منذ عام 2004.. كيف تدرب الاحتلال على احتلال غزة وتهجير أهلها؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع إيطالي أن الإستراتيجية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بقصفه العنيف والعشوائي بذريعة القضاء على المقاومة، لم تنشأ ردا على عملية "طوفان الأقصى".

وأطلقت حركة المقاومة الإسلامية حماس "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 باقتحامها مستوطنات غلاف غزة ردا على الانتهاكات بحق المسجد الأقصى، ما أدى إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي.

ويعتقد موقع "إيل سوسيداريو" أن ما يجري يعود إلى خطة كان قد رسمها جيش الاحتلال منذ عام 2004 بهدف احتلال القطاع وتهجير كل الفلسطينيين منه.

غزة الصغيرة

وتطرق إلى أهم المراحل التي أدت إلى الوضع الحالي في غزة، ومنها أن الجيش الاسرائيلي بنى في عام 2004 مدينة عربية وهمية في صحراء النقب. 

وقال إن هذه المدينة التي بنيت بتكلفة تقدر بـ 45 مليون دولار، كانت عبارة عن نسخة طبق الأصل لمدينة عربية تتكون من شوارع ومساجد ومبانٍ عامة تحمل أسماء عربية. 

أطلق على هذه المدينة اسم "غزة الصغيرة" وتقع في قاعدة بصحراء النقب تدرب فيها جنود الاحتلال على القتال ضد مسلحين في شوارع ضيقة وداخل الأنفاق.

وهدف بناء هذه المدينة إلى خلق بيئة تدريب للجيش الإسرائيلي شبيهة بمدن القطاع وخاصة للإعداد لعمليات قد يشنها في المناطق الحضرية. وبحلول شتاء عام 2006، أصبحت مدينة الأشباح نسخة طبق الأصل من غزة. 

يشرح الموقع الإيطالي أن هذه الخطوة الرامية لإعداد جيش الاحتلال لخوض معارك حقيقية داخل القطاع جاءت في أعقاب الصعوبات التي واجهتها وحداته وجنوده في حربه ضد حزب الله اللبناني في الشمال عام 2006.

 وهو ما أدى إلى استعدادات أكثر كثافة لمواجهات محتملة في الجنوب ضد عناصر حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام.

من جانبه، أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك دان حالوتس استعداد الجنود لسيناريوهات مماثلة لتلك التي قد يواجهونها في الأحياء المأهولة بمدينة غزة.

وكان وزير الجيش آنذاك، إيهود باراك قد شهد قبل وقت قصير من بدء قصف قطاع غزة محاكاة لهجوم بري على المدينة الخيالية تضمن اقتحام المباني الفارغة والاشتباك مع المسلحين المختبئين بداخلها.

وهدفت هذه التدريبات إلى إعداد جيش الاحتلال للاشتباك مع عناصر المقاومة في عدوان حقيقي انطلق بعملية "الرصاص المصبوب" عام 2008/ 2009 التي اختارت المقاومة الفلسطينية أن تسميها "معركة الفرقان".

جرائم إبادة

وفي نفس العام، نشرت منظمة "كسر الصمت" غير الحكومية الإسرائيلية تقريراً يستنكر  أن "الممارسات المقبولة" لدى الجيش الإسرائيلي أدت إلى "مناخ من التساهل في بنية القيادة سمح للجنود بالتحرك من دون أي ضوابط أخلاقية".

وذلك خلال توغلهم داخل القطاع واستخدامهم للمواطنين الفلسطينيين كدروع بشرية فضلا عن ارتكابهم انتهاكات أخرى وثقتها المنظمة نقلا عن شهادات جنود شاركوا في العملية المذكورة. 

وأضافت آنذاك في تقريرها أن هذا الوضع ترجم "بتدمير مئات المنازل والمساجد من دون أن تكون أهدافا عسكرية، وإطلاق الفوسفور (الأبيض) على مناطق مأهولة ومقتل ضحايا أبرياء بأسلحة خفيفة وتدمير ملكيات خاصة".

وقد حولت هذه الأساليب غزة إلى سجن مفتوح وهو النموذج الذي حاول الإسرائيليون فرضه من خلال الحصار ولكنه فشل في كسر المقاومة الفلسطينية، وفق تأكيد الموقع الإيطالي. 

على الطرف المقابل، ردت فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق صواريخ ضد المستوطنات في محاولة لجذب الانتباه الدولي إلى وضعهم، وفق وصفه. 

أدت هذه الديناميكية إلى ما يسميه المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابي "الإبادة الجماعية المستمرة في فلسطين"، والتي انطلقت بعملية "أمطار الصيف" في عام 2006 ردا على أسر كتائب القسام الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

قبل ذلك، يشير الموقع إلى أن الاحتلال كان قد بدأ عام 2005 في إدارة القطاع كهدف عسكري أكثر من كونه منطقة مدنية مكتظة بالسكان لا سيما مع انسحاب المستوطنين.

الانسحاب من غزة

وقد عرفت عملية الانسحاب بخطة "فك الارتباط أحادية الجانب" كانت قد نفذتها الحكومة الإسرائيلية في صيف عام 2005.

فيما تعرف عربيًا باسم "قانون الانسحاب" وتمثلت في إخلاء المستوطنات الإسرائيلية ومعسكرات جيش الاحتلال من قطاع غزة فضلًا عن أربع مستوطنات أخرى متفرقة في شمال الضفة الغربية.

وكان ذلك نتيجة للعملية العسكرية المعروفة باسم "أيام الغضب" وفق التسمية الإسرائيلية وهو عدوان بري ضد القطاع انتهى بفشل الاحتلال في تحقيق أهدافه بمنع إطلاق الصواريخ من غزة.

إلا أن هذا الإخلاء القسري للمستوطنين كان له آثار غير متوقعة، على حد تحليل الموقع الايطالي، بعد أن أدى إلى صعود حركة حماس وحكمها القطاع بفضل فوزها في انتخابات ديمقراطية عام 2006.

ورداً على ذلك، فرضت إسرائيل حصاراً اقتصادياً على قطاع غزة فيما جاء رد المقاومة بإطلاق صواريخ على مدينة "سديروت" القريبة. 

وقد وفر هذا لإسرائيل الذريعة لتكثيف العمليات العسكرية باستخدام القوة الجوية والمدفعية وطائرات الهليكوبتر الهجومية زاعمة استهدافها مناطق إطلاق الصواريخ لكنها شنت في الواقع هجمات واسعة النطاق على المدنيين خاصة.

جاءت نقطة التحول في سبتمبر/أيلول 2005، عندما رد الفلسطينيون في غزة بتكثيف إطلاق الصواريخ على النقب الغربي كتصعيد بعد حملة اعتقالات جماعية نفذتها إسرائيل ضد ناشطي حركتي حماس والجهاد الإسلامي في طولكرم.

وكان رد الفعل الإسرائيلي على هذه الأحداث  إطلاق عملية "أمطار الصيف" التي تضمنت تحليقا مكثفا للمقاتلات في أجواء القطاع لترويع السكان وقصفًا عنيفًا من البر والبحر والجو. 

وكان الهدف المعلن من وراء هذه العملية، بالإضافة إلى إطلاق سراح الجندي الأسير ووقف إطلاق الصواريخ، إضعاف الدعم الشعبي لحماس لكنه أدى في الواقع إلى تعزيز الدعم للمقاومة الفلسطينية، على حد قول الموقع.

ومنذ تلك اللحظة، اتخذت السياسة الإسرائيلية في غزة بعداً من العدوان والعسكرة المتناميين الذي اتسم بعمليات عقابية واسعة النطاق تسببت في وقوع العديد من الضحايا والأضرار الجانبية، يستنكر إيل سوسيداريوا. 

ويضيف أن هذه السياسة أدت إلى زيادة تعقيد الوضع الهش بالفعل في المنطقة وكذلك زيادة حجم التأييد لحماس.