"الإذاعة الكندية": رئيس كازاخستان يترك الحكم تجنبا لسيناريوهات الجوار
قال موقع هيئة الإذاعة الكندية "سي بي سي"، إن صحف العالم اهتمت بعملية الانتقال السياسي التي شهدتها كازاخستان، بعد 3 عقود من حكم الرئيس نور سلطان نزار باييف، مشيرة إلى أنها "خطوة ذكية تضمن له الخروج المشرف من السلطة مع ضمان رفاهية أسرته وكذلك البقاء ممسكا بخيوط لعبة السلطة في بلاده".
وقال الموقع، في تقرير له، إنّ "كازاخستان اتخذت خطوة أقرب إلى الخلافة الأسرية المصمّمة بعناية، يوم الأربعاء الماضي، بعد تعيين ابنة نزار باييف، بعد يوم من تنحي والدها، في منصب يجعلها في طابور المرشحين لمنصب الرئاسة".
آخر شيوعيي الحقبة السوفيتية
ومضى الموقع يقول "استقال نور سلطان نزار باييف، الحاكم الوحيد الذي عرفته كازاخستان منذ الحقبة السوفيتية، من منصبه كرئيس للبلاد يوم الثلاثاء الماضي، مما أدى تلقائيًا إلى تعيين رئيس البرلمان الموالي له قاسم جومارت توكاييف بدلاً عنه، لكنه احتفظ بمناصب أخرى تخول له صنع القرار".
وأضاف الموقع "كأول إجراء له في منصبه، رشح الرئيس الجديد توكاييف ابنة سلفه داريغا نزار باييف البالغة من العمر 55 عامًا كرئيسة لمجلس الشيوخ، ما يعني أنها ستصبح رئيسة للبلاد بشكل تلقائي إذا ترك توكاييف منصبه قبل انتخابات العام المقبل". ولفت الموقع الكندي إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ صادقوا بإجماع على تعيين داريغا.
وأفاد تقرير "سي بي سي" أن "نزار باييف كان آخر رئيس شيوعي من الحقبة السوفيتية مستمر في السلطة في دولة سوفيتية سابقة حتى قرر التنحي هذا الأسبوع".
وأردف "إذا تبعته ابنته في نهاية المطاف إلى السلطة، فستكون هذه هي ثاني سلسلة خلافة ناجحة في دولة سوفيتية سابقة، بعد أن خلف إلهام علييف والده حيدر في السلطة في أذربيجان".
وأضاف التقرير "في خطاب تنصيبه، أوضح الرئيس الجديد أنه يعتزم الاستمرار في خدمة نزار باييف، الذي لا زال يحتفظ بمناصب عدة من بينها مناصب رئيس مجلس الأمن القوي وزعيم الحزب الحاكم".
وقال توكاييف، إن العاصمة أستانا سيُعاد تسميتها لتكون على اسم الرئيس المتنحي "نور سلطان"، كما أشار إلى أن رأي نزار باييف ستكون له الأهمية في تطوير واتخاذ القرارات الإستراتيجية، بحسب الموقع.
صراع داخل أروقة السلطة
واستبعد التقرير أن يبقى توكاييف رئيسا دائما للبلاد، متوقعا أن يظل كرئيس انتقالي، حتى اختيار رئيس دائم. ونقل الموقع عن كريس ويفر، الشريك البارز في شركة "ماكرو الاستشارية المحدودة" بموسكو، قوله "إن المنافسة الحقيقية ستكون داخل أروقة السلطة وليس في الأماكن العامة".
وأشار ويفر إلى أن "المرشح المدعوم من حزب "نور أوتان" الحاكم -الذي يفترض أنه يحظى بدعم نزار باييف- سيفوز في الانتخابات"، مضيفا "لا توجد إمكانية واقعية للمفاجأة بالنظر إلى الهياكل السياسية في كازاخستان".
ومضى التقرير يقول "كان نزارباييف حليفا وثيقا لبوتين، وحافظ على علاقات دافئة مع الصين وعلاقات تجارية ناجحة مع الشركات الغربية التي ساعدت كازاخستان في استغلال موارد ضخمة من النفط والغاز، ما جعلها واحدة من أكثر الدول السوفيتية السابقة ازدهارا من حيث نصيب الفرد من الإنتاج".
وتابع الموقع "في حين أن حكمه كان حازما ولم تكن هناك معارضة سياسية تذكر، إلا أن كازاخستان لم تواجه نفس القدر من النقد على مستوى حقوق الإنسان مثل جارتيها أوزبكستان وتركمانستان، أو الاضطرابات التي ابتليت بها قرغيزستان وطاجكستان".
واستدرك الموقع "لكن النقاد يقولون إنه كان ينبغي عليه فعل المزيد لإنشاء نظام سياسي مستقر أقل اعتمادا على حكم رجل واحد". ونوه بأن "ابنته داريغا نازار باييف شغلت في السابق منصب نائبة رئيس الوزراء، وتورطت في فضيحة فساد".
وأضاف "كما عُثر أيضا على زوجها السابق، المسؤول السابق في الحكومة، رخات علييف، مشنوقا في زنزانة سجن نمساوي قبل 4 سنوات، بعد أن أدانته محكمة في كازاخستان بالتخطيط للإطاحة بوالدها".
منافسو ابنة الرئيس
وأشار الموقع إلى أنه "رغم أن تعيين داريغا في منصب رئيسة مجلس الشيوخ يزيد من احتمالات وصولها إلى منصب رئاسة البلاد، إلا أنها ليست الوريث المحتمل الوحيد".
وأوضح "سي بي سي" أنه من بين المرشحين أيضا ابن أخ نزار باييف، سامات أبيش، مشيرا إلى أن "حظوظه متزايدة بسبب صعوده النيزكي في صفوف أمن الدولة، حيث شغل المنصب الثاني منذ عام 2015، لكنه مع ذلك يحتفظ بمكانة عامة أقل".
ولفت الموقع إلى أن رئيس أمن الدولة، كريم ماسيموف، يمثل مرشحا بارزا رغم أنه ليس من أفراد الأسرة، لكنه مقرب من نزار باييف، حيث شغل منصب رئيس الأركان ورئيس الوزراء مرتين. وتابع الموقع "يعتقد بعض المحللين أنه قد يكون هناك تعاقب جماعي، أو ترتيب على غرار الترويكا أو المكتب السياسي، بعد أن عدلت كازاخستان دستورها في عام 2017 لتقليص السلطات الرئاسية لصالح نواب البرلمان ومجلس الوزراء".
ونقل التقرير عن كبير الاقتصاديين العالميين في رينيسانس كابيتال، تشارلز روبرتسون، قوله "ما نتوقع أن نراه في السنوات والعقود المقبلة هو تحول تدريجي نحو نظام أقل اعتمادا على شخصية واحدة قوية".
وأضاف الموقع الكندي "لكن هناك شكوك حول مدى إمكانية استقرار هذا الهيكل، بالنظر إلى الأمثلة الحديثة في أوزبكستان وقرغيزستان، حيث تحرك قادة جدد بسرعة للقضاء على اللاعبين الرئيسيين الآخرين".
وأردف التقرير "على أي حال، فإن المخاوف الرئيسية للمستثمرين تتمثل في عدم اليقين والتحول من الإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل إلى سياسات شعبوية، التي بدأت العام الماضي عندما جمدت الحكومة بشكل غير متوقع تعريفات المرافق العامة، مما يعرض خطط الاستثمار طويلة الأجل للشركات للخطر".
رفاهية أسرته
واعتبر التقرير أنه "من بين السياسات الشعبوية أيضا؛ وجه نزار باييف الشهر الماضي الحكومة للاستفادة من أموال صندوق "يوم ممطر" لزيادة رواتب القطاع العام ودفعات المساعدات الاجتماعية، وبناء المنازل والبنية التحتية".
ونقل الموقع عن كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار في الأسواق الناشئة "Bank Exotix"، ستيوارت كولفيرهاوس، قوله "هناك ضغط واضح على النظام لتحسين مستويات المعيشة، وإلى حد ما لديهم بعض الموارد للقيام بذلك".
وجزمت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، أنه "لا ينبغي أن تكون هناك أوهام بأن نزار باييف سوف يتنحى فجأة دون التفاوض على صفقة تسمح بوجوده في الحياة السياسية الكازاخستانية".
ومضت تقول "بالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بالمنطقة، من الآمن أن نقول إن قادة آسيا الوسطى لا يحبون تقاسم قوتهم. إنهم يميلون إلى الحكم حتى الموت كما كان الحال في أوزبكستان في عام 2016 وتركمانستان في عام 2006. وقررت كازاخستان أن تتخذ طريقًا مختلفًا؛ ولكن ربما لا يختلف الأمر".
وقال موقع "تي آر تي" في نسخته الانجليزية، إن "هذا التحول يحدث في وقت يزداد فيه عدم اليقين الجيوسياسي لكازاخستان". وأضاف "طوال فترة ولايته الخامسة التي دامت 5 سنوات، كان نزار باييف يراقب بعناية تحولات السلطة في الدول المجاورة، حيث توفي رئيس تركمانستان صابر مراد نيازوف. كما فكك خليفته، جوربانجولي بيردي محمدوف، إرث الرئيس السابق. وكان الرئيس الأوزبكي السابق إسلام كريموف معروف بسجن وتعذيب خصومه السياسيين بوحشية. وموقفه من المعارضة السياسية والجماعات الدينية خلف الفوضى بعد وفاته".
وتابع تقرير "تي آر تي"، "في قرغيزستان، تمت الإطاحة بأول رئيسين من منصبهما بسبب الاحتجاجات في الشوارع، ولا أحد يتذكر أي منهما بأي ولع أو تعاطف". ومضى يقول "من الواضح أن نزار باييف أراد تجنب إحداث تغيير قوي في السلطة كما هو الحال في قرغيزستان، ولا يريد أن يموت في منصبه كما هو الحال في أوزبكستان، لذلك اختار تجنب سيناريو مشابه، وضمان أمن أسرته من خلال إدارة مقاعد البدلاء".
وأضاف التقرير "أن يستقيل وهو على قيد الحياة، وبشكل مستقل وبكرامة، شيء يُعتبر غير مسبوق وفريد في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي، ولهذا السبب احتل عناوين الصحف في وسائل الإعلام الرئيسية".
وأوضح التقرير أنه "من المرجح أن نزار باييف يعتقد أن هذا النوع من الانتقال سيؤمن رفاهية أسرته، خاصة مع تزايد الضغوط على الحكام كبار السن في بلدان الاتحاد السوفييتي السابق".