أمير غالب.. مهاجر يمني أوصل ترامب للرئاسة فكافأه بسفارة الكويت

"يمني مسلم، محارب الشذوذ، ديمقراطي سابق"، أوصاف تطلق على السياسي الأميركي من أصول عربية أمير غالب، الذي لفت الأنظار منذ توليه رئاسة بلدية في ولاية ميشيغان الأميركية، ثم دعمه للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في فوزه بولاية رئاسية ثانية في 2024.

وفي الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلن عمدة "هامتراميك" المدينة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في ولاية ميشيغان، تأييده للجمهوري ترامب، ووصف اختياره رئيسا بأنه "الأصح والأنسب في هذا الوقت الحرج".

سفير للكويت

وعلى ضوء هذا الدعم، أعلن ترامب في 8 مارس 2025، تعيين عمدة مدينة هامتراميك، اليمني الأصل، أمير غالب سفيرا جديدا للولايات المتحدة لدى الكويت.

وقال ترامب على منصته "تروث سوشيال": إن غالب "كان له دور كبير في فوزنا التاريخي بولاية ميشيغان".

وأشار في قراره إلى المسار الأكاديمي للرجل في الجامعات الأميركية وخدمته العامة في الرعاية الصحية بولايته، مضيفا أنه على يقين أن غالب "سيجلب الفخر للولايات المتحدة من خلال منصبه الجديد كسفير لدى دولة الكويت" وفق تعبيره.

وغالب أول يمني أميركي وعربي يصل إلى مثل هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

وبعد اختياره، بعث أمير غالب رسالة شكر إلى ترامب، لمنحه ثقته وتعيينه سفيرا لدى دولة الكويت، التي وصفها بـ"العزيزة على قلبه"، مضيفا: "‎أتطلع إلى تمثيل وخدمة بلدنا العظيم الولايات المتحدة وتقوية العلاقات بين البلدين الصديقين".

وعن اختياره للكويت، أوضح غالب أنها “‎كانت من بين ثلاثة خيارات عرضت علي؛ منصب استشاري للرئيس في البيت الأبيض، أو نائب وزير الخارجية، أو سفيرا للبلد الذي أختار”.

وأردف: "وقع اختياري على الخيار الثالث بعد تفكير عميق ودراسة مستفيضة لكل الخيارات، واخترت الكويت من بين دول عدة كانت متاحة".

‎وتابع: "شكر خاص لسكان مدينتي الجميلة ولمجتمعنا الحيوي والمتنوع، على دعمهم اللا محدود لي منذ بداية المشوار. سأظل تحت خدمتكم في كل زمان ومن أي مكان".

‎وأردف غالب قائلا: "لقد عملت في خدمة المجتمع ما يقارب العشر سنوات في المجال الطبي بعدما قضيت 12 عاما من الدراسة في هذا المجال، لكن شغف العمل السياسي والمجتمعي الذي يجري في دمي منذ زمن بعيد، أعادني وشدني للترشح لعمدة المدينة".

وأشار إلى أنه "وبعد ثلاث سنوات من الخدمة والنجاح، أنتقل اليوم إلى محطة أخرى في رحلة الكفاح، متسلحا بالنزاهة والإخلاص في العمل، والقيم والمبادئ السامية، وحب الناس ودعمهم المستمر. سأظل وفيا لهذا المجتمع حتى وإن رحلت بعيدا عنه لفترة من الزمن".

وبحسب صفحة "المؤسسة الإعلامية يمانيون في أميركا" على "فيسبوك" التي نشرت رسالة أمير غالب في 8 مارس، فإن اختيار ترامب للأخير لأن يكون سفيرا في الكويت، هو ردّ لجميل الأول في دعمه خلال الانتخابات الرئاسية.

محارب للشذوذ

أمير غالب حيدرة، من مواليد منطقة العود في محافظة إب اليمنية عام 1980، هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية بداية عام 1998، بعد إكماله المرحلة الثانوية، ودرس في ولاية ميشيغان وحصل على بكالوريوس العلوم الطبية من جامعة "وين ستيت" عام 2005. 

بعدها حصل غالب على درجة الدكتوراه في الطب من جامعة "راس" الأميركية، ليعمل في مجال التدريس بالجامعات، إضافة إلى خدمته في مجال الرعاية الصحية، قبل أن يستقر في إحدى العيادات الطبية في "مجموعة هامترامك الطبية" كطبيب تخصص باطنية.

كسب غالب ثقة مجتمعه بفضل عمله الجاد والتزامه المهني، واندمج في المجتمع الأميركي ليشق طريقه حتى أصبح شخصية سياسية بارزة في سن الأربعين من عمره، بانتمائه سابقا إلى الحزب الديمقراطي، الذي يوافق توجهات أغلب سكان ولاية ميشيغان الأميركية.

وفي أواخر 2021، أصبح أمير غالب عمدة هامترامك، وهو أول عربي مسلم يتولى المنصب في المدينة التابعة لولاية ميشيغان الأميركية، بعدما حقق نصرا تاريخيا عندما هزم كارين ماغوسكي في الانتخابات.

ورغم أن غالب سياسي ديمقراطي، فقد أبدى رفضه للسياسة التي انتهجها الحزب في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن في دعم الشذوذ، والذي وصل إلى توقيع قرار زواجهم عام 2022، ثم أعلن أن حفيدته تنتمي إلى هذا المجتمع أيضا.

وقال غالب خلال مقابلة تلفزيونية في يوليو 2024، إنه رفض نشر كتب “المثليين” في المدارس، ورفع أعلامهم في شوارع المدينة في قرار تاريخي، مؤكدا تعرضه إلى ضغوط كبيرة بسبب هذا الأمر.

وأكد غالب أننا "نتمسك بقيمنا وفخورون بها، ومدينتنا كانت حديث الإعلام في هذا الجانب، فنحن المدينة الوحيدة التي ترفض نشر الكتب غير الأخلاقية في المدارس".  

وينتقد غالب ما يصفها بسياسات الديمقراطيين؛ لأن "الأمر وصل إلى حد رفع دعاوى قضائية ضده بسبب عدم تخليه عن بعض القيم الدينية والأخلاقية"، في إشارة إلى موضوع الشواذ.

نقطة تحوّل

كان غالب يعد لفترة طويلة واحدا من أصوات المجتمع العربي الديمقراطي في الولايات المتحدة، لكن تحوله المفاجئ لدعم ترامب نهاية عام 2024 أثار دهشة كبيرة بين مؤيديه ومعارضيه على حد سواء.

واستطاع أن يحول ولاية ميشيغان الديمقراطية إلى أخرى جمهورية ويفوز بها ترامب لأول مرة.

إذ شارك بقوة في الحملة الانتخابية للأخير، خلال الانتخابات الأميركية الأخيرة 2024، وتمكن مع آخرين من حشد المسلمين في أميركا للتصويت لصالح المرشح الجمهوري.

"السياسة الخارجية والوضع في غزة هي أحد الأسباب" التي دفعته لتأييد ترامب، "ولكن أيضا الوضع الداخلي والسياسة المحلية سبب آخر"، يقول غالب في مقابلة مع موقع قناة "الحرة" الأميركية في 24 سبتمبر/أيلول 2024.

وأوضح أن دعمه لترامب جاء نتيجة للإحباط الذي شعر به من سياسة إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وأضاف: "في وقت كنا فيه مستائين من سياسة بايدن، زارني أعضاء من حملة ترامب في مكتبي عدة مرات، وأرسلوا لي دعوة رسمية للقائه شخصيا".

غالب أشار إلى أن لقاءه مع الرئيس الحالي، كان نقطة تحول في موقفه السياسي؛ إذ تضمن الحديث عن "قضايا كثيرة، خاصة المتعلقة بالشرق الأوسط، وترامب تلقى رسالتي بشكل إيجابي".

هذا التفاعل الشخصي مع الرئيس الحالي الذي طالما وعد بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط وإيقاف الحروب، كان له تأثير كبير على غالب الذي يؤكد أن "ترامب أبدى اهتماما كبيرا بمخاوفنا، ووعد بأخذها على محمل الجد".

وفي فيديو نشره على صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي عام 2024، كشف غالب عن تفاصيل لقائه مع ترامب، وقال: "ذهبت إلى الرئيس السابق (وقتها) والتقيته وطرحت عليه مشاكلنا وتخوفاتنا".

وأضاف غالب: "ترامب أظهر تفهما كبيرا وطلب مني الصعود إلى المنصة والتحدث بجواره" في أحد تجمعاته الانتخابية.

وعلى الرغم من دعوة ترامب المفاجئة، قرر غالب التريث في الصعود إلى المنصة، خشية أن يسبب ذلك إحراجا للحملة.

وتابع: "كان الحارس مترددا، قال: إن هذا الشخص جدلي. لكن ترامب قال له: لا يهمني، دعوه يصعد". ورغم إصرار الرئيس الحالي، فضل غالب تأجيل الأمر "لمناسبة أخرى".

لم يخف غالب انفتاحه على الحزب الجمهوري، رغم أن مدينته ذات الأغلبية العربية والمسلمة كانت تقليديا معقلا للديمقراطيين.

وأكد غالب أن: "القطيعة بيننا وبين الحزب الجمهوري كانت طويلة، لكننا الآن نفتح قنوات تواصل جديدة وعلينا بناء الثقة".

وأضاف: “في الماضي، قيل لنا إن هؤلاء الناس (الجمهوريين) يكرهوننا، لكنني وجدت منهم رغبة في بناء علاقة إيجابية”.

وأشار إلى أنه "قد لا نتفق أنا والرئيس ترامب على كل شيء، لكنني أعلم أنه رجل مبادئ وأنه قد يكون الخيار الأفضل في هذا الوقت الحرج الذي يمر به العالم". 

ورغم دعمه لترامب، لا يخفي غالب اختلافه معه في بعض القضايا، خاصة في ملف الهجرة.

إذ موقف ترامب السابق من تقييد الهجرة الشرعية ومنع وصول مواطني بلدان عربية وإسلامية إلى الولايات المتحدة كان مثيرا للجدل. 

واليمن، بلد غالب الأصلي، كان واحدا من البلدان التي تأثرت بقرار حظر السفر الذي فرضه ترامب خلال فترته الأولى. 

يقول غالب: "أتمنى أن يفهم ترامب أن اليمنيين في الولايات المتحدة هم جزء من المجتمع، ويعملون بجد".

وبشأن ما يحدث في اليمن، شدد غالب على أن الأزمة تحتاج إلى حل سياسي، وأن الولايات المتحدة يجب أن تساعد اليمنيين في تشكيل حكومة شرعية منتخبة، مؤكدا أن "اليمنيين ضحايا للصراع الذي تديره القوى الأجنبية"، ونأمل أن "يسهم ترامب في إيجاد حل لهذا الصراع".