أعلنوها حربا مفتوحة.. ما خيارات الحوثيين في المواجهة العسكرية مع إسرائيل؟

يوسف العلي | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

أثار إعلان جماعة الحوثي اليمنية حربا مفتوحة مع إسرائيل، العديد من التساؤلات بشأن الخيارات المتاحة لديها وسط تصعيد عسكري جرى بعد قصف الأولى تل أبيب، ورد الثانية باستهداف الحديدة.

وفي 19 يوليو/تموز 2024، أعلن الحوثيون استهداف تل أبيب بطائرة مسيرة، ما أدى إلى مقتل شخص واحد وعدد من الإصابات، وذلك في خضم استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 9 شهور.

فيما ردت إسرائيل بهجوم في اليوم التالي استهدف منشآت نفطية في محافظة الحديدة اليمنية، أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 84 آخرين.

حرب مفتوحة

وعلى وقع الهجمات اليمنية وردّ إسرائيل الأخير عليها، قال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خلال خطاب تلفزيوني على قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين في 21 يوليو، إن "قدرات العدو الإسرائيلي على الردع انتهت، وإنه مهما فعل لن يتوفر له الردع أبدا".

وقال زعيم الحوثيين، إنهم "أضافوا أسلحة جديدة تم تطويرها في معركة إسناد غزة حسب متطلبات المرحلة والمعركة، وأن اختراق عاصمة العدو بطائرة مسيرة جاء ضمن المرحلة الخامسة من العمليات التي ستستمر".

وأضاف أن العدو لم يعد آمنا حتى في ما يطلق عليه عاصمته، مشيرا إلى أن التهديد والخطر الذي يواجهه سيستمران وأن قصف يافا (بنيت تل أبيب على أنقاضها بعد احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1948) يأتي ضمن معادلة جديدة.

ولفت زعيم الحوثيين إلى أن "العدو (الإسرائيلي) عجز عن إيقاف أو إضعاف عملياتنا التي تصاعدت وتطورت"، مشيرا إلى أنهم ينخرطون في هذه المعركة وهم أقوى من أي مرحلة مضت.

وفي السياق ذاته، قال المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي اليمنية محمد عبد السلام، إن "المواجهة مع العدو الصهيوني ستكون مفتوحة وبلا حدود ولا خطوط حمراء، ولن نلتزم فيها بأي قواعد للاشتباك".

وأضاف عبد السلام في حديث لقناة "الجزيرة" القطرية في 21 يوليو أن "على الإسرائيليين أن يتوقعوا رد جماعة أنصار الله (الحوثيين) في كل لحظة"، لافتا إلى أن "كل المنشآت الحساسة بمختلف مستوياتها ستكون هدفا لنا".

وعلى الجانب الآخر، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن و"كان يقترب" من الدولة العبرية، وذلك غداة غارات جوية شنها على ميناء الحديدة اليمني.

وفي وقت لاحق من يوم 21 يوليو، أعلن الحوثيون أنهم أطلقوا صواريخ عدة  تستهدف إسرائيل، ولا سيما مدينة إيلات (أم الرشراش) المطلة على البحر الأحمر.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لميناء إيلات، غِدعون غولبر، إن "العمل في الميناء توقف كليا، نتيجة عجز السفن عن المرور في أي اتجاه للوصول إلى الميناء بسبب أنشطة الحوثيين".

ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في 20 يوليو، عن غولبر أن عددا كبيرا من العمال جرى تسريحهم وأنه قد يضطر لتسريح نصف العمال.

وأشار إلى أن حجم الخسائر بلغ 50 مليون شيكل، أي قرابة 14 مليون دولار، وهي مرشَّحة للزيادة، وأن وضع الميناء "حرج للغاية".

خيارات الحوثيين

وعن خيارات الحوثيين في المرحلة المقبلة، قال الخبير السياسي والكاتب اليمني عبد الباقي شمسان، إن "إعلان الحرب المفتوحة بين الجماعة وإسرائيل يندرج ضمن الصراع السياسي والتعبوي".

وأوضح شمسان لـ"الاستقلال" أن الحوثي ينخرط في إطار ما يعرف بحرب الساحات التي تأسست على أساس أن تكون طرق الملاحة البحرية رخوة وغير آمنة مما يربك حركة السفن ويجعل المنطقة مهددة بالانفلات الأمني والتجاري.

 وبالتالي يهدد مصالح الكثير من الدول، ويعطي مؤشرات بأنه ستكون هناك حرب مفتوحة ولن تكون فقط في غزة.

شمسان استدرك قائلا: "لكن المهمة الأساسية للحوثيين أيضا، هو أنه عندما ترتفع وتيرة الضربات بين إسرائيل وحزب لله اللبناني وتوشك الحرب المفتوحة بينهما على الاندلاع، يتدخل الحوثي ويجلب الصراع إلى منطقة البحر الأحمر، حتى يمتص الحرب ضد الحزب، وهذا الأمر يتكرر دائما".

وأردف: "ما يقوم به الحوثيون اليوم هو تبادل للأدوار الوظيفية في إطار ما يعرف بوحدة الساحات، لذلك يمكن لمليشيات العراق أن تقصف على الجغرافيا الإسرائيلية، من أجل امتصاص الضغط على حزب الله اللبناني" كذلك.

وعلى أساس ما تقدم، يرى شمسان أنه "يجري إيصال رسالة بأن المعركة واسعة تمتد من البحر الأحمر إلى العراق وسوريا ولبنان، وإشعار الجميع بأن الحرب المفتوحة قادمة. وكل هذه العمليات هدفها تحسين الموقف التفاوضي الإيراني وتحديد حصتها في المنطقة".

واستبعد أن يدخل الحوثيون في حرب مفتوحة، وإنما من الممكن أن يكرروا الهجمات ضد إسرائيل، لكنهم يعرفون أن قصف الأخيرة يختلف تماما عن الهجمات التي تشنها القوات الأوروبية والأميركية ضدها ضمن عمليات "حارس الازدهار" التي انطلقت في يناير/كانون الثاني 2024 لحماية المنافذ البحرية.

ولفت إلى أن "مهمة التحالف الأوروبي الأميركي هو اعتراض المسيّرات الحوثية في منطقة البحر الأحمر، بينما إسرائيل لديها أعمالها العسكرية المباشرة والسريعة والشاملة، وبالتالي المؤثرة".

وتابع: "ما قصفته إسرائيل من مقدرات اليمنيين كبير وآثاره ستمتد لفترة طويلة، ومن الصعب معالجته بسهولة، لأن هناك خزانات نفط وموارد في الحديدة، إضافة إلى وجود معسكر للأمن السياسي والشرطة العسكرية، وحتى الآن لم يُصرح من كان من القيادات أو الخبراء في هذه المراكز". 

ضوء أميركي

وفي المقابل، رأى إبراهيم حزام الباحث اليمني، القريب من الحوثيين، أن “استهداف إسرائيل لمنطقة الحديدة في اليمن جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية”.

ونقلت إذاعة "سبوتنيك" الروسية عن حزام في 22 يوليو، قوله إن "التنسيق بين اليمن (الحوثيين) والعراق (المليشيات الشيعية) وصل إلى أعلى المستويات".

وبين أن "استهداف إسرائيل منطقة الحديدة في اليمن جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة على اعتبار أنه لا يمكن للجيش أو الحكومة الإسرائيلية بأن تضرب ضربة واحدة دون ضوء أخضر أميركي".

وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي استهدف ميناء الحديدة الدولي وهو مهم بالنسبة لليمن ولكنه منطقة غير محمية وسهلة الوصول، وبالتالي إسرائيل أرادت لهذه الضربة أن تؤثر إعلاميا أكثر من الصعيد العسكري".

ولفت حزام إلى أن “هناك معادلة واضحة اليوم مفادها أن اليمن (الحوثيين) ليس لديه ما يخسره على اعتبار أنه خرج من حرب استمرت 10 سنوات (مع الحكومة الشرعية وتحالف عربي بقيادة السعودية)”.

وبالتالي الشعب اليمني اكتسب الخبرة المطلوبة لمواجهة هذا النوع من الضربات وإعادة لملة أوضاعه، وفق تقديره.

كما بين أن "التنسيق بين اليمن (لحوثيين) والعراق (المليشيات الشيعية) وصل إلى أعلى المستويات، أما في ما يتعلق بـ(حزب الله) اللبناني فقد يصل التنسيق إلى حد تنفيذ عمليات مشتركة".

وحذر حزام من “النوايا الإسرائيلية التي تهدف إلى إشعال حرب في المنطقة، لا سيّما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو”.

وأوضح أن نتنياهو يسعى إلى تحقيق أهداف شخصية من استمرار العدوان على غزة، و"عليه يجب على الدول التي تريد الحفاظ على أمن منطقة الشرق الأوسط أن تتحرّك".