مشاريع الحزام والطريق الصينية.. كيف استفادت منها دول البلقان وأوروبا؟
أبرزت وكالة صينية حجم المكاسب الأوروبية حتى الآن من مبادرة الحزام والطريق، التي أطلقتها بكين قبل 10 سنوات على الرغم من وجود تحديات عديدة.
وقالت "وكالة أنباء شينخوا": "مع تسارع التغيرات في القرن الواحد والعشرين وتزايد حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين على الساحة العالمية، يواجه التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق تحديات جديدة".
وأفادت الوكالة بأنه بالرغم من هذه التحديات، فإن المبادرة الصينية "أظهرت قوة ومرونة كبيرتين وحيوية متزايدة".
وأضافت أنه في السنوات العشر الماضية، استمر حجم التجارة بين الصين والدول الأوروبية -المشارِكة في البناء المشترك لـ "الحزام والطريق"- في النمو.
وأردفت: "استمرت قطارات الشحن بين الصين وأوروبا بالعمل، وحققت المشاريع مكاسب كبيرة، مما يسهم في تسهيل التفاعل البشري وتعزيز التعاون الأخضر والرقمي، وبالتالي تعزيز العلاقات بين الطرفين".
مشاريع البنى التحتية
وتحدث للوكالة الصينية أحد المواطنين الكروات، قائلا: لو لم تكن شركة صينية هي التي أنشأت جسر بيليساك جنوبي بلاده، لكان بناؤه سيستغرق 100 عام على الأقل.
وكانت كرواتيا قد بدأت البناء في عام 2007، لكن بعد خمس سنوات توقفت الأعمال بسبب نقص التمويل. وفي العام 2017 خصّص الاتحاد الأوروبي الذي انضمّت إليه كرواتيا في عام 2013 مبلغ 357 مليون يورو لاستكمال البناء، أي نحو 85 بالمئة من كلفة الجسر.
وفي العام 2018 اختيرت شركة صينية لبناء الجسر، في أول انخراط صيني بهذا الحجم في مشاريع البنى التحتية في كرواتيا.
والتقت وكالة شينخوا بـ"سيلما كوندرسون"، وهي مهندسة مدنية عملت في مشروع الجسر لمدة 4 سنوات، وكانت مسؤولة عن شراء المواد وتوقيع عقود مع المقاولين الفرعيين وأداء مهام أخرى.
وقالت كوندرسون، إن والدها كان أيضا مهندسا، وكانت لديه رغبة كبيرة في بناء جسر يمتد عبر خليج ستون (على البحر الأدرياتيكي) ويصل الأراضي الكرواتية.
وتابعت: "اليوم، حققت شركة صينية هذا الحلم المشترك لعدة أجيال من الكروات، وحولته إلى واقع".
وقال رئيس الوزراء الكرواتي، أندريه بلينكوفيتش، في مقابلة مع الصحفيين إن جسر بيليساك هو أهم مشروع في البنية التحتية لكرواتيا".
وأضاف: "يعد استكمال الجسر وفتحه بسلاسة أمام حركة المرور في الوقت المحدد أحد أهم الأحداث في كرواتيا، حيث يحقق الرغبة في الربط بين الشمال والجنوب".
وأفادت الوكالة بأنه على مدى السنوات العشر الماضية، عززت الصين تكامل البناء المشترك عالي الجودة لـ "الحزام والطريق" مع إستراتيجيات التنمية لمختلف البلدان ومبادرات التعاون الإقليمي.
وأردفت: "من خلال تعزيز الارتباط الصلب للبنية التحتية وتعميق الارتباط الناعم للقواعد والمعايير، وبتنفيذ مشاريع تخدم حياة الشعوب، زاد شعور السكان المحليين بالمشاركة والرضا".
وأشار المحللون إلى أن التعاون العملي في مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" استمر في التعمق والتوسع، مما أدى إلى تحقيق مزيد من النجاحات العملية والواقعية التي تلبي احتياجات الشعوب الأوروبية.
تعزيز الاقتصاد والتنمية
هذا التعاون أسهم، بشكل إيجابي في تعزيز التنمية الاقتصادية وزيادة فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة في العديد من البلدان في أوروبا والبلقان، وفق الوكالة الصينية.
وتطرقت إلى قصة إيفانوفيتش، الذي يبلغ من العمر 58 عاما، وهو سائق ذو خبرة في حالة الطرق في دولة الجبل الأسود.
وبدأ إيفانوفيتش قيادة السيارة عندما كان في سن الـ18، ولديه حاليا 40 عاما من الخبرة في القيادة، ومع ذلك، يشعر بالقلق في كل مرة يقود فيها في الطرق الجبلية الضيقة والوعرة.
وأوضح أن الطرق الجبلية كانت ضيقة وشديدة الانحدار، وتحتوي على منعطفات حادة، وبعض الأنفاق لم تكن لديها دعامات من الخرسانة بعد.
لكن كل هذا تغير منذ يوليو/تموز 2022، بعد أن افتُتح رسميا القسم الأول من طريق الجبل الأسود السريع بين الشمال والجنوب، الذي أنشأته "شركة الصين للطرق والجسور"، أمام حركة المرور.
ليس هذا فحسب، بل جلب المشروع أيضا العديد من الفوائد الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة إلى الجبل الأسود، وخلق ظروفا أفضل لتعافي السياحة، وقدم زخما قويا للتنمية الاقتصادية الشاملة، وفق الوكالة الصينية.
وفي عام 2022، نما اقتصاد الجبل الأسود بنسبة 6.1 بالمئة مقارنة بالعام 2021، وهو أعلى من المتوسط الإقليمي.
حرية التجارة
وأوضحت أنه "من ميناء بيرايوس في اليونان إلى الطريق السريع بين شمال وجنوب الجبل الأسود، ومن جسر بيليساك في كرواتيا إلى السكك الحديدية بين المجر وصربيا، تُظهر مشاريع الحزام والطريق في أوروبا تعزيز حرية التجارة وتسهيل الاستثمار".
وقالت وكالة أنباء شينخوا: "من خلال إنجازاتها الواقعية والملموسة، تؤكد مبادرة الحزام والطريق أنها تمثل طريقا مشرقا يمكن للصين أن تسلكه مع العالم من أجل تقاسم الفرص وتحقيق التنمية المشتركة".
وتابعت: "على مدى السنوات العشر الماضية، جرى تنفيذ مشاريع - حزام واحد، طريق واحد ـ في أوروبا، وهي ليست ذات جودة عالية فحسب، بل إنها أيضا تستثمر بشكل متزايد في مجال حماية البيئة، مما يساعد بلدان القارة الأوروبية على تحقيق التحول الأخضر وأهداف التنمية المستدامة".
كذلك أجرت شركة "Shanghai Electric" الصينية ترميما للمرحلة الثالثة من محطة توليد الكهرباء في منطقة "ديليمارا" بجزيرة مالطا.
إذ أصبحت مستويات الانبعاثات من الكبريت وأكسيد النيتروجين وانبعاثات الكربون الناتجة عن المحطة أفضل بكثير من المعايير البيئية للاتحاد الأوروبي، وفق وصف وكالة أنباء شينخوا.
وحسب قولها، تحولت المحطة من كونها ملوثا رئيسا، إلى أن تصبح رائدة في ميدان الطاقة النظيفة، والشركة الرئيسة لتوفير الكهرباء في جزيرة مالطا.
علاوة على ذلك، أنشأت "الشركة الوطنية الصينية لاستيراد وتصدير الآلات" مشروعا يعد واحدا من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية حاليا في المجر بقدرة 100 ميغاواط.
وأفادت الوكالة أنه "بعد بدء تشغيل المشروع في مايو/أيار 2021، فإنه يولد 130 مليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويا، مما يتيح توفير 45 ألف طن من الفحم".
كما أنه يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 120 ألف طن، مما يلعب دورا كبيرا في تعزيز تنمية مصادر الطاقة المتجددة في المجر.
وترى الوكالة الصينية أن هذا المشروع يعد مثالا إضافيا على كيفية دعم مبادرة "الحزام والطريق" للمشاريع في أوروبا، بهدف تعزيز القدرات في مجال الإدارة البيئية وتعزيز التنمية الخضراء.
ونقلت ما ذكره معهد بروغل، وهو مركز أبحاث أوروبي، من أنه على مدى العقد الماضي، صمدت مبادرة الحزام والطريق أمام تحديات واختبارات متعددة، واجتذبت اهتماما عالميا كبيرا.