"الآغا خان".. مؤسسة تابعة لإمام الشيعة الإسماعيليين تقدم يد العون للسوريين

مصعب المجبل | منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، تكثف مؤسسة "الآغا خان" بسوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد نشاطاتها المتنوعة في دعم المجتمعات المحلية للنهوض من براثن الفقر والدمار.

وتتبع مؤسسة "الآغا خان" لـ الأمير رحيم الحسيني - آغا خان الخامس، إمام الشيعة الإسماعيلية في العالم الذي خلف والده الآغا خان الرابع في فبراير/ شباط 2025، بعد وفاته في لشبونة عن عمر ناهز 88 عاما.

شبكة الآغا خان

والآغا خان الرابع كان صاحب ثروة طائلة وناشطا في العمل الخيري، وقد أنشأ في لشبونة عام 2015 مقرا عالميا للشيعة الإسماعيلية.

وأسس الآغا خان الرابع شبكة الآغا خان للتنمية وهي مؤسسة ضخمة تقول: إنها توظّف 96 ألف شخص حول العالم وتموّل برامج تنموية، خصوصا في آسيا وإفريقيا.

والأمير رحيم الحسيني وهو الزعيم الروحي للمسلمين الشيعة الإسماعيليين الذين يبلغ عددهم 15 مليون شخص في العالم موزعين على حوالي 30 بلدا.

ويعيش في سوريا نحو 200 ألف إسماعيلي لديهم شبكة مراكز صحية ويستفيدون من دعم في ثمانية مستشفيات، ومدارس ومشروع جامعي.

وقررت مؤسسة "الآغا خان" استمرار نشاطاتها وزيادتها في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024.

وفي كلمته أمام مؤتمر المانحين في بروكسل، في مارس 2025 تعهد رئيس شبكة "الأغا خان" للتنمية، رحيم أغا خان، باستثمار ما لا يقل عن 100 مليون دولار في تعافي سوريا على مدى العامين المقبلين.

وطالب جميع الأطراف بسوريا بنبذ العنف والالتزام بالسلام. كما طالب الحكومة السورية الجديدة بالوفاء بوعدها بحكومة شاملة للجميع.

وحينها التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بالأمير رحيم آغا خان على هامش مؤتمر بروكسل للمانحين حول سوريا

وتعد سوريا مركزا رئيسا لتجمع أبناء الطائفة الإسماعيلية في الشرق الأوسط، خاصة في مدينة السلميّة، بريف حماة الشرقي، إضافة إلى مناطق مثل مصياف والقدموس ونهر الخوابي في طرطوس، وانتقل عدد منهم للعيش في مدن كبرى مثل دمشق وحلب.

وكان لافتا أن مؤسسة "الآغا خان" بسوريا، اتخذت إجراءات أمنية احترازية بعد تلقيها رسالة إنذار، وذلك لمدة يومين فقط حرصت على سلامة الموظفين العاملين فيها، كما أعلنت في 10 سبتمبر 2025.

وشكل ذلك، أول تهديد لمؤسسة "الآغا خان" بسوريا، التي لها باع طويل في العمل الخيري في سوريا، وفي ظل قرار الأمير رحيم آغا خان، دعم العملية الانتقالية في سوريا؛ إذ وقّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وآغا خان الخامس، في 11 يوليو 2025 اتفاقيات لدعم العملية الانتقالية في سوريا.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، حينها: إن التعاون في سوريا يرمي إلى تلبية الاحتياجات الطارئة للشعب السوري في مجالات الصحة والتعليم والطاقة بالإضافة إلى ترميم التراث الذي تضرر خلال 14 عامًا.

ونقلت الوكالة عن مصدر دبلوماسي فرنسي لم تسمه قوله: إن التعاون سيساعد في "استقرار سوريا" في إطار "عملية انتقالية سلمية وشاملة"، بما يصب في مصلحة كل مكونات المجتمع السوري.

ويبلغ رحيم الحسيني 53 عاما، وهو أب لطفلين وحاصل على إجازة في الأدب المقارن من جامعة براون في الولايات المتحدة.

مشاريع واسعة

تُعد مؤسسة الآغا خان من أبرز الجهات التنموية العاملة في سوريا منذ عام 2002؛ حيث أطلقت برامج متنوعة في التعليم المبكر، والزراعة، والصحة العامة، وتنمية المجتمع المدني.

ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وسّعت المؤسسة نطاق عملها ليشمل المساعدات الإنسانية والإغاثية بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

وبحسب موقع "شبكة الآغا خان"، استفاد من برامج المؤسسة أكثر من مليون شخص في سوريا خلال العقد الأخير، عبر مشاريع الدعم الزراعي، تعزيز الأمن الغذائي، تحسين خدمات المياه والصحة، إضافة إلى إنشاء مراكز تعليمية بديلة لآلاف الأطفال.

كما ركزت المؤسسة على دعم المزارعين عبر تزويدهم بالبذور وأدوات الزراعة المستدامة، والتدريب على تقنيات الري الحديثة، بما يعزز قدرتهم على مواجهة تغير المناخ وأزمات الأمن الغذائي.

واتجهت مؤسسة الآغا خان إلى فتح قنوات مع المحافظات السورية لعرض طبيعة الدعم والمشاريع التي تخدم السكان؛ إذ عقد محافظ حماة المهندس عبد الرحمن السهيان في 18 أغسطس 2025 جلسة عمل مع ممثلي مؤسسة الآغا خان، جرى خلالها استعراض آلية عمل المؤسسة، ومجالات تدخلها، والمشاريع التي تنفذها في المحافظة.

واستعرضت المؤسسة خلال الجلسة مجموعة من المشاريع التنموية والخدمية، من أبرزها المبادرات التعليمية المتنوعة، ومشاريع آبار مياه الشرب، إضافة إلى برنامج الزراعة والأمن الغذائي والاستدامة البيئية.

كما قدّم الفريق عرضا تفصيليا حول قسم التخطيط والبناء، شمل تأمين مياه الشرب ومحطات الصرف الصحي، وطرح مشروع خط جر المياه من منطقة الهرمل.

كما تطرق العرض إلى برامج الطفولة المبكرة والتعليم، ومراكز التعليم الآمن التي تشرف عليها المؤسسة في مناطق عدة من المحافظة.

كذلك بحث وزير الزراعة السوري الدكتور أمجد بدر، في منتصف أبريل 2025 مع الممثل المقيم لشبكة الآغا خان للتنمية في سوريا، غطفان عجوب والمدير التنفيذي للشبكة مهند عبيدو، المشاريع التنموية التي تنفذها الشبكة، إضافة إلى المشاريع المطروحة المتعلقة بالتنمية الريفية.

"نهج أممي"

وكشف عجوب، في 20 أبريل 2025 عن خطة لاستثمار 4.5 ملايين دولار في مشاريع التنمية الريفية بعدة محافظات سورية خلال عام 2025.

وقال عجوب، لموقع "اقتصاد" المحلي: إن خطة الشبكة لهذا العام تنقسم إلى مشروعين رئيسين، الأول بقيمة 1,660,557 دولار لدعم تربية الثروة الحيوانية في محافظات حماة وحمص وحلب، والثاني بقيمة 2,842,810 دولارات لدعم الإنتاج الزراعي في محافظات حلب وحماة وطرطوس وريف دمشق والسويداء.

وأوضح أن مبلغ 100 مليون دولار الذي أعلن عنه زعيم الطائفة الإسماعيلية في مؤتمر بروكسل للمانحين لدعم الشعب السوري لا يدخل ضمن ميزانية مشاريع الشبكة، بل سيتم إنفاقه بالتعاون مع منظمات دولية لدعم الفئات الهشة، خصوصا اللاجئين في المخيمات.

بدوره أشار المدير التنفيذي لشبكة الآغا خان، مهند عبيدو، إلى أن عدد المستفيدين من المشاريع الزراعية التابعة للشبكة في سوريا يبلغ نحو 500 ألف أسرة.

كذلك تقوم  شبكة الآغا خان، وفق بياناتها، بتمويل أكثر من 25 جمعية وتجمعا مدنيا في سوريا.

وضمن هذا السياق، قال الصحفي السوري محمد علاء المنحدر من مدينة السلميّة، لـ "الاستقلال": إن "مؤسسة الآغا خان بسوريا تتبع نهج منظمات الأمم المتحدة في دعم السوريين وإجراء دراسة لتقديم الدعم المالي للعائلات المحتاجة".

وأضاف علاء "المؤسسة لديها مساعدة كبيرة في مجال دعم المشاريع والقروض الصغيرة؛ حيث تقوم بتسديد المبلغ المقدم على مراحل".

ولفت علاء إلى أن "مؤسسات الآغا خان تسعى من وراء التمويل إلى إبقاء العائلات بحالة بعيدة عن الفقر".

واستدرك "هدف المؤسسة إنساني ثقافي وتعزيز القيم المشتركة وتوطيد العلاقات بين كل مكونات المجتمع السوري؛ لتجنب أي صدام أو حدوث فتنة".

ورأى علاء أن "هذه الدعم من مؤسسة الآغا خان غير سياسي، بل يسهم في تخفيف التوترات في المجتمع ونزع محاولات الصدام حتى مع السلطة القائمة".

وأشار علاء إلى أن "مؤسسة الآغا أسهمت في دفع أبناء الطائفة الإسماعيلية ممن كانوا في صفوف مليشيات الأسد لتسليم سلاحهم للدولة السورية لبسط سيطرتها فور سقوط نظام الأسد البائد من خلال تسويات أمنية بالاتفاق مع دمشق".

ورأى علاء أن "تفسير حالة الهدوء وعدم الاصطدام من قبل أبناء الطائفة الإسماعيلية مع الدولة السورية الجديدة مردها للعب مؤسسة الآغا خان دورا في أخذ زمام المبادرة وتجنيب مناطق الإسماعيليين أي اعتداءات أو انتهاكات بحقهم".

وذهب علاء للقول: "إن جهود مؤسسة الآغا تهدف لتعزيز ثقافة الحوار بين مكونات المجتمع، وإبعاد الطائفة الإسماعيلية عن حالة الانجرار وراء أي دعوات لأي نزعة تهدد وحدة البلاد كما يجرى من المكون الدرزي والعلوي".