الصين أثبتت لأميركا إمكانية السيطرة على تايوان في أقل من يوم.. كيف؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

أطلقت الصين في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، مناورات عسكرية واسعة بسفن وطائرات حول تايوان، تحت اسم مناورة "السيف المشترك 2024".

وأثارت هذه المناورات، التي استمرت لمدة 13 ساعة، "قلقا شديدا" لدى الولايات المتحدة والسلطات التايوانية.

في هذا الإطار، يعرض موقع "سوهو" الصيني ردود أفعال واشنطن وتايبيه على التحركات الصينية، مشيرا في الوقت ذاته إلى الرسائل المتعددة التي أرادت بكين إيصالها إلى الطرفين عبر تلك المناورات.

قلق أميركي تايواني

يقول الموقع إن المناورة التي بدأت في الساعة الخامسة صباحا من يوم الرابع عشر من أكتوبر 2024، وانتهت في الساعة السادسة مساء تدل على أن الجيش الصيني يمكنه السيطرة على جزيرة تايوان في أقل من يوم، الأمر الذي يثير قلقا شديدا لدى تايوان وأميركا.

وينقل عن أحد الضباط التايوانيين، الذي رفض الكشف عن هويته، قوله "إن محتوى تدريبات جيش التحرير الشعبي الصيني، تشمل إحكام الحصار على موانئ جزيرة تايوان والممرات البحرية الدولية".

وأضاف الضابط: "كما يخطط جيش التحرير الشعبي لطرد العدو قبل وصول القوات الأجنبية المساندة".

ويعقب الموقع على هذا التصريح قائلا: "تزيد هذه الإجراءات القاسية من قلق السلطات التايوانية والولايات المتحدة".

ولم تقف تايبيه صامتة إزاء هذه المناورة، ففي ذات اليوم، عقد الرئيس التايواني لاي تشينغ اجتماعا طارئا للأمن لـ "بحث كيفية مواجهة هذه الوضع الحرج"، كما وصف الموقع.

حيث دعا تشينغ وزارة الدفاع إلى مناقشة "كيفية بدء ما يسمى بـ (الحوار المتكافئ والمحترم والمنظم) مع البر الرئيس (الصين)".

ويستنكر الموقع الصيني تعبير "المتكافئ والمحترم"، قائلا: "إن هذا الأمر يثير الضحك، فتايوان ليست سوى محافظة من محافظات الصين، فما هي ماهيتها للتحدث مع البر الرئيس على أساس التكافؤ؟".

وأردف: "من الواضح أن لاي تشينغ يبالغ في تقدير نفسه".

جهد غير مجد

في ذات السياق، يشير الموقع إلى "إعلان تشينغ عبر وسائل التواصل الاجتماعي بفخر أن الجيش التايواني قد تمكن من السيطرة الكاملة على تحركات جيش التحرير الشعبي، وأعرب بثقة عن قدرته على حماية سلامة المواطنين داخل الجزيرة".

وبحسب الموقع، "ففي الوقت الذي كانت تجرى فيه المناورات، زادت القوات التايوانية من انتشار قاذفات الصواريخ في منطقة إيلوانبي في مدينة تاينان".

وأضاف: "كما أقلعت طائرات F-16V من قاعدة هوالين في تايدونغ، بينما كانت صواريخ طائرات "شونغ إير" تستهدف منطقة التدريبات البحرية لجيش التحرير الشعبي".

وهاجم الموقع الصيني الرئيس التايواني قائلا: "يدّعي تشينغ باستمرار أنه يحمي سلامة المواطنين، لكن أفعاله تظهر ضعفه وعدم قدرته". 

وتابع: "إن استخدام القوات التايوانية للطائرات والصواريخ القديمة لمواجهة المعدات الحديثة لجيش التحرير الشعبي هو جهد غير مجدٍ".

وهو ما دفع الموقع للقول: "يبدو أن ما تقوم به السلطات التايوانية ليس لمواجهة جيش التحرير الشعبي بقدر ما هو محاولة طمأنة أنصارها داخل الجزيرة".

تملص أميركي 

وامتد الخوف من قبضة جيش التحرير الشعبي "الحديدية" إلى أميركا أيضا، وفق وصف الموقع، حيث أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، مجددا عن "القلق البالغ" إزاء المناورات العسكرية التي يجريها جيش التحرير الشعبي حول تايوان.

ويضيف: "كما أوضح ميلر للصين أن هذا السلوك الاستفزازي العسكري غير مبرر، وينطوي على مخاطر تصعيد الصراع".

بعد ذلك، أفاد بأن الولايات المتحدة "دعت الصين إلى ضبط النفس، وعدم اتخاذ أي إجراءات قد تضر بالسلام والاستقرار في مضيق تايوان والمنطقة بأكملها".

وأردف: "هذه العبارات لا تختلف عن المواقف السابقة؛ حيث تعترض الولايات المتحدة دائما على أي تغيير للوضع الراهن في مضيق تايوان".

ومع ذلك، يرى الموقع أنه "بالتدقيق في مصطلح (القلق البالغ)، فإنه يتضح أن موقف الولايات المتحدة ليس بالضرورة قويا كما يبدو".

وتابع موضحا: "كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة جادة في دعم تايوان وحماية ما تدّعي أنه الديمقراطية والحرية هناك، حيث كان من المتوقع أن يكون ردها أكثر حزما، لكن هذه المرة، كان ردها غامضا إلى حد ما، بل ويبعث على شعور بالتملص".

ويعزو الموقع ذلك الموقف الأميركي إلى "عدم رغبة إدارة بايدن في ظل الوضع الدولي الحالي، في التورط بشكل مفرط في تعقيدات الوضع في مضيق تايوان".

على الجانب الآخر، يبدو أن "موقف الصين واضح للغاية"، وفق الموقع.

فقد أعادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ التأكيد على موقف الصين من قضية تايوان أثناء ردها على (المخاوف) الأميركية.

كما طالبت الولايات المتحدة بـ "الالتزام بمبدأ الصين الواحدة وروح البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، والتوقف عن تقديم أي دعم للقوى الانفصالية التايوانية".

يُذكر أن البيانات المشتركة الثلاثة، هي بيانات أكدت على ثلاثة مجالات رئيسة تشكل أساس العلاقة بين الصين وأميركا، وهي العلاقات التجارية الكبيرة التي تربطهما، والتنافس في التكنولوجيا وخاصة الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى القضايا الجيوسياسية مثل التوترات حول تايوان وحقوق الإنسان.

رسائل بكين 

ويستعرض الموقع الرسائل التي أرادت الصين إيصالها عبر تلك المناورات، فيقول: "في الواقع، لا تُظهر مناورات جيش التحرير الشعبي القوة العسكرية الهائلة فقط، بل تمثل أيضا تحذيرا للولايات المتحدة من استمرار تدخلها في قضية تايوان، مفاده أن عزم الصين على الدفاع عن سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها لا يمكن زعزعته".

وأضاف: "بالطبع، لا ترغب أميركا في تقديم تنازلات جوهرية بشأن قضية تايوان، لكنها تدرك أن المواجهة المباشرة مع الصين تنطوي على مخاطر كبيرة، خاصة في ظل الحاجة إلى الحفاظ على مستوى من التعاون مع الصين في قضايا مهمة مثل الاقتصاد العالمي والأمن النووي".

وأردف: "لطالما دأبت سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي في تايوان، على إلقاء اللوم الكامل على الصين في توتر الأوضاع في مضيق تايوان، في محاولة لكسب التعاطف الدولي".

وتابع: "غير أنهم يتجاهلون حقيقة مهمة، وهي أن جوهر العلاقة بين ضفتي المضيق لم يكن يوما قرارا بيد تايوان وحده، وأن أي محاولة للبحث عن الاستقلال بدعم خارجي ليست إلا ضربا من الخيال".

بالإضافة إلى ذلك، لفت الموقع إلى أن "الإجراءات الحازمة لجيش التحرير الشعبي، هي رسالة ردع واضحة للقوى الانفصالية الساعية لاستقلال تايوان، وهي خطوة مشروعة للحفاظ على السيادة الوطنية والوحدة".

واختتم الموقع تقريره بلهجة فيها نوع من التحذير قائلا: "إذا استمر تشينغ ومن معه في عنادهم وعدم إدراكهم للواقع، فإن ما ينتظرهم سيكون ثمنا باهظا".

وسخر من قدرات ومعدات الجيش التايواني قائلا: "أما ما يُسمى بالخطط الدفاعية للجيش التايواني، فهي لا تعدو كونها جهدا ضئيلا لا تأثير له، ولن تعرقل بأي شكل من الأشكال خطط جيش التحرير الشعبي".