"حرييت" تكشف آخر التوترات بين أنقرة وواشنطن حول "أس-400"

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "حرييت" التركية، مقالا للكاتبة هاندا فيرات، سلطت فيه الضوء على آخر الأحداث المتعلقة بما يربط واشنطن وأنقرة حول صفقة منظومة الصواريخ الروسية "أس-400" من جهة، والعمل المشترك بين البلدين والمتعلق بطائرات "أف-35" الأمريكية.

وقالت الكاتبة في مقالها، إن أنقرة الآن تحاول أن تخرج رابحة في ظل واقع معقد بحق، فهي من جهة تريد ألاَ تخسر واشنطن، وفي نفس الوقت لا تريد أن تخسر صواريخ روسيا، وسط جو أمني معقد تماما على الحدود مع سورية، إذ تصر أنقرة على إقامة منطقة آمنة من جهة، في وقت تواصل فيه موسكو استهداف مناطق خفض التصعيد.

وذكرت، أن قناة (سي أن بي سي) الأمريكية، نقلت خبرا عن مصادر لم تسمها، مفاده، بأن واشنطن تطالب أنقرة بإلغاء صفقة "أس-400" مع موسكو بحلول الأسبوع الأول من شهر يونيو/ حزيران المقبل، مشيرة إلى أن هذا الموعد نهائي.

عزل أنقرة

ونقلت القناة عن أحد المصادر الدبلوماسية الأمريكية، قوله: إن "دول الناتو تحتاج إلى تزويدها بآليات عسكرية تتفق مع أنظمة الناتو. أما الأنظمة الروسية فلا تناسب هذه المعايير".

وأضاف المصدر ذاته: "ما نشير إليه أن تركيا ستواجه تبعات حقيقية وسلبية إذا أكملت إجراءات الحصول على صواريخ (إس-400)".

وأوضح، أن من بين هذه التبعات عزل أنقرة عن برنامج شراء مقاتلات "أف-35" الأمريكية، وسداد تكلفة 100 مقاتلة من هذا الطراز، قدمت تركيا طلبا بشرائها لكنها لم تتسلمها بعد، إضافة إلى تعرض البلاد لعقوبات أمريكية ومن دول الناتو.

وكانت لجنة الشؤون الخارجية وافقت على طلب تقدم به نواب بارزون في الكونغرس الأمريكي بمشروع قرار جديد يطالب باستبعاد تركيا من مشروع إنتاج طائرات "أف 35"، ووقف بيع هذه الطائرات لها، وفرض عقوبات عليها، إذا قامت بشراء منظومة "أس-400" الروسية.

ونقلت الكاتبة عن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي قوله: إن "الصواريخ الروسية لا تمثل تهديدا للولايات المتحدة على أساس أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي وأن العقوبات لا تنطبق عليها".

وأكد أقصوي في الوقت ذاته، أن "جدول تسليم نظام الدفاع الصاروخي الروسي أس-400 لتركيا يسير حسب المقرر نافيا تقارير عن أن أنقرة تبحث تأجيل الاستلام استجابة لمخاوف أمريكية".

في المقابل قال وزير الدفاع التركي، إنه من الممكن عدم إدراك صفقة الصواريخ الروسية في يونيو/حزيران كما هو متفق، لكن الأشهر المقبل البتة سيتم استلامها. يأتي هذا فيما نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أمريكية، أن واشنطن تدرس بشكل جدي تعليق برنامج التدريب للطيارين الأتراك على الطائرات الأمريكية "أف-35".

من جهته، صرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية، أن تسليم الصواريخ لتركيا سيكون في موعده المتفق عليه دونما أي تأخير، فيما أجرى الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والأمريكي دونالد ترمب عددا من المحادثات الهاتفية في الآونة الأخيرة.

وجراء التوتر الحاصل بين الطرفين، قامت أنقرة الأسبوع الجاري بإطلاق سراح سركان جولجا العضو في جماعة فتح الله غولن والتي تصنفها أنقرة بإنها إرهابية.

يذكر أن السلطات التركية قررت منع سركان جولجا؛ العالم في وكالة "ناسا" الأمريكية، من السفر إلى بلاده، بعد إطلاق سراحه المشروط، فقد قال إنه يود العودة إلى الولايات المتحدة، والرجوع لوظيفته.

هنا، توقفت الكاتبة عن سرد الأحداث السياسية المتعلقة بصفقة الصواريخ الروسية من جهة وصفقة استلام الطائرات الأمريكية "أف 35" والتي تشارك أنقرة في تصنيعها من جهة أخرى،.

وتابعت الكاتبة: جلبت هذه التطورات المتعاقبة السؤال أو ماذا يحدث؟ عندما ننظر إلى البيانات الرسمية أو التقارير الصادرة عن الجهات الفاعلة حول قضية S-400 ، فقد اعتُرض على أنقرة بشكل منفصل من قبل موسكو وواشنطن، والأخيرة تقول لأنقرة، يحظر استلام الصواريخ، موسكو ترد في المقابل لا تأجيل حول استلامها.

ولفتت إلى أنها حين سألت مصادر خاصة بها في أنقرة حول ما إذا كانت هناك مدة جديدة للتأجيل أو بحث مسألة الصواريخ، قالت تلك المصادر إنه لا يوجد حديث عن ذلك.

لقد تركت الولايات المتحدة حتى منتصف يونيو/حزيران، فرصة للرد على اقتراح المراجعة بخصوص صواريخ باتريوت لكن أنقرة لم تقدم بعد ردا مكتوبا على الولايات المتحدة. ومع ذلك، تستمر المفاوضات على مختلف المستويات.

لكنه ولأكثر من مرة كان الرد التركي واحدا ارفعوا شروطكم المسبقة أولا ومن ثم نلتقي، شروط أمريكا هنا هي التوقف والتخلي عن صفقة الصواريخ الروسية، لكن أنقرة ترى أن استلام أو شراء أو البدء من جديد بصفقة صواريخ أمريكية ليس له علاقة بالصواريخ الروسية، لذا ارفعوا شروطكم المسبقة ولنتحدث تقول أنقرة.

تواصل الكاتبة قولها: إنه ومع مرور الوقت تزيد مثل هذه الأخبار حول فرض عقوبات جديدة عل أنقرة، وتصريحات من قبيل "التفكير الجدي" وأخرى من قبيل "اجتماعات في مجلس الكونجرس والشيوخ" تلك المتعلقة بتركيا، وهدفها الوحيد هو زيادة الضغط على أنقرة للتخلي عن صفقة الصواريخ الروسية.

هل تستسلم للروس؟

الكاتبة أكدت، أنه ورغم كل هذه التطورات، لا يوجد أي تاريخ جديد حول استلام أنقرة للصواريخ الروسية، إما الشهر المقبل "يونيو/حزيران" وفي أقصى تقدير أغسطس/تموز، سوف يبدأ وصول بطاريات الصواريخ الروسية للأراضي التركية.

وكان قد وصف وزير الدفاع التركي الأنباء حول تخلي أنقرة عن الصواريخ الروسية، أو حتى تأجيلها من باب "التمني" من الأطراف التي لا ترغب في ذلك.

وبحسب الكاتبة، فإنه إزاء كل هذه التطورات، بدأت الفرق الفنية بترتيب لقاء يجمع الرئيسين الأمريكي والتركي، لبحث مسائل صواريخ روسيا أس-400 والطائرات التركية أف-35. لكن هذه المرة لن يكون للناتو وجود في المباحثات، فقط لجان فنية تركية وأخرى أمريكية لبحث مخاوف الأمريكان تجاه صواريخ روسيا.

وفي الأساس، تؤكد الكاتبة، أن "الأمريكيين لا يريدون أن يتدخل الناتو، تعاملوا مع الأمر من ناحية سياسية بحتة، ولم يكن للاتفاقيات وقوانين الناتو وجودٌ في تصريحات الإدارة الأمريكية ومسؤوليها".

النقطة المهمة هنا، بحسب هاندا فيرات، هي موافقة ترامب على تشكيل هذه اللجان وقد كان من يعارض ما تنادي به انقرة حول هذه القضية. لكن موافقة ترمب هذه لا تكفي، كلنا يعرف، تقول الكاتبة، أن الأطراف الأخرى في الولايات المتحدة، مثل وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، غير راغبة في إنشاء اللجنة الفنية. ومع ذلك، في الأيام المقبلة، سيناقش وزيرا دفاع البلدين هذه المسألة.

ومن المتوقع، أن يجمع أول لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب الشهر المقبل يونيو/حزيران في اليابان. في مجموعة قمة العشرين حيث يشارك الرئيسان في القمة في 28 و29 من الشهر المقبل.

بعدها، قد يكون هناك زيارة محتملة لترامب لتركيا في أغسطس/تموز وينتظر اتصالا يجري بين المتحدث باسم شئون الرئاسة التركية إبراهيم كالين ومستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" لبحث هذه المسألة.

وبيّنت الكاتبة: هذا ليس فقط ما يجمع تركيا والولايات المتحدة في هذه الفترة، هناك نقطة مهمة أخرى، وهي "المنطقة الآمنة" التي تنادي بها أنقرة على حدود سورية معها. حيث تحدث إبراهيم كالين وجيمس جيفري عن ذلك، وقد أعطت أنقرة جيفري رسالة مفادها أن "الأعمال تسير على قدم وساق، وأنقرة على عجلة من أمرها لتنفيذ عملية شرق الفرات من أجل ذلك".

من ناحية أخرى، فإن العنوان المهم الآخر عن سوريا هو إدلب. خط أنقرة-واشنطن في هذه القضية لم ينقطع، حيث اتصل الأمريكيون بالروس ونقلوا الرسالة "اتفاق وقف إطلاق النار مهم ومحمي".