عام على مقتله.. هكذا تعيش عائلة زعيم تنظيم الدولة السابق في العراق
نشرت صحيفة "ألموندو" الإسبانية، تقريرا تناولت فيه مصير عائلة زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي ومقربين منه، بعد مرور سنة على مقتله، مشيرة إلى أن الكثير من الغموض يحيط بهم رغم أنهم ما زالوا أحياء، وتحديدا الأرملتين اللتين نجتا من الموت.
وأوردت الصحيفة أن "مصادر مطلعة على خصوصيات وعموميات تنظيم الدولة كشفت أن بعض أقارب الزعيم السابق لتنظيم الدولة يحتفظون بعلاقات وثيقة مع الجماعة التي جاءت لتحتل مناطق شاسعة من سوريا والعراق".
أربع زوجات
وأشارت إلى أنه في وقت قتله - مع اثنين من أطفاله - كان للبغدادي أربع زوجات. وبحسب مصادر أميركية، فقد رافقت اثنتان من زوجات البغدادي الزعيم السابق إلى مخبئه الأخير في محافظة إدلب السورية وقتلتا في العملية؛ ومن بينهما إسراء رجب.
وذكرت الصحيفة أن اثنتين من زوجات البغدادي نجتا من الموت، لكنهما لم تتمكنا من الفرار من الاعتقال. وخلال صيف 2019 ألقي القبض على إحداهما، وبعد تحديد هويتها، تبين أن "نور" هي ابنة أحد المتعاونين مع البغدادي. وفي وقت لاحق، زودت عملية استجوابها وكالة المخابرات المركزية بمعلومات قيمة حول خطوات زعيم التنظيم؛ وخاصة عملية تغييره للمقر الذي يستقر فيه.
وأوردت الصحيفة أن آخر زوجات البغدادي موجودة في تركيا، وقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن اعتقالها بعد أيام من مقتل البغدادي إلى جانب صورة توضح هذا الخبر.
وتجدر الإشارة إلى أن آخر زوجات الزعيم السابق للتنظيم اعتقلت في تموز/ يونيو 2018 في محافظة هاتاي التركية، وعرفتها مصادر أمنية تركية على أنها أسماء فوزي محمد الكبيسي، ابنة عم الزعيم الذي تزوجها في أوائل التسعينيات وأنجب منها خمسة أطفال.
وبينت الصحيفة أن أسماء، التي قدمت نفسها في البداية باسم رانيا محمود، تعاونت مع السلطات من خلال تقديم أدلة حول زوجها وأكثر الدوائر المقربة منه، إذ يقول نيكولاس هيراس، الخبير في معهد "دراسات الحرب"، لصحيفة "ألموندو": "يُعتقد أن أسماء كانت تعمل مراسلة لتنظيم الدولة عندما ألقي القبض عليها"، مشيرا إلى أن "تنظيم الدولة حاول البحث عن ملاذ في إدلب ومناطق شمال سوريا التي يديرها الأتراك".
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد أسبوع من العملية الأميركية، اعتقلت أنقرة أيضا، شقيقة البغدادي الكبرى، رسمية عوض، مع زوجها وأطفالها، على الأراضي السورية.
حالة غموض
ونقلت الصحيفة أنه منذ مقتل البغدادي، بقي إرثه العائلي بعيدا عن التدقيق خاصة في ظل الغموض الذي لا زال يحيط بالأشهر الأخيرة للبغدادي التي قضاها فارا من خطر إلقاء القبض عليه.
لكن، في السنوات السابقة، تمكن التعرف على بعض الزوجات السابقات للبغدادي. وقد اعتقلت إحداهما في لبنان سنة 2014، ثم أفرج عنها بعد سنة في عملية تبادل سجناء مع القاعدة. أما سجى الدليمي، الزوجة السابقة الأخرى، فقد فرت من البغدادي في سنة 2009 وهي حامل. وتمكن البغدادي أيضا من الزواج في عام 2015 من مراهقة ألمانية، تمكنت أيضا من الفرار.
وأضافت الصحيفة أن أرملتي البغدادي، اللتين بقيتا على قيد الحياة وذريتهما، منقسمان اليوم بين تركيا والعراق. وفي كلتا الحالتين، فإن وضعهم غير مؤكد.
وفي هذا الصدد، يقول محمد خضر، الناشط السوري الذي يقود شبكة من المراسلين المنتشرين في جميع أنحاء الأراضي التي سيطر عليها التنظيم سابقا: "تشير آخر المعلومات التي نملكها إلى أن بعض أقارب البغدادي موجودون في تركيا، فيما يتمركز آخرون منهم في العراق في مكان مجهول".
وأضاف الناشط: أنه "في تركيا، عثرت السلطات على إحدى أرامله وابنته وأخته مع أقاربهم المباشرين. أما في العراق، فلا توجد تفاصيل كثيرة لأن حتى قبيلته ترفض تقديم المعلومات، معتبرين أن هذا الإرث عار يلاحقهم".
ونوهت الصحيفة إلى أنه في تركيا، أكدت المصادر التي استشارتها "ألموندو"، أن أبناء البغدادي رهن "الإقامة الجبرية". أما السؤال الذي يطرح هنا، فيتمحور حول ما إذا سنشهد في المستقبل أبناء للبغدادي قادرين على إدامة إرث الأب الذي أعلن نفسه عام 2014 خليفة للتنظيم.
تجربة ابن لادن
نقلت الصحيفة عن الناشط خضر أنه "لا توجد معلومات عن الأطفال الأحياء للبغدادي. وفي حال كان هناك أبناء على قيد الحياة، فسيحاول التنظيم إخفاءهم لاستخدامهم لاحقا، مثلما فعلت القاعدة مع أطفال أسامة بن لادن".
وذكرت الصحيفة أنه في الظروف الحالية، يدير تنظيم الدولة الإخوة الثلاثة للبغدادي الذين تمكنوا من البقاء على قيد الحياة. ويعتبر جمعة الأكثر انخراطا في التنظيم والذي أكدت مصادر استخباراتية عراقية أنه عمل كساع لصالح التنظيم وأدى رحلات متقطعة لتنسيق نشاط الحركة.
وفي هذا المعنى، قال هيراس، الخبير في معهد "دراسات الحرب": لإن "إخوة البغدادي يشكلون الخطر الأكبر الآن. ويعتبر جمعة الأكثر شهرة مقارنة بالأخوين الاثنين، أحمد وشمسي. وقد تلقى جمعة تدريبا دينيا، ولكنه لم يكن متقدما مثل تكوين أبو بكر".
وواصل الخبير: "لقد كان جمعة عضوا له قدرات عملياتية في القاعدة في العراق وكان حاضرا في جميع اجتماعات أخيه حتى عام 2018 على الأقل. ومنذ ذلك الحين كان المبعوث الذي سافر سرا داخل وخارج سوريا".
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من خسارة البغدادي، إلا أن جماعته ما زالت تحتفظ بقوتها في تنفيذ الهجمات في أوروبا؛ وزعزعة استقرار الحدود السابقة للخلافة؛ وتوسيع فروعها في إفريقيا "جنتها" الجديدة.
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن المحلل دانيال ليبوويتز: أنه "في معقلها التقليدي في العراق، أعلنت الجماعة الإرهابية مسؤوليتها عن العديد من العمليات في يوليو/ تموز 2020، ومنذ ذلك الحين اغتالت جنرالين. لكن، يتمثل الأمر الأكثر إثارة للقلق في توسعها في إفريقيا".
وأضاف: "قبل أسبوع، أدت عملية هروب من أحد السجون في الكونغو إلى تحرير مئات السجناء الذين يعتبرون أعضاء محتملين في الجماعة. أما في نيجيريا، فتواصل الجماعة تنفيذ هجمات واسعة النطاق في وضح النهار، وفي موزمبيق تسيطر على ميناء إستراتيجي في شمال شرق البلاد. وعموما، وضع تنظيم الدولة أنظاره على منطقة الساحل ويمكن أن تتناسب المنطقة مع خطط الخلافة القادمة".