انتقدت "الظلم التاريخي" للفلسطينيين.. إلى أين تتجه علاقات الصين وإسرائيل؟
.jpg)
دون الاضطرار إلى الاختيار بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، تتجه إسرائيل أكثر من أي وقت مضى إلى إدارة العلاقات مع بكين بشكل مغاير عما كان عليه العقد الأخير.
وبدفع من التحالفات الدولية والضغوطات الأميركية وإفرازات الحرب الروسية الأوكرانية و"حماية الأمن القومي الإسرائيلي"، بدأت تل أبيب بصورة لافتة في تغيير نهجها تجاه بكين.
وصلت هذه الرسالة إلى الصين فبدأت بالتحذير من تراجع مستوى العلاقات بفعل الضغوطات الأميركية المستمرة منذ عامين، ثم أتبعتها بتصريحات نادرة تجاه الصراع مع الفلسطينيين.
فما أسباب تراجع العلاقات الصينية الإسرائيلية؟ وهل تصل إلى مرحلة غير مسبوقة من التدهور؟ وكيف تؤثر هذه التطورات على موقف بكين من القضية الفلسطينية؟
الحضور الصيني
في 8 ديسمبر/كانون الأول 2022، حلَّ الرئيس الصيني شي جين بينغ ضيفا على العاصمة السعودية الرياض في زيارة دامت يومين، تخللتها لقاءات مع مسؤولين سعوديين وتوقيع اتفاقيات اقتصادية.
كما حضر قمتين خليجية-صينية وعربية-صينية للمرة الأولى. فيما تعد هذه الزيارة الأولى للرئيس الصيني إلى المملكة منذ ما يزيد على ست سنوات.
وتكشف هذه الزيارة والاتفاقيات الموقعة خلالها مدى التقارب الناشئ بين الصين، والسعودية التي بدأت أخيرا بالتغريد خارج سرب أميركا، حليفتها التاريخية المعهودة، وفق مراقبين.
وبدأ هذا التغير يصبح جليا منذ بداية عام 2022، خاصة بعد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط، في تعاون يهدف إلى تخطي التحديات الدولية الطارئة، الاقتصادية والسياسية، وأزمة النفط العالمية.
وتعرضت الأسواق الأميركية والعالمية إلى ضربة قوية في أعقاب قرار تحالف "أوبك بلس" (يقوده السعودية وروسيا) خفض إنتاج النفط العالمي بنحو مليوني برميل يوميا، في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
ويحمل الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية مسؤولية ارتفاع أسعار الوقود في خضم أزمة طاقة عالمية بدأت بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
بينما أعرب مسؤولون كبار في إدارة بايدن أن هذا القرار يحمل دلالة أن تحالف أوبك بلس "ينحاز" لروسيا ويهدد بشكل صريح مصالح واشنطن.
وفتحت الأزمة الأخيرة أبواب الجدل مرة أخرى على علاقة البيت الأبيض بحكام المملكة، وتحديدا ولي العهد محمد بن سلمان.
وكان بايدن قد زار السعودية في 15 يوليو/تموز 2022، رغم تعهداته سابقا بجعل ابن سلمان منبوذا، على وقع جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
لكنه أراد الحفاظ على الرياض بصفتها حليفا تاريخيا، في توقيت صعب، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة التضخم العالمية.
ومع القرار السعودي الأخير بخفض إنتاج النفط، دخلت العلاقات إلى بؤرة جديدة من التوتر، ولا سيما أن مشرعين أميركيين طالبوا بفرض عقوبات مباشرة على الرياض.
ومن هنا زاد الحضور الصيني وبدأت العلاقات تتوثق أكثر مع السعودية التي تشهد بالتزامن تباعدا كبيرا في العلاقات مع حليفتها التقليدية واشنطن.
وتبحث السعودية عن قوة عظمى دولية لتشكل لها بديلا عن الولايات المتحدة. في المقابل ترغب الصين في موطئ قدم وامتداد جيوسياسي لها في دول الخليج، والمنطقة العربية عموما، على حساب غريمتها الكبرى.
وهو ما لاحظته مجلة جون أفريك الفرنسية بالقول إنه "منذ عدة أشهر، أظهرت الصين ودول الخليج، بقيادة السعودية، رغبة متزايدة في تعزيز علاقاتها التجارية والدبلوماسية والإستراتيجية والعسكرية.
وكل ذلك في سياق التوترات بين الرياض وواشنطن الحليف التاريخي للمملكة ومنافسة بكين، بحسب ما قالت المجلة منتصف ديسمبر 2022.
وأردفت أنه "قبل كل شيء، يعد تنظيم هذا الحدث بمثابة إشارة قوية جرى إرسالها إلى الولايات المتحدة ورئيسها جو بايدن، الذي استمرت علاقاته مع ابن سلمان في التدهور منذ وصوله إلى البيت الأبيض".
وقال الباحث في معهد الشرق الأوسط بسنغافورة جان لوب سمعان: "في العمق هذا الاجتماع هو وسيلة لابن سلمان ليعلن للأميركيين أنه ليس معزولا، وأنه لا يحكم دولة منبوذة، كما وصفها بايدن خلال حملته".
وتابع: "يظهر ابن سلمان هنا أنه يتحدث ليس فقط مع القوة العالمية الثانية (الصين) ولكن أيضا مع آسيا".
وهنا لا تحضر أميركا فقط في مخيلة الصين، إذ إن إسرائيل تعد الفيل الموجود بالغرفة، فهي لم تغب عن هذه المواجهة منذ وصول بايدن إلى سدة الرئاسة، والذي حاول التأثير على العلاقات بين تل أبيب وبكين.
وفي هذا الجو من التوترات المتصاعدة، من السهل أن نفهم بعض الذعر بشأن إمكانية "سقوط إسرائيل في فلك الصين" أو أن ينتهي بها الأمر "في الجانب الخطأ" من حرب باردة جديدة.
طبيعة العلاقات
في عام 2013، قدم الرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين اقتراحا من أربع نقاط لتسوية القضية الفلسطينية خلال محادثاته مع الرئيس الفلسطيني الزائر محمود عباس.
أولا، يتمثل الاتجاه الصحيح في التعايش السلمي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بسيادة كاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها "القدس الشرقية". وفي الوقت نفسه، ينبغي احترام حق إسرائيل في الوجود ومخاوفها الأمنية المشروعة احترامًا كاملاً.
ثانيا، يجب النظر إلى التفاوض على أنه السبيل الوحيد للسلام بين فلسطين وإسرائيل، ومواصلة محادثات السلام وإظهار التفاهم المتبادل والتوافق، والالتقاء ببعضهما البعض في منتصف الطريق.
ثالثا، يجب التمسك بشدة بمبادئ مثل "الأرض مقابل السلام"، أي أن يمنح الفلسطينيون أرضهم للاحتلال مقابل العيش.
رابعا، يتعين على المجتمع الدولي أن يضمن إحراز تقدم في عملية السلام، وأن يكون لدى الأطراف المعنية إحساس أكبر بالمسؤولية والإلحاح، واتخاذ موقف موضوعي وعادل، وبذل جهود نشطة لتشجيع المحادثات وزيادة المساعدة لفلسطين.
وطورت الصين خلال العقد الماضي التعاون مع إسرائيل في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية خاصة بعد إصدارها عام 2010 إستراتيجية جديدة أطلقت عليها اسم "الخطة الخمسية الثانية عشر" التي ترافقت مع وصولها إلى ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.
وبعد عدة سنوات من العلاقات المتنامية بسرعة مع الصين منذ أوائل العقد الماضي، والتي دافع عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في السابق، استمر الجانبان عام 2021 في تقديم الكثير من الأدلة على تعزيز التعاون.
في سبتمبر/أيلول 2021، بدأت مجموعة Shanghai International Port Group في تشغيل ميناء حيفا، بينما افتتحت جامعة الأعمال الدولية والاقتصاد (UIBE) في بكين حرمًا جامعيًا قرب تل أبيب.
وفي 17 نوفمبر من العام نفسه، تحدث الرئيسان الصيني شي جين بينغ والإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عبر الهاتف حول الذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما وكيفية تطويرها بشكل أكبر.
وبالنسبة للولايات المتحدة التي تشعر بالذعر من هذه العلاقات، تكمن أحد جوانب الخطورة في أن التجارة الثنائية نمت من 50 مليون دولار عام 1992 إلى 15 مليار دولار عام 2021 (وفقًا لمكتب الإحصاء الإسرائيلي) أو حتى 22.8 مليار دولار (وفقًا للمكتب الصيني)، بحسب دراسة نشرتها مجلة mosaic اليهودية في سبتمبر 2022.
وخلال العقد الأخير، جذبت الصين إسرائيل لمشاريعها الإستراتيجية التي أنشئت بالأساس لمواجهة الأحادية القطبية عالميا، وأولها مبادرة الحزام والطريق التي يمر طريقها البري والبحري من تل أبيب.
وعام 2014، صدقت إسرائيل على المشروع الذي يشمل إنشاء سكة حديد للشحن تربط بين ميناء إيلات في البحر الأحمر بموانئ أسدود وحيفا على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
وقالت صحيفة معاريف العبرية في أغسطس/ آب 2018، إن التوسع الصيني يأتي ضمن خطة الرئيس بينغ المسماة طريق الحرير، وبموجبها فإن الصين تستثمر بمليارات الدولارات في مشاريع تجارية واقتصادية.
ومنها توسيع ميناءي حيفا وأسدود الإسرائيليين، وحفر أنفاق في جبال الكرمل بمدينة حيفا، وخط سكة القطارات الخفيفة في تل أبيب، وبناء مساكن وأبراج مدنية، ليس في إسرائيل فحسب، وإنما في جميع أرجاء الشرق الأوسط والعالم بأسره، وفق قولها.
وتبرز أهمية إسرائيل للصين كمنفذ للوصول إلى التكنولوجيا الغربية خصوصا في ظل اشتداد الحصار الأميركي على هذا الجانب في العلاقة مع بكين، وفق ما قالت مجموعة التفكير الإستراتيجي في مقال للكاتب وليد عبد الحي خلال نوفمبر 2019.
وأيضا تنبع الأهمية من الشراكات العديدة للشركات الإسرائيلية مع نظيرتها الأميركية بشكل خاص والأوروبية بشكل عام، وتولي الصين هذا الجانب قدراً كبيراً من الأهمية.
وتحدثت المجموعة عن تزايد الاكتشافات لمصادر الطاقة المحتملة عند شواطئ المتوسط، وهو أمر يوسع الخيارات الصينية للوصول إليها خصوصاً مع تزايد مؤشرات التقارب الاقتصادي بين إسرائيل واليونان وقبرص.
وأكدت أن الاهتمام الصيني يتزايد في ظل تزايد الانفتاح العربي على إسرائيل، إذ أضحت الممرات التجارية الجديدة بين الدول العربية و”تل أبيب” موضع عناية لبكين.
بداية التغير
في السنوات الأخيرة، صعدت الولايات المتحدة من الضغط على إسرائيل لمراقبة علاقتها التجارية مع الصين عن كثب، بسبب قلقها بشأن نفوذ منافستها الاستبدادية والوصول إلى صناعة التكنولوجيا العالية في الدولة اليهودية، وفق ما قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في 11 ديسمبر 2022.
وبينت أنه: "في يناير 2022، ورد أن إسرائيل أخطرت إدارة بايدن بأنها ستبقي البيت الأبيض على اطلاع بشأن الصفقات المهمة التي تعقدها مع الصين وهي مستعدة لإعادة النظر في مثل هذه الاتفاقات إذا أثارت الولايات المتحدة المعارضة".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أن واشنطن تريد من جميع حلفائها "زيادة الوعي بشأن مخاطر العلاقات مع الصين في مجالات التكنولوجيا".
منهم ديفيد شينكر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي قال إن "إسرائيل تأخرت في فهم التحدي".
على الرغم من أن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل كانت مرنة، كما قال، فإن "وجود مشكلة مع الصين سيلقي بظلاله على العلاقة إلى حد كبير".
بدورها قالت نقابة الأخبار اليهودية في مقال للكاتب إسرائيل كاسنيت، إنه تحت ضغط من واشنطن، يبدو أن إسرائيل تنسحب ببطء من علاقتها التجارية مع الصين، بينما تبني في الوقت نفسه علاقة مع الهند.
وفقاً لجوناثان شانزر النائب الأول لرئيس الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، فإنه على مدار العامين الماضيين كانت الولايات المتحدة تحث إسرائيل على الانفصال عن الصين، بحسب ما قال كاسنيت في أغسطس 2022.
وأشار سام ميلنر محلل السياسات في المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي (JINSA)، في الشهر ذاته إلى أن: “الولايات المتحدة أثارت مخاوف متزايدة بشأن دور الصين المتنامي في البنية التحتية الحيوية وقطاعات التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، بما في ذلك التهديدات للأمن الإسرائيلي والازدهار والتعاون الإستراتيجي مع واشنطن".
وهو دور استغلته الصين في بعض الأحيان لتعزيز قدراتها العسكرية والاستخباراتية والمراقبة الداخلية، وفق تقديره.
وأشار إلى أنه خلال زيارة المسؤولين السابقين، مستشار الأمن القومي السابق “جون بولتون” عام 2019، ووزير الخارجية “مايك بومبيو” عام 2020 إلى إسرائيل، حذرا بشكل صارم من أن دور الصين المتنامي في القطاعات الإستراتيجية “للاقتصاد الإسرائيلي ”يهدد بإلحاق الضرر بالعلاقات الأمنية بيننا”.
ويبدو أن إسرائيل بدأت تأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد في يوليو/تموز 2022 عندما قال ميلنر: “منحت مناقصة خصخصة لميناء حيفا المركزي – وهو منفصل عن محطة حيفا بايبورت الجديدة - إلى شركة هندية".
وأشار ميلنر أيضا إلى اجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت مع بايدن في واشنطن في سبتمبر 2021، والذي قال فيه الأول إنه "أصبح متفهماً بشكل أفضل لمخاوف الولايات المتحدة بشأن الصين”.
وأدى تأثير واشنطن إلى جانب اتفاقيات التطبيع الأخيرة التي أبرمتها إسرائيل مع دول عربية إلى ظهور مبادرة جديدة.
إذ أطلق قادة الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة منتدى للتعاون الاقتصادي، باسم “مجموعة I2U2“، لمكافحة النفوذ المتزايد للصين وإيران.
بدورها، حذرت الصين “إسرائيل” في أغسطس 2022 من الإضرار بالعلاقات مع بكين بسبب الضغوط الأميركية، حسبما أخبر مسؤولان كبيران في وزارة الخارجية موقع والا العبري.
وجرى تسليم الرسالة الصينية في ذات الشهر إلى “سفيرة إسرائيل” في بكين “إيريت بن آبا” من قِبَل “ليو جينشاو” – أحد كبار الدبلوماسيين في الصين، والذي يرأس قسم العلاقات الدولية في الحزب الشيوعي – وهو منصب وزير في الحكومة.
وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية: “هذه هي المرة الأولى التي تتلقى فيها إسرائيل مثل هذه الرسالة الحادة والمباشرة من الصين، بشأن مسألة العلاقات الثلاثية" التي تشمل الولايات المتحدة.
وكان اللقاء الذي جرى بين سفيرة إسرائيل و”ليو جينشاو” هو الأول بينهما منذ تولي الأخير منصبه في يونيو/حزيران 2022.
وقال “ليو” لسفيرة إسرائيل وفقًا لمسؤولين كبار في وزارة الخارجية: “إننا في نقطة اختبار حرجة للعلاقات”. وأردف: “نأمل ألا تنحاز إسرائيل إلى السياسة الأميركية تجاه الصين"
ما القادم؟
نشأت توترات بين بكين وتل أبيب في عام 2021 حول الموقف الصيني من القضية الفلسطينية. إذ كثف الصينيون تصريحاتهم ضد إسرائيل أكثر من ذي قبل في مؤسسات الأمم المتحدة خاصة في مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن.
وخلال زيارته إلى السعودية، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في تصريح نادر من نوعه: "لا يمكن استمرار الظلم التاريخي الذي يعاني منه الفلسطينيون ولا المساومة على الحقوق المشروعة"، مشيرا إلى ضرورة منح فلسطين "العضوية الكاملة في الأمم المتحدة".
كما التقى بينغ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واستعرضا سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يشمل زيادة التبادل الاقتصادي والتجاري والاستثمارات بين البلدين، خاصة بعد انضمام دولة فلسطين لمبادرة الحزام والطريق.
وأعرب عباس عن شكره لرؤية الرئيس الصيني لحل القضية الفلسطينية وتقديره لدعم الصين المتواصل، والمساعدات التنموية المقدمة للشعب الفلسطيني.
وأكد دعم فلسطين لسياسة الصين الواحدة، وإسنادها لمواجهة الضغوطات التي تتعرض لها في المحافل الدولية.
ولكن رغم هذه التطورات، ترى الباحثة في شؤون الصين والشرق الأوسط رزان شوامرة، أن هناك العديد من العوامل تجعل الصين لا تذهب بعيدًا في انتقاداتها لإسرائيل، حتى لصالح الفلسطينيين.
وتقول شوامرة لـ "الاستقلال": "إسرائيل من الدول المحورية للصين في مشاريعها الاقتصادية في القرن الحالي في الشرق الأوسط أولًا على صعيد المنافسة الدولية مع واشنطن".
فقد أصبحت إسرائيل عام 2015 عضوا مؤسسا للبنك الصيني (البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحية)، والذي يعد بديلا للبنك الدولي، على الرغم من المطالب والضغوطات الأميركية بعدم الانضمام.
وفي السياق نفسه، يعد الموقع الإستراتيجي لإسرائيل غاية في الأهمية لمشروع طريق الحرير الصيني، إذ وقعت اتفاقية لاستئجار ميناء حيفا لمدة 25 عاما، واستثمرت في ميناء على البحر الأحمر، والذي سيكون بحسب بعض الدراسات بديلا عن قناة السويس للصين في الشرق الأوسط.
وتضيف شوامرة: "لذلك، إسرائيل في بعض الحالات ترفض أن تتوقف عن الاستثمار بالشركات الصينية المحظورة أميركيا، كما حدث مع هواوي (الخاصة بالتكنولوجيا الإلكترونية) وكوماك (مؤسسة الطائرات التجارية الصينية المحدودة) وغيرهما".
وبالعودة إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تظهر العديد من المؤشرات بأن الصين تمارس سياسات على الأرض أكثر إرضاء لإسرائيل من الدعم الغربي خاصة الاتحاد الأوروبي، وفق قول شوامرة.
وجميع هذه السياسات مخالفة للقانون الدولي وتتناقض مع الخطاب الصيني الذي يطالب بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام67. فعلى سبيل المثال:
تستثمر الصين في مستوطنات الضفة الغربية، واستحوذت على شركة أهافا (لمستحضرات التجميل العاملة داخلة المستوطنات) على الرغم من الحملات الدولية لمقاطعتها، وذهبت لأبعد من ذلك.
إذ أنشأت طرق مواصلات تربط بين المستوطنات والمدن الفلسطينية المحتلة الرئيسية. بعبارة أخرى طبقت جزءًا من صفقة القرن الأميركية على الأرض، والتي كانت قدمت حلا مزعوما يضيع حقوق الفلسطينيين.
وتابعت شوامرة بالقول: "منذ إعلان تطبيع العلاقات بين الجانبين عام 1992 تتبنى الصين يهودية الدولة الإسرائيلية، وتعيد وتكرر هذا في كل خطاباتها الرسمية".
وأشارت الباحثة في الشؤون الصينية هنا إلى المساواة بين ردود أفعال المقاومة الفلسطينية وممارسات الاحتلال، إذ ترى الصين في خطاباتها أن ما تفعله الفصائل في غزة "أعمال عنف وعدوانية وإرهابا".
وبناء على كل ذلك، تعتقد شوامرة أن هناك "إرضاءً متبادلا من قبل الطرفين في القضايا الجوهرية لهما على الأقل في الفترة الحالية، وهذا يعني أنه وإن حدث خلاف أو انتقاد لن يصل لمستوى التأثير على تصاعد العلاقات بين الطرفين".
ويوثق ذلك ما قاله نتنياهو معلقا على العلاقات الصينية الإسرائيلية: إنه "زواج عقد في السماء،" وهذا يدل على أن إسرائيل تضفي نوعًا من القداسة على علاقاتها بالصين، وهذه المؤشرات جميها أطلقت عليها بروز "الصهيو-صينية"، بحسب تقديرها.
وشددت على أن "المعطيات الحالية لا تشير بأن العلاقات الثنائية المتصاعدة بين الجانبين ستتأثر سلبًا، والحياد الصيني في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منحاز وغير حقيقي، يضمن الحقوق لجميع الأطراف في الأوضاع الطبيعية".
المصادر
- No, Israel Isn't Falling Into China's Orbit
- مقال: المكانة الإسرائيلية في مشروع مبادرة الحزام والطريق الصينية… أ.د. وليد عبد الحي
- Xi makes proposal for Palestinian question
- انحراف “إسرائيل” عن الصين تجاه الهند يشير إلى تفهم المخاوف الأمريكية
- الصين توجه رسالة شديدة اللهجة ل “إسرائيل”
- US presses Israel for more vigilance on Chinese involvement in tech sector