حسن عبدالشافي.. لواء مصري أدار عبره السيسي الرقابة الإدارية ومشاريع الجيش

12

طباعة

مشاركة

جنرالات الظل الذين يأتون من قلب المؤسسة العسكرية، ويحكمون هيئات عليا وسيادية، يكون عزلهم كولايتهم بشكل صادم وفجائي. 

هذا ما حدث مع اللواء أركان حرب حسن عبد الشافي، الذي شغل منصب القائم بأعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية طوال سنتين، وجرى تنحيته أخيرا.

وفي 30 أغسطس/ آب 2022، أعلن السفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن رئيس النظام عبدالفتاح السيسي كلف اللواء عمرو عادل علي حسني، بالقيام بأعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية. 

في حين جرى تعيين اللواء حسن عبد الشافي مستشارا برئاسة الجمهورية. 

وحسب مراقبين، فهناك صفقة ضمنية بدأت في تسعينيات القرن العشرين، تمنح كبار الضباط مناصب عليا في المنظومة البيروقراطية قرب بلوغهم سن التقاعد، وتعطيهم كثيرا من الامتيازات لقاء ولائهم لرئيس الجمهورية.

تطورت الصفقة من زمن الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى زمن السيسي، وظهر جيل جديد من الجنرالات منهم حسن عبدالشافي، الذي تحدثت مصادر صحفية مصرية أنه مقرب من السيسي وولده مصطفى القيادي بهيئة الرقابة الإدارية. 

ممهدات الصعود

اللواء أركان حرب حسن عبد الشافي أحمد عبد الغني، ولد في عام 1963، والتحق بالكلية الفنية العسكرية، الدفعة رقم (23) وتخرج في يوليو/ تموز 1986، حاصلا على بكالوريوس الهندسة الإنشائية، وبكالوريوس العلوم العسكرية.

وبموجب ذلك أصبح استشاري هندسة إنشائية في تصميم هندسة الطرق، ليلتحق بعدها بسلاح المهندسين العسكريين في القوات المسلحة. 

ومن هنا تدرج في جميع الرتب والوظائف القيادية بوحدات إدارة المهندسين العسكريين والهيئة الهندسية للجيش، حتى حصل على رتبة لواء أركان حرب مهندس.

ومن أبرز الوظائف التي تولاها عبد الشافي خلال خدمته العسكرية، وظيفة رئيس الشعبة الهندسية للجيش الثاني الميداني.

ورئيس أركان إدارة المهندسين العسكريين، ثم مديرا لإدارة المهندسين العسكريين، إلى أن شغل وظيفة رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في 11 مارس/ آذار 2019.

وكان اللواء عبد الشافي من أبرز المشرفين على مشروعات الجيش التي اجتاحت القطاعات المدنية عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013. 

على رأسها الطرق والكباري، وكذلك مشروع العاصمة الإدارية الجديدة المثير للجدل، إضافة إلى القصور الرئاسية في المدن الجديدة. 

تأهيل مكثف

تأهل عبد الشافي ليصبح من قادة الجيش الكبار، بالحصول على دورات تخصصية كان من أبرزها، أركان حرب عام "بكلية القادة والأركان". 

والإعداد المبكر للقادة "أمن قومي بكلية الدفاع الوطني"، وضبط التسليح "بأكاديمية ناصر العسكرية"، وزمالة كلية الحرب العليا" من أكاديمية ناصر العسكرية العليا"، ودورة كبار القادة والعديد من الدورات الأخرى في المجالات التدريبية والأمنية.

بالإضافة إلى إلحاقه بالبعثات الخارجية للولايات المتحدة الأميركية للحصول على دورات "المهندسين العسكريين الأساسية في عام 1992"، وكذلك "المهندسين العسكريين المتقدمة في عام 1995". 

ومن الملاحظات في مسيرته أنه مع وقوع الانقلاب العسكري في مصر، وتحديدا يوم 30 يونيو/ حزيران 2013، وبينما كانت الأمور تتدهور وتندلع المظاهرات، كان عبد الشافي يكرم ويحصل على اليوبيل الفضي للهيئة الهندسية للقوات المسلحة. 

وفي عام 2016 منحه السيسي نوط "الخدمة الممتازة للقوات المسلحة". 

في 29 أغسطس/ آب 2020، أصدر السيسي قرارا بتولي عبدالشافي مهمة القيام بأعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية، خلفا للواء شريف سيف الدين.

وكان لافتا أن يجري تعيين عبدالشافي قائما بالأعمال، إذ كان آخر شخص تقلد منصب رئيس الهيئة رسميا، اللواء محمد عرفان عام 2015، وهو منصب محصن بالدستور المصري، من خلال المادة 216، التي تمنع عزل رؤساء الهيئات الرقابية ومنها هيئة الرقابة الإدارية.

وعد اللواء شريف سيف الدين الذي تولى رئاسة الهيئة من عام 2018 إلى 2020، هو أول قائم بالأعمال، وجاء بعده اللواء عبدالشافي الذي ظل أيضا في منصب القائم بالأعمال. 

وهو أمر أثار جدلا، خاصة وأنها المؤسسة التي يعمل بها مصطفى نجل السيسي، عضوا في المكتب الفني لرئيس الهيئة.

وقتها علق الصحفي هشام قاسم من خلال منشور له على موقع "فيسبوك" قائلا: لم يعين أحد رئيسا للرقابة الإدارية، فقد تم تكليف اللواء شريف سيف الدين قائما بأعمال رئيس الهيئة لمدة عام، وتم التجديد له لمدة عام آخر، ثم كلف رئيس الهيئة الحالي (اللواء حسن عبد الشافي) لمدة عام، وها هو يجدد له لمدة عام أيضا، وهو معروف أنه من المقربين للرئيس". 

وأضاف: "يعد هذا انحرافا بسلطات رئيس الجمهورية، والشيء الوحيد المؤكد هو أن مصطفى السيسي يعمل في هذا الجهاز ويعد أقوى رجل به، وهناك من يؤكد أن خلافا بينه وبين الرئيس الأخير (عرفان) كان السبب في الإطاحة بالرجل". 

 واستطرد: "المختصر المفيد أن السيسي يدير أهم جهازين للرقابة والأمن في الدولة، من خلال محمود في المخابرات العامة، ومصطفى ابنه أيضا في منصبه هذا، على الرغم من أن ولاء الجهازين لرئيس الجمهورية ليس محل جدل ولم يحدث في تاريخهم  أي تجاوزات في حق الرئيس".

وتساءل قاسم: "هل يستطيع فرد حتى لو كان كليما لله أو له غير ذلك من ملكات، إدارة دولة منفردا؟ خاصة وأن عدد معاونيه محدود، ومؤهلاتهم جميعا هي الولاء قبل الكفاءة، أو هكذا نستنتج من سيرهم الذاتية".

واختتم بالقول: "نحن أمام مخاطرة سياسية شديدة، قد نفهم الدافع الأساسي لها، ولكن لن تتضح الصورة تماما إلا بعد نهاية حكم السيسي كما جرى العرف منذ بداية الحكم العسكري".

جهاز هام

لمعرفة مدى أهمية جهاز الرقابة الإدارية، الذي أوكل السيسي به عبد الشافي، وجنرالات سابقين، فإنه تأسس في عهد الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، بموجب قرار رقم 54 لعام 1964 بإنشاء "هيئة الرقابة الإدارية"، كجهاز رقابي مستقل تابع لرئاسة الوزراء لمحاربة الفساد داخل الجهاز الحكومي في الدولة.

كان الجهاز تابعا في الظاهر لرئاسة الوزراء ولغرض محاربة الفساد، لكنه في الحقيقة يصل يد عبد الناصر القوية داخل الجهاز الحكومي المدني. 

وذلك لتحجيم نفوذ وقوة عبد الحكيم عامر (قائد الجيش) وشمس بدران (وزير الحربية). 

على نفس النسق مضى السيسي، إذ سعى من خلال الجهاز إلى خلق توازنات بين المؤسسات الأمنية والرقابية، تحديدا جهاز المخابرات العامة، الذي دخل معه السيسي في مجموعة صراعات في الفترة المتقدمة من حكمه. 

ومع تولي اللواء حسن عبد الشافي رئاسة الجهاز كان دوره في كشف بعض قضايا الفساد، أشهرها ما حدث في فبراير/ شباط 2022، في قضية رشوة وزارة الصحة. 

حيث تورط الزوج السابق للوزيرة هالة زايد في فضيحة رشوة، بالإضافة إلى بعض العاملين في مكتبها. 

ورغم عدم اتهامها لكن ضابط الرقابة الإدارية أشار أنها أصدرت تعليمات أن تعامل أسرتها وتحديدا نجلها معاملة خاصة، وأن تنفذ طلباتهم دون الرجوع إليها. 

وكذلك قبضت الرقابة على عميد معهد للدراسات العليا، ومدير عام المشتريات بإحدى الجامعات، لتلقيهم مبالغ مالية على سبيل الرشوة. 

وتمكنت من ضبط سكرتير عام محافظة القاهرة السابق، لقيامه باستغلال وظيفته والتربح من المحافظة بمبلغ 76 مليون جنيه. 

وقامت بالقبض على رئيس جامعة دمنهور وآخرين، بتهمة تقاضي مبالغ مالية على سبيل الرشوة، بلغت قيمتها 4 ملايين جنيه. 

وكذلك القبض على مدير الإدارة الهندسية بمديرية الصحة بالبحيرة وآخرين، بتهمة تقاضي مبالغ مالية على سبيل الرشوة، بلغت مليوني جنيه من بعض الموردين المتعاملين مع المديرية.

وقتها أشاد الإعلام المصري والصحف بنشاط عبد الشافي الواضح، وبدور هيئة الرقابة، لكن الملاحظ أن كل القضايا التي اهتم بها خلال فترة إدارته كانت متعلقة بأشخاص داخل المؤسسات المدنية.

ولم يحاسب أي جهة تابعة للجيش أو الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، رغم أعمالهم الكثيرة التي دارت حولها شبهات فساد.

ورغم أن المقاول محمد علي كشف وقائع فساد بعينها بحق تلك المؤسسات في سنوات سابقة. 

وعلى غرار من سبقوه جاء دور عبد الشافي في الرحيل عن رئاسة الهيئة بعد عامين فقط.