ألغام سياسية.. كيف تؤثر رئاسيات تايوان على التنافس الصيني الأميركي؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

من المقرر أن تشهد تايوان انتخابات رئاسية، في 13 يناير/ كانون الثاني 2024، الأمر الذي تولي له كل من الولايات المتحدة والصين أهمية كبيرة.

ويتنافس في هذه الانتخابات ثلاثة مرشحين، هم "لاي تشينغ تي" من الحزب الديمقراطي التقدمي، و"هو يو-يه" من حزب الكومينتانغ، و"كو وين جي" من حزب الشعب التايواني.

رياح عاصفة

وأكد "منتدى شرق آسيا" أن كلا من الولايات المتحدة والصين ستراقبان نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وقال المنتدى: "بالنسبة للصين، فإن انتصارا آخر للحزب الديمقراطي التقدمي الذي تتزعمه رئيسة تايوان، تساي إنج وين، قد ينذر بأعمال عدائية طويلة الأمد بين البلدين".

وأوضح أن "التأثير الأكبر لهذه الانتخابات سيكون داخل تايوان نفسها، حيث فتح سباق الرئاسة مسائل الهوية الوطنية، وسياسة الطاقة، والاقتصاد".

وذكر أنه "مع احتدام استطلاعات الرأي في الأشهر الأخيرة، أصبح لدى كل مرشح فرصة حقيقية للفوز".

وأشار المنتدى إلى أن "لاي" هو النائب الحالي لرئسية تايوان، والعمدة السابق لمدينة "تاينان"، عن الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، صاحب العلاقات المتوترة مع الصين.

وقال إن "لاي" يعكس إلى حد كبير المواقف السياسية لرئيسة تايوان، ومع وجود خصمين يتنازعان على الأصوات المعارضة من بعضهما البعض، فإن "لاي" لديه أفضل فرصة للفوز.

واستدرك: "ومع ذلك، تقلصت احتمالات فوز لاي منذ الأشهر الأخيرة لعام 2023، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن السباق بات متقاربا، بحيث يتقدم فيه لاي بما لا يزيد عن خمس نقاط فقط".

وأردف أنه "مقارنة بهوامشه الانتخابية الكبيرة في منتصف العام 2023، تشير الاستطلاعات الأخيرة إلى أن استمرار الحزب الديمقراطي التقدمي في كرسي الرئاسة -المستمر فيه بالفعل منذ 8 سنوات- لن يكون سهلا".  

وتابع: "بعيدا عن نتائج استطلاعات الرأي السيئة، فإن لاي يواجه بشكل عام رياحا عكسية عاصفة".

وأوضح أن "تايوان تخرج لتوّها من ركود اقتصادي، وتبلغ نسبة تأييد حزب لاي 27 بالمئة، كما أن المعارضة تلتقط تعليقاته القديمة المؤيدة للاستقلال (عن الصين)، في محاولة لتصويره على أنه متطرف".

لكن أشار منتدى شرق آسيا إلى أنه "رغم هذه التحديات، لا يزال لاي هو المرشح الأوفر حظا بشكل أو بآخر، وهذا بفضل تشتت المعارضة".

نهج براغماتي

في المقابل، يحصل المرشح الرئاسي لحزب الكومينتانغ، هو يو-يه، في المتوسط على نحو 30 بالمئة في أغلب استطلاعات الرأي، ما يضعه في المركز الثاني".

وأضاف المنتدى أن "هو" قد أكد على نهج براغماتي مناصر لقطاع الأعمال في حملته الانتخابية.

وقال "هو" إنه قادر على تعزيز الاتصالات مع الصين.

ويرى المنتدى أن فشل "هو" في التفوق على "لاي" يرجع إلى "حزب الشعب التايواني" حديث التأسيس، الذي يرأسه المرشح الرئاسي كو وين جي.

وأفاد بأن "كو" أسس حزب الشعب عام 2019، وحدد بمفرده برنامج الحزب، الذي يشبه حزب الكومينتانغ، في تركيزه على النمو الاقتصادي وتحسين العلاقات مع بكين.

وتابع: "يتفق حزبا الكومينتانغ والشعب على سياسة الطاقة أيضا، حيث يرغب كل من حزبي المعارضة في إعادة فتح محطات الطاقة النووية التي أوقف تشغيلها، وذلك من أجل الاستدامة البيئية ولأسباب تتعلق بالأمن القومي".

وأضاف أن "حزب الشعب التايواني" قادر على استقطاب ناخبين من الكومينتانغ، لا من ناخبي "الديمقراطي التقدمي"، لكنه ميز نفسه عن باقي الأحزاب عبر غموضه بشأن القضايا الرئيسة.

وأفاد المنتدى بأن "كو" كان غامضا بشأن مسألة الصين، إذ يقول إن "جانبي مضيق (تايوان) يمثلان عائلة واحدة"، لكنه يتجنب -بشكل إستراتيجي- الرد على إصرار بكين على أن تايوان جزء من البر الرئيس.

وأردف أنه "مع إظهار بعض استطلاعات الرأي زيادة شعبيته، فإن مراوغة (كو) ربما تساعده في تجنب الألغام السياسية، وقد تجعله مقبولا في نظر مجموعة أكبر من الناخبين".

تطورات مؤثرة

وأشار المنتدى إلى "حدوث تطور في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، يحتمل أن يغير شكل السباق، وهو انسحاب الرئيس السابق لشركة فوكسكون، تيري جو، من السباق".

وكان الملياردير قد ترشح كمستقل، وله مواقف سياسية أقرب إلى حزبي الكومينتانغ والشعب التايواني، من الحزب الديمقراطي التقدمي.

ويرجح المنتدى أن تذهب الأصوات الداعمة لـ"جو" -حتى لو بلغت 10 بالمئة فقط بحد أقصى- إلى كل من "هو" و"كو"، مما يزيد من تعقيد محاولة الحزب الديمقراطي التقدمي للاحتفاظ بالرئاسة.

وأوضح أنه "في نفس الوقت الذي خرج فيه جو من السباق، أعلن المرشحون الآخرون عن أعضاء من فريقهم الرئاسي".

وأكد أن اختيار "لاي" لممثلة تايوان السابقة لدى الولايات المتحدة، هسياو بي خيم، يمنح الحزب الديمقراطي التقدمي قدرا أكبر من المصداقية فيما يتصل بالشؤون الخارجية، وقد يؤدي إلى تعزيز نسبة الإقبال على التصويت بين الشباب.

ومن جانب حزب الكومينتانغ، اختير "جو شاو كانغ"، وهو شخصية إعلامية وعضو سابق في المجلس التشريعي ليكون في الفريق الرئاسي.

ووفق المنتدى، فإن "جو" يمثل الفصيل القريب من البر الرئيس داخل حزب الكومينتانغ، إذ إنه داعم متشدد للوحدة بين الصين وتايوان، وينظر بريبة إلى العلاقات بين تايبيه وواشنطن.

أما "كو" المترشح عن حزب الشعب التايواني، فستشاركه "سينثيا وو" في فريقه الرئاسي، وهي برلمانية وابنة الملياردير التايواني "يوجين وو".

وأفاد منتدى شرق آسيا بأن "يوجين" لم تخدم في المجلس التشريعي إلا منذ نوفمبر 2022، لذا فإن افتقارها للخبرة السياسية سيكون أمرا يجب مراقبته مع استمرار الحملة الانتخابية.

بكين وواشنطن

وأوضح المنتدى أن "لكل من الصين والولايات المتحدة مصلحة في هذا السباق الانتخابي".

وقال إن "الصين تريد إبقاء تايوان قريبة من مدارها، ومن المرجح أن ترى في هزيمة الحزب الديمقراطي التقدمي أفضل فرصة لكبح جماح تايوان".

واستدرك: "لكن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، يواجه حقيقة صارخة بغض النظر عن الحزب الذي سيفوز".

وتتمثل هذه الحقيقة -حسب المنتدى- في أن "الدعم التايواني للتوحد مع الصين يظل منخفضا، في حين أن احتضان الجزيرة للهوية التايوانية المستقلة بات أعلى من أي وقت مضى".

أما في الولايات المتحدة، أبدى المسؤولون الحكوميون تحفظات بشأن جميع المرشحين الرئيسين.

فحتى منتصف عام 2023، كان "كو" (بالنسبة للأميركيين) لاعبا غير معروف، وكان يُنظر إلى "لاي" على أنه ربما يغير الوضع الراهن (الذي تريد واشنطن الحفاظ عليه).

ويرجع ذلك إلى أن "لاي" أخبر مؤيديه، في يوليو/تموز 2023، أن هدفه السياسي هو إجراء زيارة رسمية كرئيس تايواني إلى البيت الأبيض.

وأوضح المنتدى أنه رغم أن التساؤلات بشأن "كو" لا تزال قائمة، فإن طباع "لاي" وضبط النفس الذي أظهره خلال رحلته لواشنطن في منتصف أغسطس/آب 2023، كانا سببا في تهدئة بعض المخاوف المبدئية، على الأقل لدى خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة.

وأضاف أن "تبنيه للسياسة الخارجية للرئيسة الحالية (تساي) قد زاد رضا المسؤولين الأميركيين بشأن احتمال وصول "لاي" إلى منصب الرئيس".

ومن ناحية أخرى، يثير "هو" القلق بسبب العداء العام الذي يكنه حزبه تجاه واشنطن، وفق "منتدى شرق آسيا".

وختم بالإشارة إلى أنه رغم أن رحلة "هو"، في سبتمبر/أيلول 2023، إلى الولايات المتحدة لاقت استحسانا كبيرا، فإن فوز الكومينتانغ في الانتخابات من شأنه -بلا أدنى شك- أن يثير مخاوف واشنطن بشأن إقامة علاقات أوثق بين تايبيه وبكين.