يعاني نقصا حادا في الجنود.. إلى أي مدى يمكن أن يصمد جيش الاحتلال؟
"يبلغ عدد الأفراد النشطين في جيش الاحتلال حوالي 170 ألفا"
بصورة صارت تجذب الانتباه الدولي، يعاني جيش الاحتلال الإسرائيلي نقصا في عدد جنوده وكذلك إرهاقا في صفوف قواته التي تواصل حرب الإبادة على قطاع غزة منذ نحو عام.
فإلى جانب المعارك المسلحة تقوم أيضا هذه القوات بدور الشرطة في حماية المستوطنين أثناء تنفيذ اعتداءاتهم على الفلسطينيين العزل في الضفة الغربية فضلا عن مداهماتها للمدن والمخيمات هناك.
كما يؤثر هذا النقص على احتياجات جبهة ثالثة في الشمال ضد حزب الله اللبناني، حيث يتواصل القصف المتبادل بين الطرفين، فيما تتردد تصريحات مسؤولين إسرائيليين عن قرب اندلاع حرب واسعة في الشمال.
وفي تقرير سلطت فيه الضوء على تداعيات هذا النقص خاصة عسكريا واقتصاديا، أوضحت صحيفة “إيل بوست” الإيطالية أن العدوان المستمر على غزة "والالتزامات المتزايدة على الحدود مع لبنان وفي الضفة الغربية تضع الجيش الإسرائيلي في وضع صعب".
وذلك على الرغم من موافقة حكومة الاحتلال بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على تعبئة ما يصل إلى 360 ألفا من جنود الاحتياط.
وضع صعب
وقالت الصحيفة الإيطالية: "لقد مر أحد عشر شهرا منذ بداية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة" مضيفة أن هذه "الفترة الطويلة جدا التي لم تكن متوقعة، تضع النظام العسكري والاقتصادي الإسرائيلي في وضع صعب".
فالجيش الإسرائيلي يخوض معارك حاليا على ثلاث جبهات، جبهة في قطاع غزة حيث أدت العمليات العسكرية ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى استشهاد أكثر من 41 ألف فلسطيني وجبهة ثانية على الحدود مع لبنان، ضد حزب الله.
وثالثة في الضفة الغربية، حيث يُنفذ عمليات ضد فصائل المقاومة ويحمي المستوطنين الذين يعيشون في مستوطنات غير شرعية، كما يوفر لهم حماية أثناء تدنيسهم المتكرر لباحات المسجد الأقصى المبارك.
وعدت عدد جنوده بالقليل مقارنة بما يخوضه من معارك مستمرة على ثلاث جبهات، مشيرة إلى أن التداعيات المكلفة لتجنيد جنود الاحتياط للقتال منذ أشهر، وهم السكان العاديون الذين تركوا وظائفهم للمشاركة في العدوان على غزة، على الاقتصاد.
في هذا الإطار، أشارت إلى أن انخفاض القوى العاملة المتاحة للشركات والشركات الناشئة والمؤسسات التجارية يعد أحد أسباب تراجع الناتج المحلي الإجمالي وانخفاضه بنسبة 4 بالمئة في الأشهر الأخيرة من عام 2023.
وبحسب بيانات المكتب الحكومي الإحصائي، انكمش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأول من 2024 بنسبة 1.4 بالمئة على أساس سنوي وواصل انكماشه في الربع الثاني أيضا.
ويبلغ عدد الأفراد النشطين في جيش الاحتلال حوالي 170 ألفا، وهو رقم كبير مقارنة بإجمالي السكان البالغ حوالي 10 ملايين نسمة، وفقًا للمعايير الغربية.
فيما تجزم الصحيفة الإيطالية بأن هذا العدد لا يكفي لتعبئة مكثفة وطويلة الأمد مثل تلك التي تقررت بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.
ولهذا السبب، تفسر قيام الحكومة الإسرائيلية باستدعاء 360 ألف جندي من قوات الاحتياط للمشاركة في العدوان على غزة.
معضلة التجنيد
وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن الكيان الإسرائيلي يُلزم جميع سكانه عند بلوغهم سن 18عاما بأداء الخدمة العسكرية لمدة تتراوح بين 24 و32 شهرا.
يشمل هذا الإلزام أيضًا الإسرائيليين في الخارج وأولئك الذين يحملون جوازات سفر مزدوجة، فيما يُعفى أغلب أفراد الأقلية العربية من إجبارية الخدمة العسكرية ويقر القانون كذلك إعفاءات أخرى لأسباب جسدية أو نفسية أو دينية.
ولفتت إلى أن أحد أكثر الإعفاءات إثارة للجدل يتعلق باليهود الأرثوذكس المتطرفين المعروفين باسم الحريديم.
وللإشارة، يحصل من يستكمل فترة التدريب العسكري على إعفاء نهائي من الالتزامات العسكرية، أو في أغلب الأحيان يتم إدراجهم في قوائم الاحتياط.
ويحدد القانون فترة خدمة الاحتياطي بـ 36 يومًا في السنة (قابلة للتمديد لمدة أسبوع في حالات معينة) ويقر تعبئتهم في حالة الطوارئ كما هو الحال في الوضع الحالي على إثر استدعائهم للمشاركة في العدوان على غزة.
وتظل أسماء جنود الاحتياط مدرجة في قوائم إلى غاية بلوغهم سن 40 عاما، وتُعفى النساء اللاتي لا ينتمين إلى القوات "القتالية" بعد ولادة طفلهن الأول، فيما يفرض القانون استدعاء الضباط والأطباء إلى أن يبلغ سنهم 45 و49 عاما تواليا.
جدل متواصل
وفي الحرب الحالية ضد فصائل المقاومة، ذكرت الصحيفة الإيطالية أن النقص في الجنود وعدم القدرة على استبدال قوات الاحتياط بات مشكلة مثيرة للجدل كثيرا في إسرائيل.
في سياق متصل، أشارت إلى أن الاحتجاجات المتعددة على الإعفاء الممنوح لليهود المتشددين بموجب قانون عام 1999 أدى إلى رفع المسألة إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي قضت بفرض تجنيدهم على الحكومة.
وكانت المحكمة قد أكدت في يونيو/ حزيران 2024 أنه يتعيّن على الحكومة تجنيد طلاب المعاهد اليهودية المتشددين دينيا في الجيش.
وقضت بأنه في غياب قانون يميّز بين طلاب المعاهد الدينية اليهودية وغيرهم من المجندين، فإن نظام الخدمة العسكرية الإلزامية في إسرائيل ينطبق على اليهود المتشددين مثل أي مواطن آخر.
وقد أثار قرار تجنيد هذه الفئة المتطرفة التي يبلغ عددها أكثر من 1.2 مليون نسمة، أي 13 بالمئة من السكان، احتجاجات ومظاهرات بالآلاف للتعبير عن رفضهم.
في الوقت الحالي، تتمثل الحلول المؤقتة المفترضة لزيادة عدد الجنود، بحسب إيل بوست، في الرفع ببضعة أشهر في فترة الخدمة العسكرية الإجبارية وكذلك الترفيع في سن من يشملهم الاستدعاء لخدمة الاحتياط.
وفي الأسابيع الأخيرة، قلص الجيش الإسرائيلي في عدد جنوده المنتشرين في قطاع غزة ونقلهم نحو الحدود مع لبنان في ظل صراع أوسع مع حزب الله، الأمر الذي من شأنه أن يجعل النقص الحالي في الجنود أكثر شدة بالنسبة للاحتلال، وفق ما تقول الصحيفة الإيطالية.