فعاليتها غير مثبتة.. هكذا ضلل ترامب العالم بشأن لقاحات كورونا

5 years ago

12

طباعة

مشاركة

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحالة من الارتباك داخل إدارته منذ بداية أزمة كورونا، بسبب خروجه الكثير على وسائل الإعلام بشكل شبه يومي وإدلائه بتصريحات ليس لها أساس من الصحة حتى طالبه مستشاروه بالظهور مرة واحدة أسبوعيا. 

ولم تتوقف خلافات ترامب عند الديمقراطيين الذين يطمحون للفوز بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أو الجمهوريين الذين يحاولون الحفاظ على أماكنهم في انتخابات الكونغرس القادمة، بل امتدت إلى المختصين في مكافحة الأوبئة والمسؤولين عن البحث عن علاج أو لقاح لفيروس كورونا. 

ارتباك واضح

تقول صحيفة الجارديان البريطانية: إن ترامب خلق ارتباكا جديدا من خلال الادعاء بأن دواء علاجيا سيكون متاحا على الفور تقريبا، إلا أنه يتعارض مع المسؤولين. 

وأشارت الصحيفة في تقرير لها بتاريخ 19 مارس/ آذار أن ترامب أعلن في مؤتمر صحفي في نفس اليوم أن الكلوروكين المستخدم لمكافحة الملاريا قد تمت الموافقة عليه وسيتم إتاحته بوصفة طبية ومن ثم العمل على توفيره فورا.

ولكن بعد دقائق من تصريحات ترامب، حذر ستيفن هان مفوض إدارة الغذاء والدواء من أنه في الواقع لم تتم الموافقة على استخدام الكلوروكين ضد الفيروس التاجي ويجب اختبار فعاليته وسلامته.

وأوضح هان أن الكلوروكين تمت الموافقة عليه بالفعل كما قال ترامب ولكن لعلاج الملاريا والتهاب المفاصل، وأن الرئيس وجه بإلقاء نظرة فاحصة على ما إذا كان يمكن استخدام نهج موسع لمعرفة ما إذا كان سيفيد المرضى. 

وأضاف: "مرة أخرى  نريد أن نفعل ذلك في إطار تجربة سريرية كبيرة لجمع تلك المعلومات والإجابة عن هذا السؤال الذي يحتاج إلى الإجابة عنه".

وترى صحيفة نيويورك تايمز أن بداية التخبط في إدارة ترامب بدأت في شهر فبراير/شباط 2020 عندما تم الإطاحة بوزير الصحة والخدمات الإنسانية أليكس عازار كقائد لقوة المهام الخاصة بالفيروسات التاجية في البيت الأبيض وإسناد المهمة لنائب الرئيس مايك بنس. 

وأشارت الصحيفة إلى بدء الأطباء في فريق العمل في مارس/آذار لقاءات خاصة يوميا بسبب قلقهم الشديد. 

وحينها حذر أنتوني فاوتشي الطبيب المسؤول عن سياسة مكافحة كورونا في البيت الأبيض، من عادة ترامب في قيادة الإحاطات الصحفية والحديث عن إنجازاته الخاصة وحركة المعلومات الخاطئة حول الأدوية والعلاجات. 

الخلاف مع المتخصصين

بينما كانت البورصة الأميركية تستعد لجني الأرباح، قلبت تصريحات خبير الأمراض المعدية وعضو فريق الرئيس ترامب لمكافحة كورونا أنتوني فوتشي الموازين لتغلق المؤشرات الرئيسية الأميركية في 12 مايو/أيار الجاري على انخفاض.

جاء ذلك بعد بعد تحذير فوتشي من التسرع في إعادة فتح الاقتصاد، حيث أكد أنه قد يؤدي إلى موجة ثانية من فيروس كورونا وفي هذه الحالة ستتسبب محاولة تعافي الاقتصاد إلى انتكاسة. 

تصريحات فاوتشي التي أدلى بها خلال جلسة استماع بالكونغرس أشار فيها إلى أن الولايات التي تفشل في الامتثال للإرشادات الفيدرالية حول إعادة الفتح وتتحرك بسرعة كبيرة لإعادة تشغيل اقتصادها ستعرض نفسها لخطر عودة تفشي الوباء من جديد وقد يكون هذه المرة من الصعب السيطرة عليه. 

وبرغم معرفة ترامب برأي فاوتشي في قضية إعادة فتح البلاد إلا أنه أعرب عن تفاجئه من تصريحاته بشأن مخاطر ذلك، ووصف ذلك بأنه غير مقبول. 

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يختلف فيها ترامب وفوتشي حول كورونا حيث تشير تقارير إلى أن العلاقة بينهما معقدة.

وسبق أن كتب ترامب تغريدة في 12 أبريل/نيسان أظهرت وجود خلاف كبير مع فوتشي في وجهات النظر حول كورونا، خاصة وأن التغريدة كانت إعادة لتغريدة أخرى تحمل هاشتاج يطالب بإقالة الرجل.

وجاءت تغريدة ترامب بعد تصريحات لفوتشي قال فيها: إنه كان ممكنا إنقاذ مزيد من الأرواح في البلاد لو اتخذت إجراءات الإغلاق مبكرا خلال تفشي فيروس كورونا المستجد. 

وبحسب تقرير لموقع قناة الحرة الأميركية فإن تصريحات فوتشي كثيرا ما ناقضت أخرى لترامب وقام بتصحيح كثير من الأمور العلمية للرئيس خلال الأزمة الحالية بما فيها مدى فاعلية تناول علاج هيدروكسي كلوروكوين المستخدم في الوقاية من الملاريا في علاج وباء كورونا. 

 

كما أثيرت تساؤلات أخرى حول تصريح لترامب في الأسبوع الأول من مايو/ أيار 2020 أعلن فيه عن نيته إنهاء مهام فريق العمل الخاص بمكافحة كورونا الذي يترأسه فوتشي قبل أن يتراجع في اليوم التالي عن قراره، وهو ما أكد وجود تخبط كبير داخل الإدارة الأميركية وعدم قدرة على التعامل مع الوباء كفريق واحد. 

كان هناك خلاف آخر مع الدكتور ريك برايت، المدير السابق لهيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم أو ما يُعرف بـ  BARDA والذي كان آخر ضحايا ترامب الذي تم تنحيته من منصبه بالهيئة.

ففي 14 مايو/أيار الجاري، حذر برايت مما وصفه بالشتاء الأكثر ظلمة في التاريخ الأميركي المعاصر بسبب عدم التخطيط، مشيرا إلى أنه وعدد من الخبراء ألقوا الضوء على الخطوات والتطبيقات اللازمة لمكافحة الفيروس. 

وأكد برايت الذي شغل منصب مدير المكتب المعني بتطوير لقاح فيروس كورونا بهيئة البحث والتطوير الطبي أن الفيروس منتشر داخل وخارج البلاد وهناك حاجة لوقفه عن إصابة المزيد من الأشخاص بالإضافة إلى الحاجة إلى معدات فحص دقيقة وسريعة وسهلة الاستعمال ومنخفضة التكلفة ومتوفرة لجميع من يريد استخدامها. 

وعبر برايت عن اعتقاده بأن قرار إقالته الذي صدر بحقه في 21 أبريل/نيسان 2020، كان ردا على إصراره على أن تستثمر الحكومة الأميركية مليارات الدولارات التي خصصها الكونغرس لمواجهة جائحة وباء كورونا في حلول آمنة ومدققة علميا، وليس في الأدوية واللقاحات وغيرها من التقنيات التي تفتقر إلى الجدارة العلمية.

وقال برايت في بيان مطول صدر في اليوم الثاني لإقالته: "أنا أتحدث علانية لأنه من أجل مكافحة هذا الفيروس الفتاك، يجب على العلم أن يقود الطريق وليس السياسة أو المحسوبية". 

وبحسب شبكة سي إن إن فإن برايت قال: إنه حد من الاستخدام الواسع النطاق للكلوروكين والهيدروكسي كلوروكوين، اللذين روجت لهما الإدارة كدواء سحري، معتبرا أنه يفتقر إلى الجدارة العلمية لاستخدامه في علاج كورونا.

وهو العلاج نفسه الذي دعمه الرئيس ترامب وقال: إنه ربما يتناوله رغم أنه ما زال تحت الاختبار وكان يستخدم في علاج الملاريا.

تخوفات الجمهوريين

كما تسبب ترامب في خلافات داخل الحزب الجمهوري الحاكم أدت إلى اتخاذ بعض الأعضاء قرارا بعدم تبرير قراراته خوفا من تأثير ذلك على شعبيتهم في الولايات وما يتبعه من احتمال التصويت العقابي ضدهم في انتخابات الكونغرس القادمة.

ونشرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية تقريرا في 11 مايو/ أيار تحدثت فيه عن نأي بعض النواب الجمهوريين في الكونغرس بأنفسهم عن الرئيس ترامب، مشيرة إلى وجود علامات على أن قبضة الحزب على مجلس الشيوخ في خطر.

فيما قالت نيويورك تايمز في تقرير بتاريخ 2 مايو/أيار: إن هناك جمهوريين يحاولون تحويل السباق الانتخابي القادم من استفتاء على ترامب إلى استفتاء على أشخاصهم بعيدا عن الرئيس فيما تجنب البعض الحديث عن ساكن البيت الأبيض خلال لقاءاتهم الجماهيرية. 

ويقول النائب السابق كارلوس كوربيلو - جمهوري من فلوريدا - : إن ترامب ما زال متهورا في تعامله مع أزمة كورونا، مؤكدا أن الكثير من الجمهوريين سينفصلون في الدوائر التنافسية عن ترامب في محاولة لحماية ترشيحاتهم.

وأضاف: "لقد أدرك الجمهوريون خطرا في هذا التطور، وبالتأكيد بعض الاستطلاعات الأخيرة تؤكد ذلك". 

كما أشارت الصحيفة إلى تعاون بعض الجمهوريين مع الديمقراطيين بينهم جون كاتكو الذي تعاون مع السيناتورة الديمقراطية كيرستن جيليبراند. 

ولفت كاتكو في حديثه للناخبين إلى علاقته بجيليبراند، مؤكدا أنه سيواصل العمل معها وأنه لا يتفق تماما مع ما يقوله ميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين في الكونغرس.

يضاف إلى ذلك العديد من السيناتورز الجمهوريين بينهم النائب براين فيتزباتريك الذي يرفض التعليق على تصريحات ترامب الخاصة بكورونا.

وعندما سأله أحد الصحفيين عن ملاحظات الرئيس المبكرة التي تقلل من الإصابة بالفيروس رد عليه قائلا: "عليك أن تسأله لماذا أدلى بهذه التعليقات".

واعتبرت الصحيفة أن المعضلة التي يواجهها هؤلاء الجمهوريون هي نفسها التي كان عليهم أن يواجهوها منذ انتخاب ترامب، حيث تمت دعوتهم مرارا للإجابة على تصريحاته وأفعاله الأكثر استفزازية، لكن الوباء زاد من حدة المخاطر حيث يتحمل ناخبوهم وطأة عواقبه الوخيمة.