الجديدة، هذه المرة عبر دول البلطيق، بطلب المزيد من المساعدة لهزيمة روسيا على الجبهة، وتعهد حلف "الناتو"، الذي اجتمع في 10 يناير/ كانون الثاني 2024 ببروكسل، بإنفاق "مليارات" اليورو لمساعدة كييف عسكريا، خاصة في مجال الدفاع الجوي.

وبينما تقود أوكرانيا كل هذه الجهود خلال يومين فقط، أنفقت روسيا حوالي 56 مليون يورو لشراء المعدات الحربية.

ويحدث كل هذا في ظل القيود التجارية التي فرضها الغرب عقب غزو أوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/ فبراير 2022.

ووفقا لتقرير نشرته كلية كييف للاقتصاد ومجموعة "يرماك-ماكفول" بقيادة كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية، أندريه يرماك، والسفير الأميركي السابق، مايكل ماكفول، فقد تعافت واردات روسيا من السلع الحربية إلى حد كبير بعد تراجعها الحاد إثر فرض ضوابط على التصدير إليها.

ونقلت صحيفة "الباييس" دراسة أعدّت من خلال رصد قواعد البيانات التجارية وتحت عنوان "تحديات تطبيق ضوابط التصدير".

وبحسب المعلومات الواردة فيها، مع استمرار روسيا في استيراد مواد لضمان استمرار إنتاجها العسكري، فإن متوسط ​إنفاقها الشهري على واردات السلع الموجهة إلى ساحة المعركة (من معدات الاتصالات أو المكونات الإلكترونية أو أشباه الموصلات للاستخدام العسكري الحصري) يقدر بنحو 851 مليون يورو، من يناير إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

في الواقع، يعد هذا المبلغ أقل بنسبة 10 بالمئة فقط مما أنفقته موسكو قبل العقوبات التجارية.

شبكة معقدة

ونوهت الصحيفة إلى أن 48.5 بالمئة من هذه السلع الحربية تأتي من إحدى الدول التي تشكل التحالف الذي أطلق عنان القيود التجارية ضد موسكو.

هذا لا يعني أن البائع، الذي يقع مقره في الولايات المتحدة أو أستراليا أو اليابان أو المملكة المتحدة أو أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، يتفاوض عن دراية منه مع الشركات الروسية.

لكن، أصبح أثر مبيعاته مفقودا في شبكة معقدة حتى الوصول إلى بلدان ثالثة، أي شركاء موسكو المباشرين، مثل الصين. 

وتحديدا هنا، تصدّر الصين، أكثر من أي دولة أخرى، وتهيمن على الواردات من هذه السلع التي تصل إلى روسيا، حيث تصدر إلى روسيا كدولة منتجة 47 بالمئة من السلع، أو كبلد منشأ 66 بالمئة، أو مجرد بائع بنسبة 40 بالمئة، أو كبلد تسليم المنتج بحوالي 56 بالمئة.

وفي هذه القائمة، نجد أيضا دولا أخرى على غرار تركيا والإمارات، بحسب ما أفادت به الصحيفة. 

ومع ذلك، أشارت إلى أن شراء المنتجات الأخرى الأساسية لآلة الحرب، حتى وإن كانت للاستخدام المزدوج، المدني أو العسكري، انخفض بنسبة تزيد عن 28 بالمئة، من 2933 مليون يورو شهريا، أي القيمة التي أنفقتها روسيا قبل بداية الغزو، إلى 2,092 مليون في المتوسط ​​في الأشهر العشرة الأولى من العام 2023.

وهذا يعني، وفقا لكبيرة الباحثين في سوق البورصة الأوكرانية، أولينا بيلوسوفا، أن "ضوابط التصدير يمكن أن تنجح بالفعل بعد الغزو". وتتابع بيلوسوفا من مقر المركز في العاصمة الأوكرانية: "إنهم يجبرون روسيا على البحث عن طرق تجارية جديدة وبالتالي إنفاق المزيد من الأموال". ولكن هذا لا يكفي.

وتتابع: "إذا تمت الموافقة على إجراءات جديدة فسيكون تأثيرها أكبر، لكن إذا توقفنا فسنخسر ما حققناه حتى الآن".

وتجدر الإشارة إلى أنه بحلول الغزو الروسي لأوكرانيا، كان لدى روسيا مخزون وكانت صناعتها تركز بالفعل على الحرب - كما ارتفع شراء السلع لساحة المعركة بشكل كبير نهاية سنة 2021، بينما كان الغزو قيد الإعداد. لذلك، فإن تأثير أي عقوبة سيستغرق بعض الوقت.

تغيير الطرق 

وأوضحت الصحيفة أن بحثا أجراه فريق خبراء يرماك-ماكفول المعني بالعقوبات الروسية أن روسيا عانت، بفضل القيود المفروضة على التصدير، من نقص بعض المنتجات القيمة التي تصنعها الشركات الغربية، وخاصة في قسم الإلكترونيات. تبعا لذلك، سُجل تغيير على مستوى الطرق التجارية لهذه المواد. 

ونقلت الصحيفة أن الغرب يراقب بصرامة أي تجاوز للعقوبات ضد روسيا.

ومن الأمثلة على ذلك، يبرز إدراج 42 شركة جديدة في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2023، في القائمة السوداء الأميركية بسبب تزويد الجيش الروسي بالمواد، بما في ذلك المواد اللازمة لإنتاج الطائرات دون طيار مع إيران في المنشآت الجديدة في تتارستان. 

ومن بين الكيانات المبلغ عنها، على سبيل المثال، أربعة مقرها في قبرص، وثلاثة في بلجيكا، وواحد في ألمانيا وآخر في هولندا.

ونتيجة لهذا الإجراء، ألقي القبض على رجل الأعمال البلجيكي، هانز ماريا دي جيتيري، 61 عاما، في عملية بين سلطات بروكسل ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.

وسلطت الصحيفة الضوء على إمكانية قيام التشريعات الأميركية بمقاضاة المنتجات التي، رغم أن مقرها لا يوجد في الولايات المتحدة، إلا أنها تحتوي في الإجمال على بعض المكونات، حتى الحد الأدنى، التي يكون مصدرها أميركي.

وقد تمكنت الوكالة الوطنية الأوكرانية لمكافحة الفساد من تحديد 2800 قطعة من الأسلحة التي استخدمتها روسيا في هجومها- في الصواريخ والطائرات دون طيار والمركبات العسكرية.

ويأتي 95 بالمئة منهم من المنتجين في دول التحالف، حيث إن 72 بالمئة منها تأتي من الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة الإسبانية.