قصف إسرائيلي متواصل.. صحيفة إسبانية: الوضع في غزة كارثي والسكان يتعرضون للإبادة
تتواصل معاناة سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، واستعدادهم للأسوأ بعد توقف آخر محطة لتوليد الكهرباء عن العمل وسط استمرار القصف الإسرائيلي المتوحش منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقالت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية، إن غزة تعيش على وقع انقطاع تام للكهرباء، بين ضجيج ولهب التفجيرات. وتحديدا، توقفت في 11 أكتوبر، آخر محطة لتوليد الكهرباء عن العمل في القطاع المحاصر منذ سنين.
وغزة منطقة يبلغ طولها 41 كيلومترا وعرضها 10 كيلومترات، يستعد سكانها في الوقت الراهن لإعلان التوغل البري للجيش الإسرائيلي ردا على الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر.
وضع مرعب
وفي حديثها مع الإندبندينتي، قالت الصحفية المحلية نور السويركي، إن "الوضع مرعب، حيث لم تتوقف الغارات الجوية وظلت تضرب المباني السكنية المدنية، في معظم الأحيان، دون سابق إنذار".
في الحقيقة، بعد 16 سنة من الحصار، انحدرت غزة عدة درجات نحو الجحيم، حيث أصبحت دون كهرباء أو مياه وانقطاع مستمر للاتصالات الهاتفية.
وقد فقد أكثر من 1500 ساكن حياتهم، أغلبهم من النساء والأطفال، منذ أن نفذت القوات الجوية الإسرائيلية غاراتها الأولى في7 أكتوبر، كما أصيب أكثر من 5500 شخص.
وفي نفس الفترة من العملية العسكرية الإسرائيلية سنة 2014، والتي استمرت ستة أسابيع، لم يتجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين 126. وفي الإجمال، قبل تسع سنوات، قُتل 2300 فلسطيني، وكانت حتى ذلك الحين الصراع الأكثر دموية من بين الصراعات الأربعة بين حماس وإسرائيل.
وأوردت الصحيفة أن "هناك نقصا في الوقود والمياه والغذاء والدواء". كما قصفت إسرائيل مدينة رفح، المعبر الحدودي بين مصر وغزة، لمنع دخول البضائع والمساعدات الإنسانية إلى واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم.
وحذرت وكالة الأمم المتحدة الإنسانية من أن الوضع داخل غزة يتدهور بسرعة.
بالتوازي مع ذلك، ألحقت الغارات الجوية الإسرائيلية أضرارا بسبع منشآت توفر خدمات المياه والصرف الصحي لأكثر من 1.1 مليون شخص.
وتراكمت النفايات ومياه الصرف الصحي في الشوارع. وكانت المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى في غزة، وعددها 13 مستشفى، تعمل بشكل جزئي وسط نقص الإمدادات وتقنين الوقود.
"المستشفيات مكتظة"
في الأثناء، اعترف ليو كانز، المنسق العام لمنظمة أطباء بلا حدود في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأن "الوضع في غزة كارثي. كما لا يعرف الناس إلى أين يذهبون، ووجدوا أنفسهم في العراء في منتصف الليل تحت وابل من القنابل".
وأكد أن "المستشفيات مكتظة. وأصبح عدد الجرحى مرتفعا للغاية: حيث إن هناك تدفقا مستمرا إلى جميع المستشفيات في قطاع غزة. وكشف أن "الطواقم الطبية منهكة، وتعمل بلا راحة لعلاج المصابين".
وحذر داروين دياز، المنسق الطبي للمنظمة في غزة، من تزايد أعداد النازحين وسط منطقة لا مفر منها، في ظل دعوات للسماح بفتح ممر إنساني.
وفي الحقيقة، تنحدر غزة نحو الظلام الدامس؛ حيث إنه في أكبر مجمع مستشفيات في المنطقة، لم يتبق سوى الوقود لتشغيل المولدات لمدة أربعة أيام أخرى لا غير.
وأضاف: "في بعض الأحيان، يتلقى الناس رسائل نصية في منتصف الليل تطلب منهم إخلاء منازلهم، كما حدث لبعض زملائنا في غزة. عليك أن توقظ أطفالك في منتصف الليل وتخرج من المنزل دون أخذ أي ممتلكات للوصول إلى مكان آمن".
وفي 12 أكتوبر 2023 أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوشا" ارتفاع عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم إلى أكثر من 423 ألف شخص في قطاع غزة.
وواصل دياز: "إنهم بحاجة إلى كل شيء: الماء، ومكان للوضوء، والغذاء، وفراش للنوم عليه... باختصار، هي احتياجات متنوعة ولكنها أساسية".
وضع كارثي
في ظل هذا الوضع، دعت حماس - التي تسيطر على القطاع منذ سنة 2007 - في بيان لها إلى "تدخل دولي" لوقف الهجوم الإسرائيلي و"إجبار الاحتلال على فتح المعابر الحدودية والسماح بدخول المساعدات الطبية والغذائية والإغاثية الضرورية، والوقود والكهرباء والمياه إلى القطاع المزدحم".
وحمّلت الحركة تل أبيب مسؤولية ارتكاب "جرائم حرب" من خلال "محو مناطق سكنية بأكملها عن الخريطة وإبادة عائلات بأكملها وطرد ربع مليون فلسطيني من منازلهم المقصوفة، ومهاجمة المستشفيات وسيارات الإسعاف بشكل مباشر"، فضلا عن "منع دخول المواد الغذائية والإمدادات".
وأدانت الأمم المتحدة "فرض الحصار الذي يعرض حياة المدنيين للخطر من خلال حرمانهم من السلع الأساسية التي تمكنهم من البقاء على قيد الحياة" وذكّرت بأن مثل هذه التدابير "محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي".
وأمام هذا الوضع، تندد اليونيسيف ببعض القيود المفروضة على غزة. وجاء في بيان لوكالة الأمم المتحدة أن "هناك شعورا بالقلق الكبير إزاء التدابير الرامية إلى منع دخول الكهرباء والغذاء والمياه والوقود إلى غزة.
وهذا سيضيف طبقة أخرى من المعاناة إلى الكارثة الحالية التي تواجهها عائلات غزة. كما يعرض حرمان الأطفال من الحصول على الغذاء والخدمات الأساسية حياتهم للخطر، مثلما هو الحال بالنسبة للهجمات على المناطق المدنية والبنية التحتية، مثل المراكز الصحية والمدارس وشبكات المياه والصرف الصحي.
وهنا، أصبح من الضروري أن تمتنع جميع الأطراف عن ارتكاب المزيد من أعمال العنف والهجمات ضد البنية التحتية المدنية، مثل المدارس والمراكز الصحية والملاجئ".
وبحسب الناشط الفلسطيني عمر البرغوثي في حديث مع الصحيفة، فإن "الوضع في غزة مروع: حيث ترتكب إسرائيل أعمال إبادة جماعية، بحسب تعريف الجريمة في القانون الدولي".
ويضيف: "لقد توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن إمداد الكهرباء بسبب الحصار الإسرائيلي الشامل. وفي الحقيقة، قصفت إسرائيل شبكة الاتصالات. نتيجة لذلك، لم يعد بإمكان غالبية سكان غزة التواصل مع العالم".
ومن جحيم غزة، حاولت السويركي الصمود. وكشفت للصحيفة أن: "قبل الحرب، كان هناك بالفعل نقص في الأدوية. أما الآن، فقد أصبح الأمر أسوأ بكثير". وصرخت قائلة: "نحن نموت". واختتم البرغوثي حديثه قائلا: "إنها بمثابة قصف غرنيكا، ولكن على نطاق أوسع بكثير".