بين التعليق والتوريد.. ما مدى صدق بايدن فيما يتعلق بالأسلحة لإسرائيل؟

"لقد أوقفنا شحنة من القنابل التي تزن ألفي رطل"
حلل معهد دراسات عبري دوافع تهديدات الرئيس الأميركي جو بايدن، بتعليق تزويد إسرائيل بأسلحة هجومية ودفاعية، في ضوء إصرار الأخيرة على اقتحام مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.
كما وجه المعهد في الوقت ذاته توصيات للحكومة الإسرائيلية بشأن التعامل الأنسب مع قرارات واشنطن الأخيرة، وكيفية العمل على توفيق رؤية الحكومة مع تطلعات الإدارة الأميركية.
ويستعرض معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، في بداية تقريره، التهديدات المتكررة التي أطلقها بايدن من قبل.
إذ يشير إلى أنه "في الأسابيع الأخيرة، حذر بايدن مرارا وتكرارا من أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي عمل إسرائيلي في رفح دون خطة قابلة للتنفيذ لإخلاء السكان الفلسطينيين في المنطقة، يتم الاتفاق عليها مسبقا".
وكدست قوات الاحتلال على مدار الأشهر الماضية مئات آلاف النازحين في مدينة رفح الحدودية في ظل عدوانها المستمر على قطاع غزة.
كما تنفذ حاليا “عملية محدودة” في المدينة تضمنت السيطرة على معبر رفح، وسط تحذيرات دولية من توسيع الهجوم لخطورته على النازحين المكدسين بالخيام.
استياء أميركي
وبناء عليه، يرى المعهد أنه "لا ينبغي أن نفاجأ بقرار بايدن تأخير شحن القنابل الموجهة، وتحذيره من أنه إذا استمرت إسرائيل في غزو رفح، فسنتوقف عن تزويدها بأسلحة هجومية".
ولكن أخطرت إدارة بايدن، في 14 مايو/أيار، الكونغرس بمضيها قدماً في صفقات أسلحة جديدة إلى إسرائيل تزيد قيمتها على مليار دولار، وذلك بعد أقل من أسبوع من تعليق البيت الأبيض لشحنة القنابل المذكورة على خلفية الاجتياح المنتظر لمدينة رفح.
ووفقاً لما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين، فإن حزمة الأسلحة الأخيرة تشمل ذخيرة دبابات بقيمة 700 مليون دولار، ومركبات تكتيكية بقيمة 500 مليون دولار، وقذائف هاون بقيمة 60 مليون دولار.
وكان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، قال خلال مايو: "نواصل إرسال المساعدة العسكرية. لقد أوقفنا شحنة من القنابل التي تزن ألفي رطل، لأننا نعتقد أنه لا ينبغي إسقاطها في المدن ذات الكثافة السكانية العالية".
ويحذر المعهد من أن حجب تلك القنابل لا يتعلق بمسألة دخول رفح فحسب، إذ يرى أن "الإدارة الأميركية لا تزال تنتظر من تل أبيب تقديم إستراتيجية سياسية واضحة لليوم التالي ما بعد الحرب، وحتى الآن لم تفعل حكومة بنيامين نتنياهو ذلك".
ويضيف أن "المعضلة بين أميركا وإسرائيل لا تقتصر على خطة ما بعد الحرب فقط، إذ تولي واشنطن اهتماما متزايدا بصفقة تبادل أسرى لا تزال حريصة على إتمامها".
فمن شأن صفقة تبادل أسرى أن تفتح الباب أمام مبادرة واسعة لإعادة تصميم البنية الإقليمية، وفق تقديره.
وبالرغم من ذلك، يشير إلى أن "الرئيس بايدن أظهر التزاما واضحا منذ البداية بأمن إسرائيل والدعم السياسي والعسكري واسع النطاق".
في الوقت ذاته، يوضح أن "ذلك الدعم يسمح لبايدن، كما يعتقد، بالتورط في الشؤون الداخلية والتأثير على التطورات بما يتماشى أيضا مع المصالح الأميركية".
يرى أن هناك عوامل داخلية دفعت بايدن لاتخاذ هذا القرار، "حيث تتزايد الأصوات المعارضة داخل الحزب الديمقراطي ضد سياسة الإدارة الأميركية في التعاطي مع الحرب، ويتزامن ذلك الرفض مع الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024".
وينبه المعهد إلى أنه "لا يمكن حصر كل أسباب الخطوة الأميركية في المعطيات الداخلية فحسب، فإسرائيل أيضا تتحمل جزءا من ذلك القرار جرّاء إستراتيجيتها في إدارة الحرب".
هدف إستراتيجي
ويؤكد على دور واشنطن الحيوي في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بدعم إسرائيل، حيث يوصي حكومة تل أبيب بـ "العمل على رؤية تحافظ على الدعم الأميركي كهدف إستراتيجي لا يمكنها بدونه تحقيق أهدافها في الحرب على المدى الطويل".
ونفدت الحلول السياسية في الساحة الدولية بعد أكثر من سبعة أشهر منذ بدء الحرب في غزة، ويُخشى من احتمالية حدوث تدهور واسع النطاق مع حزب الله.
لذا يرى المعهد أن الاحتياج الإسرائيلي لأميركا يزداد في الوقت الحالي، ولذلك على تل أبيب أن "تستجيب للمتطلبات الأميركية".
ومع ذلك، يرى المعهد أن “الإدارة الأميركية تعتزم الاستمرار في الوفاء بالتزامها بحماية إسرائيل”.

و"يتضح ذلك من التنسيق والمساعدة في إحباط الهجوم الإيراني في 14 أبريل/ نيسان 2024، والموافقة الأخيرة على حزمة مساعدات خاصة بقيمة 14.5 مليار دولار".
ويكمن حل الإشكالية بين الطرفين وفقا للمعهد العبري، في "موازنة تل أبيب بين التمسك بسياستها مع تنسيق خطواتها مع الإدارة الأميركية في الوقت ذاته".
ويشدد المعهد على أنه "يجب أن تدرك الحكومة الإسرائيلية أن قرارات وتطلعات واشنطن تصب في مصلحة إسرائيل بالأساس، وأن تلك التصرفات ليست تعبيرا عن تخلي الولايات المتحدة عن دعمها".
ولكنها قلق حقيقي من أنه بدون صفقة تبادل أسرى وطرح رؤية سياسية واضحة على جدول الأعمال لـ (اليوم التالي)، فإن البديل هو استمرار الحرب دون القدرة على ترجمتها إلى عملية سياسية واسعة تضمن هدف القضاء على قدرة حماس في السيطرة على القطاع.
ويختتم المعهد تقريره بقوله إنه "لا يمكن للإدارة الأميركية أن توافق على ذلك الطرح الإسرائيلي في إدارة الحرب، ولذلك تزداد احتمالية الحاجة إلى اتخاذ خطوات إضافية ضد إسرائيل".