عودة شركات الطيران إلى أجواء سوريا.. هل يزيل آثار العقوبات على نظام الأسد؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

يفتش نظام الأسد عن مزايا اقتصادية جديدة للاستفادة من شركات الطيران الأجنبية، لا سيما عقب قرار إعادة الأجواء السورية إلى خارطة العبور من قبل المنظمة العربية للطيران المدني التابعة للجامعة العربية.

وعادت سوريا إلى مقعدها في اجتماعات الدورة 28 للجمعية العمومية للمنظمة العربية للطيران المدني خلال اجتماع في العاصمة المغربية الرباط في الخامس من يوليو/تموز 2024.

تنشيط الطيران

فمنذ 12 عاما عقب طرد النظام السوري من شغل مقعد سوريا في الجامعة العربية عقب قمع الثورة، تضرر قطاع الطيران السوري نتيجة غياب حركة المرور ضمن الأجواء السورية، فضلا عن العقوبات الغربية على قطاع الطيران الحكومي المستمر.

لقد بدأ نظام الأسد عقب إعادة منح مقعد سوريا في الجامعة العربية في مايو 2023، البحث عن تأهيل قطاع الطيران لديه وإن كان في المرحلة الأولى على مستوى زيادة الرحلات الجوية المدنية من وإلى مطاراته.

وأشار مدير عام الطيران المدني السوري، باسم منصور، خلال اجتماع الرباط، إلى أن "الاجتماعات ناقشت عودة شركات الطيران لاستخدام الأجواء السورية لأغراض العبور والهبوط في المطارات السورية".

وقال منصور لوكالة "سبوتنيك الروسية، "بالمقابل على سوريا أن تقدم كل التعاون والتسهيلات لشركات الطيران العربية الراغبة بالعودة إلى الأجواء السورية، سواء بالعبور أم الهبوط والعمل على ترجمة التوصيات والمقررات على أرض الواقع بما يخدم التطلعات العربية التي تخدم عمل منظمة الطيران المدني العربية".

وحول الدول التي عادت لتسيير رحلاتها من وإلى سوريا، أوضح منصور أنه "ثمة رحلات مع العديد من الدول العربية، منها السعودية والبحرين والعراق والإمارات ولبنان ومصر والأردن والسودان، كما تم تسيير رحلات الطيران المدني بين دمشق والعاصمة اليونانية أثينا، كما تصل بعض الرحلات الجوية من سوريا إلى مدينة كوانزو الصينية، إضافة إلى روسيا وإيران، بطبيعة الحال".

ويضم الأسطول الجوي المدني السوري 4 طائرات لشركة "أجنحة الشام" الخاصة، و5 طائرات للمشغل الحكومي "السورية للطيران".

وما تزال العقوبات الغربية والأميركية المفروضة على مؤسسة الطيران المدني السوري تعيق إصلاح التجهيزات الملاحية وتأمين اللوازم واللوجستيات المرتبطة.

وبما أن مؤسسة الطيران المدني السوري ما تزال تحت قبضة العقوبات، فإن هذا القطاع يعتمد على الناقل الخاص وعلى السماح للطائرات الأجنبية بالمرور فوق الأجواء السورية لا سيما العربية منها.

إذ يحاول النظام السوري عبر تكثيف حركة المرور عبر الأجواء السورية، تحصيل عقود من شركات خاصة لتشغيل طيرانها في سوريا بظل نقص الطائرات وقطع الغيار.

عودة محدودة

فالسعودية التي طبعت علاقاتها مع النظام السوري في مارس/أذار 2023 استغلت انطلاق موسم الحج لعام 2024 وأعادت السماح بوصول الطيران السوري إلى أراضيها بعد 12 عاما من المنع.

وانطلقت أولى رحلات الحج، في 28 مايو/أيار 2024 من مطار دمشق الدولي إلى السعودية.

وفي أبريل/نيسان 2024 سلمت الرياض دمشق 77 بالمئة من الحصة السنوية لسوريا من الحجاج، أي 17 ألف حاج وذلك للمرة الأولى منذ 12 عاما بعدما كان ملف الحج بيد المعارضة السورية حيث منحت الرياض المعارضة حصة أربعة آلاف حاج فقط.

عقب ذلك، وافقت السعودية على طلب مقدم من سوريا على إعادة تشغيل الرحلات بين البلدين عبر شركتي "الطيران السورية" و"أجنحة الشام" الخاصة.

أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية شركة أجنحة الشام على قائمة العقوبات الأميركية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2016 بسبب تقديم الدعم المالي والتكنولوجي والخدمي للحكومة السورية والخطوط الجوية العربية السورية.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، تعاونت أجنحة الشام مع مسؤولين في الحكومة السورية لنقل مسلحين إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام السوري، وساعدت الاستخبارات العسكرية السورية التي تم تصنيفها سابقا في نقل الأسلحة والمعدات للنظام السوري.

وأضافت وزارة الخزانة الأميركية أن رحلة أجنحة الشام من دمشق إلى دبي كانت إحدى الطرق الرئيسة التي استخدمتها منظمة SMI لغسل الأموال في جميع أنحاء المنطقة.

كذلك بعد انقطاع دام أكثر من عشر سنوات، هبطت الرحلة الأولى للخطوط الجوية الجزائرية في مطار اللاذقية الدولي، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2023 إيذانا باستئناف حركة النقل الجوي بين سوريا والجزائر للسماح لأفراد الجالية المقيمة في كلا البلدين بالسفر بشكل مباشر.

وحينها أشار مدير عام الخطوط الجوية الجزائرية، ياسين بن سليمان، إلى أن "الخط الجوي بين البلدين سيسهم في دعم العلاقات بين الدولتين وسيسهم في تنقل السوريين بين البلدين بسهولة، والعبور عبر مطار الجزائر نحو دول الخارج عبر 49 وجهة تشغلها شركة الطيران الجزائرية في مختلف دول العالم، منها 10 إفريقية، بالإضافة إلى أوروبا وأميركا الشمالية".

وسبق ذلك نزول في 31 مايو/آيار 2023 أول طائرة قادمة من إحدى دول قارة أميركا الجنوبية في مطار دمشق الدولي بعد 12 عاما من توقفها، قادمة من العاصمة الفنزويلية كاركاس، حيث شكلت هذه الرحلة خرقا للعقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.

وسيكون التشغيل بين البلدين بمعدل رحلة كل خمسة عشر يوما حسب المواعيد التي تقررها شركة الخطوط الوطنية الفنزويلية.

وقد حرص نظام الأسد على تدوير خط الطيران المباشر بين سوريا وفنزويلا، بهدف الاستفادة من الجالية السورية الكبيرة المتواجدة في فنزويلا والتي كانت تضطر سابقا لاستخدام عدة مطارات للوصول إلى سوريا.

وبظل تلك المعطيات، يبدو واضحا سعي مؤسسة الطيران المدني السوري لتوسيع اتفاقيات النقل الجوي للربط بين المطارات، ما يسهم بتدفق حركة النقل الجوي والبضائع والركاب.

وفي يونيو/حزيران 2024 تحدثت وسائل إعلام موالية عن منح النظام السوري، شركة طيران خاصة الترخيص لمباشرة عملها خلال الفترة المقبلة.

إلا أن هذه الخطوة سبق أن حذرت منها المعارضة السورية، حيث قال منسق فريق متابعة قانون قيصر في الائتلاف السوري المعارض عبد المجيد بركات إن قيام النظام السوري بتأسيس شركات طيران خاصة جديدة في سوريا، رغم الخسائر الفادحة التي تتكبدها شركات الطيران حول العالم، يهدف للتهرب من عقوبات قانون قيصر.

وقال بركات في بيان صدر في سبتمبر /أيلول 2020 إن الهيئة حذرت في جميع لقاءاتها مع المسؤولين الأميركيين من قدرة نظام الأسد على التحايل على العقوبات عبر الاعتماد على اقتصاد مواز عبر عملاء عرب وأجانب.

وأقرت الولايات المتحدة في 2020 قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سوريا، والذي يفرض عقوبات على النظام وأي دول تتعاون معه في غالبية القطاعات،

وأضاف بركات أن نظام الأسد يحاول من خلال علاقاته الاقتصادية إنشاء شركات جديدة تكون بديلا عن قطاع الطيران لديه الموجود على قائمة العقوبات الأميركية.

إعادة تأهيل

إن النظام السوري الذي يسعى إلى إعادة تأهيل نفسه على الساحة العربية والعالمية بعد سنوات من العزلة، يتطلع مستقبلا للحصول على اتفاق على تجديد أسطول الطيران لديه الذي تضرر بسبب العقوبات، وهذا إن حدث يعد بمثابة "انتصار دبلوماسي جديد لاقتصاده"، وفق الخبراء.

وحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية، فإن الأضرار التي لحقت بالتجهيزات الملاحية جراء الضربات الإسرائيلية على مطارات سوريا تجاوزت الـ70 مليون دولار، وقد تم إصلاح بعضها بجهود محلية.

ومنذ سنوات تشن إسرائيل هجمات على مطاري دمشق وحلب الدوليين، بهدف منع استخدام هذين المطارين لأغراض عسكرية تصب في صالح إيران ومليشياتها.

إذ برز منذ فبراير/شباط 2022 اتجاه تل أبيب إلى تكثيف قصفها على مواقع باتت تشكل مستودعات كبرى لتخزين الأسلحة الإيرانية القادمة إلى سوريا عبر مطار دمشق الدولي، الذي تدير طهران قسما فيه ولها مدرج خاص لطائراتها.

وأمام ذلك، تبقى هناك خشية كبيرة ومعضلة كبرى تجعل شركات الطيران الأجنبية مترددة في الدخول بالأجواء السورية.

 لكون ذلك مغامرة استثمارية غير مضمونة النتائج؛ نظرا للقصف الإسرائيلي المتكرر على مطار دمشق الدولي، بحسب المراقبين.

إذ يشتبه في أن الخطوط الجوية السورية تنقل "قذائف هاون وأسلحة صغيرة وصواريخ ومدافع خفيفة مضادة للطائرات" من إيران إلى سوريا نيابة عن الحرس الثوري الإيراني.

لكن مع ذلك، يسعى النظام في المرحلة القادمة لتعويض الخسائر في قطاع الطيران لا سيما أن وزير النقل في حكومة  الأسد زهير خزيم كشف في 25 يونيو:حزيران 2024 أن “قيمة الأضرار التي تعرض لها قطاع النقل خلال سنوات الحرب الإرهابية تجاوزت 147 مليار دولار”.

وبلغت الخسائر المحققة للطيران السوري لدى نظام الأسد نحو 70 بالمئة من إجمالي عائدات العام 2011 من الهبوط والإقلاع والعبور فوق الأجواء والبالغة نحو 50 مليون دولار سنويا.

وكشف مدير عام الطيران المدني بنظام الأسد، باسم منصور، في أغسطس/آب 2022 أن الخسائر تجاوزت 480 مليون دولار منذ العام 2011، يضاف إليها 300 مليون دولار أعطال منشآت، وأجهزة ملاحية، ورادارات بسبب عمليات القصف.

وتنبأ منصور خلال لقاء مع وسائل إعلامية موالية، بتحقيق واردات سنوية تقدر بـ 100 مليون دولار في حال عودة الحركة الجوية لما كانت عليه سابقا.

وبين توقيع الشركة مع جهات صديقة، لم يسمها، لتزويد المطارات السورية بمنظومات رادارية، ومنظومات برقيات الطيران المدني، سيتم تركيبها قريبا.

وكثيرا ما تعلن المؤسسة السورية للطيران عن حدوث أعطال فنية تواجه بعض رحلات المؤسسة، حيث ترجع ذلك لتعرض "قطاع النقل الجوي لحرب اقتصادية جائرة وعقوبات وحصار يمنع تزويده بأي قطع غيار أو معدات أو تجهيزات". 

فقد تعرضت إحدى طائراتها في نهاية يوليو/تموز 2023 التي كانت ستقلع من دبي إلى دمشق لعطل فني، موضحة أن فرقها الفنية سافرت من دمشق إلى مطار دبي لمعالجة العطل بالسرعة الممكنة.