فاشية جديدة.. هل الإحباط يؤدي إلى تحول أوروبا نحو اليمين المتطرف؟
موجة صعود ملحوظة لليمين المتطرف في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، الذي بنى انتصاراته على استخدام الخطاب المناهض للمهاجرين لجذب الدعم له.
ويأتي هذا الصعود وسط تساؤلات عن مدى انتشار اليمينيين وأسباب صعودهم وتأثيرهم المتزايد على المشهد السياسي والاجتماعي في القارة العجوز.
خلفية جديدة
واستشرفت صحيفة "تيليبوليس" الألمانية بذكر العديد من الحكومات اليمينية المتصاعدة في أوروبا خلال الفترة الأخيرة.
فعلى سبيل المثال، في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، انتصر اليميني الشعبوي خيرت فيلدرز وحزبه في الانتخابات البرلمانية في هولندا.
كما فاز حزب "الحرية" النمساوي بـ37 مقعدا من إجمالي 150 مقعدا برلمانيا، أي بنسبة 23.5 بالمئة.
وأوضحت "تيليبوليس" أنه "في الوقت الحالي يبدو من الممكن أن يشارك فيلدرز، الذي يخدم الخطابات اليمينية المتطرفة، في الحكومة الهولندية".
وبحسب الصحيفة، مع جمع حزب شعبوي يميني لثلث الناخبين، فإن النتيجة في هولندا تجبر الأحزاب الأخرى إما على الاتحاد ضد حزب "الحرية"، أو التسامح مع حكومة الأقلية التي يشكلها فيلدرز.
وتساءلت: "للوهلة الأولى يبدو الأمر وكأنه اتجاه أوروبي لا يمكن إيقافه، فهل حقا لا يوجد مساحة للاتجاه المعاكس؟"
من ناحية أخرى، ذكرت الصحيفة أنه في ألمانيا، وصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني إلى أعلى مستوياته في استطلاعات الرأي.
كما يحتل الحزب المركز الثاني في الحكومة الفيدرالية بنسب تزيد عن 20 بالمئة، وهي القوة الأقوى في العديد من الولايات الفيدرالية الجديدة.
وبالنظر إلى المشهد السياسي الإيطالي، أشارت "تيليبوليس" إلى تولي اليمينية جورجيا ميلوني رئاسة الوزراء منذ أكثر من عام، لافتة إلى كونها رئيسة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف، الحزب السياسي ذي الخلفية الفاشية الجديدة.
ووفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة "يوراكتيف"، أكدت الصحيفة أن "الاتحاد الأوروبي يواجه تحولا نحو اليمين في الانتخابات الأوروبية المقررة عام 2024"، وبناء على ذلك، يستطيع الشعبويون اليمينيون والمتطرفون اليمينيون الاعتماد على ما يقرب من ربع المقاعد في برلمان الاتحاد.
تحذير خطير
وفي تحليله للانتخابات في هولندا، أكد مراسل القناة "الألمانية الأولى" أندرياس ماير فيست من بروكسل أن "هذا تحذير خطير للمشهد في برلين".
ويعتقد ماير فيست أن "نتيجة الانتخابات هي بمثابة احتجاج من قبل المواطنين".
وأوضح ذلك قائلا: "إن نتيجة الانتخابات هي رفض جذري لما كان قبل ذلك، ويظهر بوضوح أنه لم يكن لدى الناخبين في الآونة الأخيرة سوى القليل من الثقة تجاه قياداتهم السياسية، والذين خيبوا آمالهم".
ولفتت الصحيفة الألمانية إلى أن "الدراسات الاستقصائية لانتخابات الولايات المقبلة في بعض المناطق الألمانية، مثل ساكسونيا وبراندنبورغ وتورينجيا، تشير إلى احتمالية حدوث سيناريو ألماني مماثل للسيناريو الهولندي".
وتبدو أرقام استطلاعات الرأي الخاصة بحزب "البديل من أجل ألمانيا" عند مستوى مماثل في ساكسونيا وبراندنبورغ وتورينجيا.
وتأكيدا على أن الاتجاه في العديد من دول الاتحاد الأوروبي يتركز بشكل رئيس في اليمين، أظهرت الصحيفة أن الاستطلاعات في النمسا أيضا تفيد بأن حزب "الحرية" النمساوي هو أقوى حزب في الوقت الراهن هناك.
ويحظى حزب "الحرية" في استطلاعات الرأي بدعم نسبته 30.1 بالمئة، وهي نسبة أكبر من نسبتي شريكي الائتلاف -أي حزب "الشعب" وحزب "الخضر"- مجتمعين.
ويُذكر أنه من المقرر إجراء انتخابات المجلس الوطني المقبلة في النمسا عام 2024.
وشككت "تيليبوليس" في إمكانية تعويض حزب "الشعب" خسائره في الاستطلاع، البالغة 16.1 بالمئة مقارنة بالانتخابات الأخيرة عام 2019.
وأوضحت أن حزب "الخضر" خسر ثلث الأصوات، كما لم يحصل الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" المعارض إلا على نسبة 2.6 بالمئة، وهو ما لا يُقارن بنسبة 13.9 بالمئة التي حققها حزب "الحرية" النمساوي.